كنوز أثرية عراقية في متحف بنسلفانيا

يعرض متحف لعلم الإنسان والآثار تابع لجامعة بنسلفانيا رأساً بشرياً يغطيه غطاء مزين بالذهب وجواهر اللازورد، ولا تظهر له معالم واضحة إلا الأسنان، وذلك في إطار معرض حول كنوز حضارة العراق القديمة. والرأس هو كل ما تبقى من خادمة أحد ملوك بلاد ما بين النهرين، ودفن قبل نحو 4500 عام مع كل ثروة الملك أو الملكة، وكل أفراد الحاشية الملكية. وعثر على رفات الخادمة والمئات الآخرين في 16 مقبرة ملكية، تصدرت أخبارها عناوين الصحف في شتى أنحاء العالم في العشرينات من القرن الماضي، عندما اكتشفها عالم الآثار البريطاني السير ليونارد وولي في بلدة أور القريبة مما يعرف الآن بمدينة الناصرية في جنوب العراق. وللمرة الأولى منذ أكثر من 10 سنوات يعرض الرفات مع نحو 220 قطعة أخرى عثر عليها في الموقع، في متحف بنسلفانيا، وذلك من خلال معرض يلقي ضوءاً جديداً على أحد أعظم الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين.

ويفتتح معرض «تاريخ العراق القديم.. إعادة اكتشاف مقبرة أور الملكية» اليوم، ليضع كنوز أور في السياق التاريخي لمنطقة تعرف بأنها «مهد الحضارة»، ويحكي قصة الاكتشافات التي جرت بين عامي 1922 و1934.

وكانت القطع المعروضة قد تنقلت في جولة على متاحف الفن في الولايات المتحدة، على مدى السنوات الـ10 الأخيرة، وأعيدت إلى متحف بنسلفانيا الذي شارك في رعاية حملة الاكتشاف الاصلية عام 1922.

وقال أمين المتحف، ريتشارد زتلر، إن المعرض يركز على الأهمية التاريخية والثقافية للقطع بدلاً من القيمة الجمالية التي تهتم بها المتاحف الفنية.

ولم يتم تسميم خدم الملك الذين عثر على رفاتهم في المقابر كما قال وولي، لكنهم قتلوا بالضرب بآلة حادة على الرأس من الخلف، وهي نظرية أشار زتلر إلى أن فحوصاً بالأشعة المقطعية أجراها مستشفى جامعة بنسلفانيا تؤيدها. وبعد الموت، كانت الجثث تجفف وتحفظ لإظهار ثروة الملك وسلطته، حتى بعد الوفاة.

والقطعة الرئيسة في المعرض هي غطاء رأس الملكة «بوابي»، المزين بأربعة كيلوغرامات من الذهب، و3600 قطعة من العقيق وحجر اللازورد.

ويضم المعرض أيضاً قيثارة يزينها رأس ثور وتمثال «كبش في الأدغال» النادر الصغير الذي يصور كبشاً يأكل أوراق شجرة، ومصنوع من الذهب والنحاس وحجر اللازورد. وقال زتلر إن ثراء كنوز أور يشير إلى رخاء كانت تعيش فيه حضارة ما بين النهرين، ونجاحها في التجارة مع مناطق بعيدة، مثل وادي الأندوس وحضارة شرق البحر المتوسط التي كانت توفر لها المعادن والأحجار الكريمة، مقابل الحصول على منسوجات ومنتجات زراعية. وأضاف «تقدم الكنوز صورة لحضارة راقية ومحكمة للغاية».

ولإلقاء الضوء على قصة اكتشاف مقابر أور، يشير المعرض إلى شخصيات زارت الموقع، منها تي.أي لورانس، الذي يعرف بلورانس العرب، وكان وسيطاً بين علماء الآثار والحكومة البريطانية، وكذلك كاتبة الروايات البوليسية البريطانية الشهيرة أغاثا كريستي، والتي كتبت روايتها «جريمة في بلاد ما بين النهرين»، استناداً إلى ما شاهدته هناك.

تويتر