شائعات الفنانين.. دراما نهاية الأسبوع

يسرا: مطلقو الشائعات البغيضة مرضى نفسيون.

«مات فنان العرب محمد عبده.. إنا لله وإنا إليه راجعون»، آخرة الشائعات الأسبوعية التي تم تداولها في رسالة نصية قصيرة، عبر الهواتف النقالة نهاية الأسبوع الماضي، سبقتها شائعة أخرى منذ أسابيع عدة، في أوساط جمهور الفنان الإماراتي عبدالله بالخير قال ناسجوها إن بالخير فارق الحياة أثناء وجوده في القاهرة، قبل أن يضطر الأخير إلى المسارعة إلى طمأنة محبيه، وهو أمر طال أيضاً في الفترة الزمنية القريبة ذاتها المطربة السورية أصالة نصري التي حددت الشائعة مكان تعرضها لحادث أدى لوفاتها هذه المرة، وهو شارع الشيخ زايد بدبي.

هذه الشائعات التي أصبحت في الأشهر الأخيرة، دراما مؤسفة موعدها نهاية كل اسبوع تقريباً، لا يلتفت مطلقوها إلى الآثار النفسية الكبيرة التي يحدثونها بشكل خاص عند أولئك المرتبطين بعلاقات قوية مع ضحايا شائعاتهم، ولا ينال من عزيمتهم ومثابرتهم على صياغة الأكاذيب وصف الحالة النفسية التي أحدثوها لدى أقرباء المنوطين بشائعاتهم، وهو أمر رصدته «الإمارات اليوم» في حالتي بالخير وأصالة، لأن الشائعة كما الإرهاب لا دين لها، وفي حين أن مجرد نفث الأحقاد هو السبب الرئيس الذي يراه فنانون وراء فبركة اخبار كاذبة حولهم، فإن آخرين أكدوا أن بعض الشائعات التي راجت حولهم مبعثها مغرضون يرون أن من مصالحهم الخاصة إحداث بلبلة ما حول شخصيات بعينها، فيما يقف الفنانون محور الشائعات في بعض الأحيان وراء نسجها لأسباب كثيرة أيضاً تتعلق بمصالح خاصة.

فأل سيئ

ومن الفنانين الذين يعدون هدفاً مكرراً للشائعات الفنان جواد العلي الذي أعرب في تصريح لـ«الإمارات اليوم» عن استيائه للكم الكبير من الشائعات الذي لاحقه، مضيفاً «سمح المغرضون لأنفسهم بأن يخوضوا في كل شيء معي، وتجاوزوا كل الخطوط الحمر، وتحدثوا بشكل غير أخلاقي ناسجين افتراءات تمس الشرف والسمعة، والدين والانتماء الوطني، وغيرها». معتبراً أن أحقاد البعض هي ما حفز لمعظم تلك الشائعات، التي كان أحدها عبارة عن حوار كامل تم اختلاقه في إحدى المجلات الأسبوعية التي تصدر في العاصمة اللبنانية بيروت، جعلته زوجاً لا يحمل العصمة لإحدى المطربات الكويتيات.

وعلى الرغم من لجوئها إلى نشر بيان صحافي عقب انفصالها عن زوجها، رئيس شبكة قنوات نجوم الإماراتي سهيل العبدول، فإن أخباراً كثيرة غير صحيحة تدخل في دائرة الشائعات نُسجت حول الفنانة ديانا حداد، أكدت أنها لن تدفعها إلى الكشف عن تفاصيل بعيدة عن منتجها الحقيقي الذي ينتظره الجمهور، وهو جديدها الفني وليس الشخصي، حسب تصريحها لـ«الإمارات اليوم»، فيما تصف الفنانة المصرية يسرا مطلقي الشائعات «البغيضة» بـ«المرضى النفسيين» على حد تعبيرها، مضيفة هناك شائعات قد تكون مقبولة، في حين يصل بعضها الآخر إلى حد السخافة عندما يتعلق بسلامة أي شخص قد تكون الشائعة بمثابة الفأل السيئ بالنسبة له، فضلاً عن ضررها النفسي البالغ لكل من يهمه أمره سواء بالنسبة لأهله وأصدقائه، وأيضاً جمهوره».

بالخير أضطر إلى لقاءات إعلامية كثيرة للقضاء على شائعات حول صحته.

ليس للنشر

لكن محور الشائعة ليس ببعيد في كل الأحيان عن صناعتها، حيث يؤكد إعلاميون أن الكثير من الفنانين يحاولون تمرير بعض المعلومات إليهم بشكل غير مباشر عن طريق العبارة الشهيرة «هذا الكلام ليس للنشر»، وهو ما يجعل تلك المعلومات التي يكون معظمها مغلوطا تنتشر بالفعل عن طريق الإعلاميين أنفسهم بعيداً عن نشرها في الدوريات الصحافية، في نمط من الشائعات غالباً ما يهدف من خلاله الفنان إلى زج معلومات بعينها يعتبرها تسهم في تنشيط حضوره على الساحة الإعلامية، أو تنال من بعض منافسيه دون الدخول في مواجهات مباشرة.

رغم ذلك ليس البحث عن مزيد من الشهرة هو الدافع الوحيد بالنسبة للفنانين لنشر شائعة بعينها، بقدر ما هو عدم الحرص على تصحيح شائعة ما قد تتولد عنها شائعة أخرى، وهو أمر ينطبق على شائعة خصومة حادة نشبت بين الممثل السوري جمال سليمان ومواطنه سامر المصري، استسلم كلاهما لها للدرجة التي راحا بالفعل يتظاهران بذلك أمام عدسة مصور «الإمارات اليوم» الذي عرض عليهما مصافحة صلح توثقها عدسته في أحد مهرجانات السينما العربية، في الوقت الذي استفاد الفنان العراقي ماجد المهندس كثيراً من الأخبار التي تعلقت بأنباء حادثه في فرنسا، الذي احتل مساحات كبيرة من صفحات الفن في كثير من الدوريات الصحافية حينها، قبل أن يتأكد أن الخبر قد جرى تضخيمه بشكل كبير أدى إلى ما يشبه المولد الجديد للمهندس الذي حرص صديقه المخلص ومدير أعماله الشاعر فايق حسن حينها على مد معظم وسائل الإعلام العربية بصور عن الحادث الذي وقع في فرنسا!

وعلى الرغم من القدرة الفائقة لمواقع الإنترنت، والرسائل النصية القصيرة، على نشر الشائعات في زمن قياسي، فإن الأمر يغدو أكثر سرعة عندما يتبنى بعض الفضائيات نشر شائعة ما لأغراض خاصة، أيضاً ، لاسيما وأن هناك الكثير من الفضائيات المتخصصة ببث الأغاني المصورة تعود ملكيتها لبعض مالكي شركات الإنتاج الفني أنفسهم، الأمر الذي يجعلهم حريصين على بث شائعات تروج للمطربين الموقعين مع شركاتهم، أو تنال من شعبية منافسيهم، وهو أمر بدا بشكل واضح على شاشة قناة «مزيكا» التي تعود إلى صاحب شركة «صوت الفن» نفسه وهو محسن جابر، عبر شريط الأخبار الذي تبثه القناة.

وفي مقابل، شريط الأخبار الذي يفترض تحريره بمهنية، فإن هناك شريطا آخر لا يدخل محتواه ضمن مسؤولية القنوات الفضائية، وهو المتعلق بالرسائل النصية القصيرة التي يبعث بها الجمهور، والتي تتحول إلى بيئة خصبة ايضاً لنشر الشائعات سواء من هواة صنعها أو المنتفعين منها، ما بين نفث لأحقاد في ظل بيئة تنافس غير صحي، وتحقيق مكاسب دعائية في حملات غير مدفوعة الأجر يؤججها النجم وينفذها العامة الذين يخلصون في نشرها دون أن يعوا أنهم يقومون بشكل غير مباشر بألبوم مقبل، أو عمل سينمائي بحاجة إلى لفت أنظار الجمهور لأحد نجومه.

 

مآسٍ إنسانية

ليس الوقت وحده هو ما يتم هدره نهاية كل اسبوع في يوميات صناعة الاعلام المتعلقة بأخبار الفن، للتأكد من أن هذا الخبر الذي تتناقله مواقع إلكترونية ورسائل نصية قصيرة محض شائعة، بل أيضاً ثمة حقائق تتلوث بشكوك الشائعة.

ومع استمرار نهج الشائعات التي ينسجها بعض الفنانين عن ذواتهم أو حتى منافسيهم لتحقيق أهداف ترويجية أو تنافسية فإن واقع الحال يؤشر إلى أن ثمة لاعبين جددا دخلوا عوالم صناعة الشائعات، يقومون بدراسة ضحاياهم الجدد من الفنانين الذين يوجدون وقت إطلاق الشائعة في الأٌغلب في مواقف يصعب فيها الوصول إليهم، مثل حالات التصوير الخارجي أو الإجازات الخاصة التي كثيراً ما تُغلق خلالها الهواتف، الأمر الذي يحول الشائعات الخاصة بحالات الحوادث والوفاة إلى مآسٍ إنسانية تتحمل قسطها الأكبر في كثير من الأحيان أسر النجوم.



لا أسمع.. ولا أتكلم

ليس كل شائعات النجوم مثمرة في كل الأحوال، حيث تسببت شائعات أطلقها منافسون في خسائر أفقدت بعض الفنانين حتى فرصة مواصلة الانتماء للوسط الفني، مثل شائعة مقارنة الفنان علي حميدة قدراته بقدرات العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، بعدما نصت الشائعة على لسان الأول «استقبلني الجمهور بالورود في لقائي الأول على المسرح، بينما يذكر التاريخ أن عبدالحليم استُقبل بالطماطم»، وهو أمر رغم أن حميدة الذي كان ألبومه «لولاكي» ظاهرة فنية آنذاك، نفاه حينها، إلا أنه كان كفيلا بأن يكون الألبوم هو آخر أعماله الناجحة، وهو الذي حقق مبيعات قياسية قبل انتشار الشائعة. الرد على الشائعة بشكل قوي كثيراً ما يزيد من سرعة انتشارها، لذلك يفضل الكثير من الفنانين عدم التطرق إلى ما يُنسج حولهم من شائعات لا تروقهم، بعد أن يطلبوا من محاورهم استبعاد أسئلة بعينها، مستفيدين من تجربة عمرو دياب التي طالت لثلاث سنوات سعى فيها إلى تكذيب شائعة مهاجمته العندليب الأسمر أيضاً، من دون أن تخمد الشائعة إلا باتباع المطرب مبدأ «لا أسمع.. ولا أتكلم»، عندما كان يُسأل عن صحة ما يتردد.

 

 
مروّجو الشائعات أثاروا بلبلة صحافية حول محمد عبده.

تويتر