فنانون: السوق الإعلانية تشوّش على المسلسلات
رفض ممثلون قول نقاد ومتخصصين في الدراما التلفزيونية إن العام الجاري يعد الأسوأ منذ سنوات طويلة في مسيرة الدراما التلفزيونية في الوطن العربي، بشكل عام. ورأى فنانون استطلعت «الإمارات اليوم» آراءهم أن تقليد الارتباط السلبي الذي نسجته شركات الدعاية بين الأعمال المهمة والرواج الإعلاني هو ما جعل تداعيات الأزمة الاقتصادية تصل إلى الصناعة التي أصبحت أساسية في مدن عربية كثيرة، بعد أن كانت مقتصرة فقط على القاهرة، حسب تصريحات بعضهم.
اسألوا الجمهور في مقابل آراء نقدية قللت من تميز في المنتج الدرامي لعام 2009 الذي لا يتوقع أن يحمل ما تبقى منه جديداً في السياق العربي، طالب ممثلون باعتماد آراء الجمهور في الحكم على أعمال «قالوا إنها لم تُشاهد بتعمق في ظل الزخم الدرامي الهائل في شهر رمضان». وفيما رأى مديرو قنوات فضائية أن شركات الدعاية والإعلان باتت شريكاً رئيساً لا يمكن إنكار دوره في تحديد ملامح أي دورة برامجية، اعتبر فنانون أن رواج سوق الإعلانات يشكل تركة ثقيلة على صناعة الدراما التلفزيونية، بسبب تحمسها في اختيارات القنوات الفضائية لنجوم بعينهم، فضلاً عن أوقات بث المسلسلات، والمبالغة في تمزيق أوصال أحداثها بفواصل إعلانية كثيرة. ولم يبرز نجوم الصف الأول، بطبيعة الحال، تأففهم من «وصايات» أصحاب شركات الدعاية الكبرى باتجاه أعمال تعتمد على أسماء بعينها. وقالت الفنانة المصرية يسرا إن «الدراما المنتج التلفزيوني الأكثر إفادة لشركات الدعاية»، ورأت أن الأخيرة قد تسببت في أضرار بالغة بالعمل الدرامي، أبرزها أن تلك الشركات باتت بمثابة المرجعية الأولى لنجاعة المسلسل من عدمه . |
غياب أعمال من طراز «ليالي الحلمية» و«أرابيسك» قديماً و«حاير طاير» و«صراع على الرمال»، و«يتربى في عزو» وغيرها حديثاً، فضلاً عن خفوت وهج أحد أشهر المسلسلات ذات الأجزاء المتعددة، وهو «باب الحارة»، ليست دليلاً من وجهة نظر الفنانة المصرية يسرا على صحة تلك الأحكام، وقالت لـ «الإمارات اليوم» «لا يمكن الحديث على الدراما التلفزيونية في سياق يضعها جميعاً في سلة واحدة، فهذا المنتج، تماماً كأي منتج فني آخر، منه الجيد ومنه الرديء، وبينهما وأيضاً تتعداهما، أعمال كثيرة يتباين مستوى جودتها، وفي الوقت الذي جاءت فيه أعمال هذا العام فقيرة فنياً، هناك أعمال كثيرة حظيت بقول جماهيري ونقدي لافت»، رافضة في هذا السياق تسمية أعمال بعينها.
حلول
ودعت يسرا إدارات القنوات الفضائية إلى التوصل إلى حلول «تحمي الدراما التلفزيونية من سطوة المعلن، وتحكماته التي أصبحت تشكل توجهات قنوات كثيرة»، معتبرة أن ما قدمته الدراما للسوق الإعلانية من تنشيط لم يحققه لها أي مجال آخر، في مقابل أن للأخيرة تأثيرات سلبية كثيرة على مجمل المنتج الدرامي التلفزيوني العربي.
واعتبر المخرج السوري حاتم علي أن مستوى الدراما التلفزيوينة في هذا العام لم يكن الأسوأ كما يتم الترويج له، وقال إن «الزخم الدرامي من حيث عدد المسلسلات خلال شهر رمضان هو ما قد يوحي بذلك، حيث إن ارتفاع الكيف من المؤكد أنه سيسهم في مزيد من التشتيت للمشاهد، لاسيما أن هناك مسلسلات كثيرة كانت تعرض أيضاً على فضائيات مختلفة، على نحو يفاقم حالة الإرباك الذي أصبح ظاهرة رمضانية في ما يتعلق بالدراما التلفزيونية».
ورأى علي أن العلاقة بين الدراما التلفزيونية والإعلان بمثابة شر لابد منه، على الرغم من عدم ظهوره على السطح من زاوية المشاهد الذي تُختزل تأثيراته بالنسبة له على عدد الفواصل الإعلانية ومدتها، فيما الأمر يتعدى ذلك بالنسبة لصناعة الدراما نفسها، من حيث توجهات وخيارات شركات الدعاية والإعلان التي تبدو محسوبة لدى لاعبين أساسيين كثيرين في مجال الإنتاج الدرامي، وبشكل خاص ما يتعلق منه بالعرض خلال شهر رمضان المبارك.
تحفظات
وأبدى الفنان السوري جمال سليمان تحفظات قوية على الأسس، أو المعايير، التي يتم الاحتكام على أساسها في تقييم حصاد عام كامل من العمل الدرامي، وقال «إذا أردنا التوصل إلى معايير حقيقية في هذا المجال، يجب أن تكون متعلقة بتساؤل منطقي مفاده: لمن تُقدم تلك الأعمال؟ ولماذا؟ فإذا كان الجمهور هو المتلقي الذي يمثُل دائماً في أذهان أسرة العمل والقائمين عليه، فإنه أيضاً يجب أن يكون الحكم في الإقرار بمدى سوية الأعمال التي تم تقديمها عام 2009 ومدى نجاعتها». وإضاف «إذا كان الهدف معالجة أحد جوانب الواقع العربي، فضلاً عن إمتاع المشاهد بجماليات العمل الدرامي، وغير ذلك من الأهداف المعروفة للعمل الدرامي، حسب نوعه، فيجب أن نبحث بموضوعية في مدى تحقيق تلك الأهداف، بعيداً عن إطلاق أحكام عامة، من الممكن أن تكون مجحفة لنجاحات الدراما العربية التي تحققت هذا العام».
وتحفظ الفنان أحمد الجسمي الذي قدم تجربة جمعت بين الإنتاج والتمثيل في ثلاثة أعمال مختلفة هذا العام، عن إطلاق حكم قاطع بالنسبة له في ما يتعلق بدراما ،2009 فلم يكن متابعاً جيداً للوجبة الأهم من الدراما التي تم عرضها خلال شهر رمضان الماضي، بسبب انشغاله حينها باستيفاء حلقات مسلسل «عجيب غريب»، لكنه يوكد في الوقت نفسه أن «الدراما التلفزيونية الإماراتية والخليجية حققت حضوراً استثنائياً هذا العام، صعّبت من خلاله المنافسة على نظيرتيها المصرية والسورية العام المقبل».
علامة صحية
ورأى الممثل البحريني علي الغرير الذي قام ببطولة مسلسل «سوالف طفاش» أن الزخم في المعروض الدرامي، من حيث غزارة الإنتاج، ليس سلبياً كما يتم معالجته إعلامياً، واعتبره علامة صحية لمصلحة الدراما العربية، وقال «كل مسلسل جديد هو إضافة للمخزون الدرامي العربي، ويبقى المحك بعد ذلك ما إذا كانت الإضافة كمية فقط، أو نوعية أيضاً، لكنها على أسوأ الأحوال تحرك سكوناً درامياً يتعلق بفريق عمل متكامل من ممثلين ومخرج وشركة إنتاج، وطاقم فني، على نحو يصب بكل تأكيد في مصلحة تنشيط الحركة الدرامية».
ونفى الغرير أن يكون الحراك الدرامي هذا مرتبطاً برواج سوق الدعاية والإعلان، بسبب اعتماد شركات كثيرة في حملاتها الدعائية على القنوات الفضائية على مدار العام، وليس خلال شهر رمضان فحسب. وقال «العمل الجيد هو ما يسيل له لعاب شركات الدعاية والإعلان، وليس العكس، ولولا المُنتج الدرامي لأُغلقت الكثير من تلك الشركات، لا سيما في ظل تداعيات الأزمة المالية العالمية».
ولم تخرج الفنانة الإماراتية رزيقة طارش هي الأخرى عن الإجماع الفني الذي لا يلتفت إلى دعاوى نقدية، تفيد بأن 2009 شهد تراجعاً فنياً في المنتج الدرامي العربي جعله الأسوأ منذ سنوات، محيلة إلى «نجاحات حققها الحضور المحلي بشكل خاص هذا العام، على شاشات الفضائيات المحلية والخليجية».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news