«ميديا».. حب له أنياب ومخالب
في التراجيديات ما يغوي باستعادتها ووضع المتفرج وجهاً لوجه أمام ما له أن يشكل منبعاً أو نواة أولى لإبداع إنساني له أن يطهر العواطف وغير ذلك من عتاد مسرحي كلاسيكي ومسرحيات كانت حول الملوك والرجال العظام في تضخيم لكل شيء بحثاً عن دوافع انسانية راسخة وعميقة، ونهايات لن تكون إلا بأكبر عدد من الميتات.
قد يمضي الحديث نحو خشبة المسرح وإلى ما قبل الميلاد، ومن ثم يمضي قدماً إلى العصور الحديثة والقفزات التي حققها المسرح على صعيد التجديد، وليبقى الحنين دائماً إلى المنابع، وليطرأ جديد عليها له أن يكون حاضراً من خلال السينما، والكيفية التي قاربت بها أعمال يوربيدس وسوفوكليس وشكسبير وغيرهم من عتاة المسرح التراجيدي، وليحضر في الحال المخرج الإيطالي بيير باولو بازوليني وفيلمه الشهير Medea «ميديا» المأخوذ عن مسرحية الكاتب الإغريقي يوروبيدس، والكيفية التي قدم فيها هذا العمل عام 1969 وذلك قبل تقديمه أفلامه الثلاثة المأخوذة عن أمهات الأدب القصصي الكلاسيكي المتمثلة في «الديكاميرون» و«ألف ليلة وليلة» و«حكايا كونتربري» والتي سبق أن عدنا إليها في أكثر من مقال.
نحن الآن هنا في حضرة «ميديا» ومكونات امرأة اسطورية جسدتها مغنية الأوبرا ماريا كالاس في دورها الوحيد في السينما، والذي جاء محملاً بكل بشيء مما صاغها عليه يوربيدس قبل أكثر من 2000 سنة، وليمضي بازوليني في معالجته السينمائية للمسرحية خلف تقديمها على ما هي عليه بوصفها تجسيدا لأقصى درجات الشر، وعودة متوحشة للبدائية وفق املاءات أنوثتها العالية. كل ما تقدم سيتضح ونحن نعرض لقصة الفيلم، التي تبدأ مع جاسون وهو طفل يتلقى ما يعده لوراثة عرش والده المسلوب، وما أن يكبر حتى يعود إلى بلاده بغية تحقيق ذلك، فيطلب منه عمه الحصول على رأس ذهبي يعبده أقوام بربرية.
تلك الأقوام سيقدمها بازوليني بطريقة خاصة جدا، وفي مجموعة من اللقطات تقول كل شيء ونحن نراها كيف تتعامل مع أضحية بشرية، يتم قتلها ومن ثم تقطيع جسدها ورمي كل قطعة منه في أرض، وري النباتات من دمائه في مسعى لاستجداء الآلهة أن ترأف بالزرع ولا تبخل عليها بالأمطار، مشاهد مدهشة ومحكمة من الصعب أن تفارق الذاكرة.
سرعان ما سنتعرف إلى ميديا التي تقع في غرام جاسون من أول نظرة، لا بل يغمى عليها وهي تراه عارياً أمامها، وتقوم بسرقة الرأس الذهبي وهي كاهنة هذا الإله لأجل لعيون جاسون، لا بل إن هربها معه يدفعها إلى الإقدام إلى ما هو أشد توحشاً وهي تمضي مع حبيبها، إذ تقوم بقتل أخيها وتقطيع أعضائه ورميها خلفها لتعطل ملاحقة جيش قبيلتها لجاسون ورجاله، وعليه ينشغل مطارديهم بجمع الأشلاء بدل اللحاق بهم. وتذكروا أننا أمام تراجيديا تطمح عدا تصويرها المأساة التي ستأتي في آخر الفيلم كالعادة، إلى تقديم ميديا بوصفها خلاصة الشرور النسوية.
زواج ميديا من جاسون سيترتب عنه ابنين، لكن ما أن يقرر جاسون هجرانها وزواج ابنة الملك حتى تشتعل شرورها مجددا، وتلجأ إلى قدراتها السحرية، فتقوم بإرسال هدية لها أن تكون مسحورة تودي بحياة زوجة جاسون الجديدة ومعها والدها، وهنا يقترح بازوليني نهايتين الأولى عبر الحرق وهي الواردة في النص الأصلي للمسرحية، والأخرى بإلقاء نفسها من أعلى القلعة ومن ورائها والدها، ومن ثم اقدام ميديا على قتل ابنيها، ومنع جاسون حتى من دفنهما.
يبدو الأمر هنا مفرطا في الوحشية، لكننا لسنا هنا في وارد تتبع تلك التوصيفات، بقدر ما نمضي خلف تتبع شخصية ميديا، والكيفية التي عالج بها بازوليني والأثر الأدبي الذي خلقها، هناك الكثير لنتكلم عنه بخصوص مواقع التصوير، وعن صياغة الأزياء والمعطيات البصرية بما يتناغم مع ما لميديا أن تمثله، لا بل إن الأمر يمضي بنا إلى اقتراحات بصرية متعلقة بالمكان والزمان، ومعالجة سينمائية خاصة لما له أن يكون واقعا أسطورياً يمنح لذة خاصة، ونحن نراها على الشاشة الكبيرة. شاهدوا «ميديا» وستعرفون كم من الجمال يمكن أن تحتكم إليه البدائية والوحشية، وكيف للحب أن يكون متوحشاً من شدة رقته.
قد يمضي الحديث نحو خشبة المسرح وإلى ما قبل الميلاد، ومن ثم يمضي قدماً إلى العصور الحديثة والقفزات التي حققها المسرح على صعيد التجديد، وليبقى الحنين دائماً إلى المنابع، وليطرأ جديد عليها له أن يكون حاضراً من خلال السينما، والكيفية التي قاربت بها أعمال يوربيدس وسوفوكليس وشكسبير وغيرهم من عتاة المسرح التراجيدي، وليحضر في الحال المخرج الإيطالي بيير باولو بازوليني وفيلمه الشهير Medea «ميديا» المأخوذ عن مسرحية الكاتب الإغريقي يوروبيدس، والكيفية التي قدم فيها هذا العمل عام 1969 وذلك قبل تقديمه أفلامه الثلاثة المأخوذة عن أمهات الأدب القصصي الكلاسيكي المتمثلة في «الديكاميرون» و«ألف ليلة وليلة» و«حكايا كونتربري» والتي سبق أن عدنا إليها في أكثر من مقال.
نحن الآن هنا في حضرة «ميديا» ومكونات امرأة اسطورية جسدتها مغنية الأوبرا ماريا كالاس في دورها الوحيد في السينما، والذي جاء محملاً بكل بشيء مما صاغها عليه يوربيدس قبل أكثر من 2000 سنة، وليمضي بازوليني في معالجته السينمائية للمسرحية خلف تقديمها على ما هي عليه بوصفها تجسيدا لأقصى درجات الشر، وعودة متوحشة للبدائية وفق املاءات أنوثتها العالية. كل ما تقدم سيتضح ونحن نعرض لقصة الفيلم، التي تبدأ مع جاسون وهو طفل يتلقى ما يعده لوراثة عرش والده المسلوب، وما أن يكبر حتى يعود إلى بلاده بغية تحقيق ذلك، فيطلب منه عمه الحصول على رأس ذهبي يعبده أقوام بربرية.
تلك الأقوام سيقدمها بازوليني بطريقة خاصة جدا، وفي مجموعة من اللقطات تقول كل شيء ونحن نراها كيف تتعامل مع أضحية بشرية، يتم قتلها ومن ثم تقطيع جسدها ورمي كل قطعة منه في أرض، وري النباتات من دمائه في مسعى لاستجداء الآلهة أن ترأف بالزرع ولا تبخل عليها بالأمطار، مشاهد مدهشة ومحكمة من الصعب أن تفارق الذاكرة.
سرعان ما سنتعرف إلى ميديا التي تقع في غرام جاسون من أول نظرة، لا بل يغمى عليها وهي تراه عارياً أمامها، وتقوم بسرقة الرأس الذهبي وهي كاهنة هذا الإله لأجل لعيون جاسون، لا بل إن هربها معه يدفعها إلى الإقدام إلى ما هو أشد توحشاً وهي تمضي مع حبيبها، إذ تقوم بقتل أخيها وتقطيع أعضائه ورميها خلفها لتعطل ملاحقة جيش قبيلتها لجاسون ورجاله، وعليه ينشغل مطارديهم بجمع الأشلاء بدل اللحاق بهم. وتذكروا أننا أمام تراجيديا تطمح عدا تصويرها المأساة التي ستأتي في آخر الفيلم كالعادة، إلى تقديم ميديا بوصفها خلاصة الشرور النسوية.
زواج ميديا من جاسون سيترتب عنه ابنين، لكن ما أن يقرر جاسون هجرانها وزواج ابنة الملك حتى تشتعل شرورها مجددا، وتلجأ إلى قدراتها السحرية، فتقوم بإرسال هدية لها أن تكون مسحورة تودي بحياة زوجة جاسون الجديدة ومعها والدها، وهنا يقترح بازوليني نهايتين الأولى عبر الحرق وهي الواردة في النص الأصلي للمسرحية، والأخرى بإلقاء نفسها من أعلى القلعة ومن ورائها والدها، ومن ثم اقدام ميديا على قتل ابنيها، ومنع جاسون حتى من دفنهما.
يبدو الأمر هنا مفرطا في الوحشية، لكننا لسنا هنا في وارد تتبع تلك التوصيفات، بقدر ما نمضي خلف تتبع شخصية ميديا، والكيفية التي عالج بها بازوليني والأثر الأدبي الذي خلقها، هناك الكثير لنتكلم عنه بخصوص مواقع التصوير، وعن صياغة الأزياء والمعطيات البصرية بما يتناغم مع ما لميديا أن تمثله، لا بل إن الأمر يمضي بنا إلى اقتراحات بصرية متعلقة بالمكان والزمان، ومعالجة سينمائية خاصة لما له أن يكون واقعا أسطورياً يمنح لذة خاصة، ونحن نراها على الشاشة الكبيرة. شاهدوا «ميديا» وستعرفون كم من الجمال يمكن أن تحتكم إليه البدائية والوحشية، وكيف للحب أن يكون متوحشاً من شدة رقته.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news