"معرفة".. تبشير بالكارثة والفناء
للخيال العلمي أن يسأل عن النهايات، أن يتحالف مع الكوارث، ويبحث عن نهاية لهذا الكون تتخذ من العلم أو غيره معبراً إليها، لكن، يبقى الخيال أولاً وأخيراً من يمتلك القول الحسم في أفلام ترصد ما سيصير إليه الكون في المستقبل غير البعيد، كون الإنتاجات الجديدة لا تبعد أكثر من بضع سنوات عن ،2009 كما الحال في الفيلم المرتقب 2012 الذي يبني مقولته ربما على فيلم وثائقي، يؤكد فيه أن هذا التاريخ موعد فناء الأرض على يد الشمس، وفي اتباع لنبوءة نوستراداموس، وفي تعقب علمي يحاول إثبات صواب هذه النبوءة التي تعود إلى أكثر من 500 سنة.
لن تكون أفلام الخيال العلمي الأميركية في منأى عن الدين أيضاً، وتوظيفه في ما يخدم الرؤية المصرة على كارثية القادم، الأمر الذي كان ومازال هاجس الإنسانية، كما لو أنها تضرب موعداً متجددا مع فنائها في كل عصر، أو مرحلة، ووفق إملاءات التطورات التي تطرأ على مسيرتها.
لا يفوتنا تأكيد أن الخيال معبر رئيس لما يحمله المقبل، ويتيح التعرف إلى ما تهجس به الحضارة الإنسانية التي تتفقد المستقبل، وتعمل في اتجاهه، بعيدا عن خيالنا المعطل الغارق في واقع له أن يكون أغرب من أي مستقبل، هذا إن كان في مقدورنا الاقتناع بأن هناك مستقبلاً خارج حركة النكوص إلى الوراء.
لن نسترسل أكثر ونحيد عن التقديم لفيلم آخر عرض في دورنا المحلية، حمل عنوان Knowing (معرفة)، والذي يأتي تماماً مما بدأنا به، لكن، مع عوامل أخرى تشويقية لها أن تشد المشاهد بحبالها، وتدعه يتعقب ما يقدمه.
«معرفة» الذي أخرجه ألكس بروياس مأهول بالكارثة، ويضرب لنا موعداً مع الفناء لايفصلنا عنه سوى أشهر قليلة، ويستثمر في فكرة إحراق الشمس للكون في قالب تشويقي متقن مستعيناً بكل الأدوات المتاحة لتحقيق هذا الهدف.
يبدأ الفيلم من ،1959 وفي مدرسة يكتب فيها الطلاب رسائل إلى من سيأتون بعد 50 سنة إلى مقاعد الدراسة في مدرستهم، ولتوضع هذه الرسائل في كبسولة معدنية، ومن ثم داخل حفرة ضمن احتفال رسمي، ومن هؤلاء الطلاب الصغار، طالبة تكون صاحبة الفكرة التي نقع عليها، وهي محاصرة بهمسات متداخلة تدفعها إلى كتابة رسالة مليئة بالأرقام.
يعود الفيلم إلى عام ،2009 والبروفسور جون (نيكولاس كيج) الذي يؤرقه سؤال علمي، يتمثل في أن هذا الكون نشأ مصادفة أم في قصدية منطقية. لكن، مهلاً ماذا لو عرفنا ما الذي سيحدث في المستقبل، ماذا سيصير إليه هذا السؤال.
الإجابة على سؤال بسؤال سيحرك الفيلم باتجاه المستقبل، حيث ستقع رسالة الفتاة سابقة الذكر في يد ابن جون، وسيكتشف في مصادفة عجيبة أن هذه الأرقام تشير إلى تواريخ كوارث حدثت وستحدث. وعليه، يمضي جون في تعقبها، وهو يرى بأم عينيه دقتها التي تطال ليس التاريخ فقط بل المكان والساعة، إلى أن يصل إلى آخر تاريخ تحمله الرسالة، وهو تاريخ فناء الأرض أو احتراقها، كما سنرى في النهاية.
هناك ما يستدعي الاطمئنان في ما يتعلق بالسلالة البشرية، فهي لن تختفي، ولن يعود لها أي وجود، بل هناك من ينجو وبطريقة انتقائية، تأتي من خلال رجال غامضين، نشاهدهم طوال الوقت يحومون حول ابن جون، الذي يسمع همسات متداخلة طوال الوقت، كما أن هذه النجاة ستكتب لحفيدة الطالبة التي كتبت رسالة الأرقام، وكلاهما سيصعدان في مركبة سحرية، بمساعدة أولئك الرجال، ويكملان حياتهما في عالم آخر وقد حمل كل منهما أرنباً.
يغوي الفيلم بالمتابعة، ولعل السيناريو الذي كتبه ثلاثة كتّاب يجد حلولاً دائمة لإبقاء التشويق على أعلى درجاته، وفي تمازج بين الغموض والترقب والخيال العلمي، ولتكون النتيجة فيلماً مشوقاً يبشر بالكارثة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news