الغيطاني: جائزة الشيخ زايد للكتاب انتصار للأدب المجدّد
قال الروائي المصري جمال الغيطاني إن جائزة الشيخ زايد للكتاب تستهدف الادب الجاد الذي لا يغازل الحواس والمشاعر ويرفض الظواهر السلبية في الحياة الثقافية، كظاهرة «البيع الواسع» كعنصر لتقييم الادب، وهذا بحد ذاته انتصار للادب العميق والمجدد والرائد في مجاله.
جاء ذلك خلال أولى محاضرات جائزة الشيخ زايد للكتاب في جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة، التي عقدت أول من أمس، بالتعاون مع مركز دراسات الشرق الأوسط، التابع للجامعة، وافتتحت بكلمة الأمين العام للجائزة راشد العريمي حيث رحب بضيوف الجائزة، مؤكداً أهمية هذا التعاون بين الجائزة وجامعة أكسفورد والذي يأتي ضمن الخطة الشمولية للجائزة للنهوض بالثقافة العربية والوصول بالادب العربي الى مصاف العالمية.
وقال: «بهذا التعاون الفريد مع جامعة أكسفورد تكتسب الجائزة زخما ودعما غير مسبوق من أحد أكبر صروح العلم، ونحن في الجائزة نأمل تظافر جهودنا مع ما تقدمه جامعة أكسفورد ومركز الشرق الأوسط لما من شأنه فتح قنوات جديدة للحوار الحضاري والتبادل الثقافي بين الشعوب». وأدار النقاش يوجين روجان مدير مركز الشرق الأوسط في أكسفورد حيث بدأ بالترحيب بالجائزة وضيوفها مثنياً على دور الجائزة في الحوار الحضاري العالمي.
وتم عرض فيلم قصير يعرف بالجائزة وأهدافها في مختلف فروعها ومن ثم تناوب كل من الدكتور عبدالله الغذامي عضو الهيئة الاستشارية للجائزة والروائي جمال الغيطاني الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في فرع الآداب للعام 2009 على طرح محاور النقاش بحوار أثرى الحدث وشد الحضور.
وتحدث الدكتور الغذامي عن موضوع الرمزيات الثقافية المختلفة بجمل اساسية منها «اقرأ» وهي اول كلمة نزلت في القرآن الكريم ثم بكلمة «كتاب» حيث وصف القرآن نفسه بأنه كتاب الله او انه «الكتاب». ثم جرى استعراض الثقافة العربية تحت معنى «اقرأ الكتاب» بدءاً من حرص الرسول صلى الله عليه وسلم بتعلم المسلمين القراءة والكتابة مستشهداً بحادثة افتداء أسرى أنفسهم بتعليم القراءة والكتابة لصبيان المسلمين، كما اكد المنزلة المتميزة التي حظي بها كتاب الوحي بين الصحابة ومن ثم النهضة الثقافية العربية في العصرين الاموي والعباسي التي قامت على الترجمة من جهة وعلى تقدير المؤلفين والمبدعين حتى صار من تعلم وألّف جزءاً من الطبقة العليا من المجتمع.
واستعرض الغذامي مثالين أحدهما كتاب الاغاني للأصفهاني وكتاب الف ليلة وليلة مع التفريق بين الكتابين حيث ان احدهما يمثل الطبقة الثقافية العليا والاخر ينظر اليه بدونية. واختتم الغذامي حديثه بالاشارة الى جائزة الشيخ زايد للكتاب بوصفها مشروعاً لتشجيع الكتابة والتأليف والابداع الفكري و تحقيقا للجملة الرمزية الاساسية «اقرأ الكتاب».
من ناحيته تطرق الغيطاني الى بدايات رحلته في امتهان حرفة الكتابة واهتمامه بالعمارة، فرعونية وقبطية واسلامية، ثم شغفه بكل من ادب الرحلات والادب الجغرافي العربي والادب العالمي لنخبة الكتاب مثل تولستوي ودستويفسكي وتوماس مان ودانتي واخرين ممن اعتبر نتاجاتهم من روائع ما انتجت البشرية.
وقال «منذ البداية كان همي تحقيق مبدأ بسيط نشأ معي ان اكتب ما لم أقرأ مثله ففي رأيي ان كل مبدع لا يأتي بجديد الى تراث الانسانية كله وليس الى تراث ثقافته فقط يكون ناسخاً وليس مبدعاً»، واضاف «كنت مهموما بتحقيق خصوصيتي الابداعية ليس من اجل الشكل فقط ولكن من اجل ايجاد مساحة تمكنني من التعبير عما اريد قوله». واستعرض محاولاته في استيعاب مصادر الادب العربي القديم المهجورة ومحاولاته في اخضاع اساليب السرد الحديثة الى التقاليد البلاغية القديمة مكتوبة وشفهية مما انبثق عنها روايته «الزيني بركات» ثم وقائع حارة الزعفراني ثم التجليات وصولا الى دفاتر التدوين التي فاز منها الكتاب السادس بجائزة الشيخ زايد للكتاب.
وسرد الغيطاني قصة زياراته للامارات وما لفت نظره فيها من تقدم في كل مصادر الحياة والتي لم تتحقق بسبب الثروة النفطية بل بالحكمة التي اديرت بها هذه الثروة، وقارن بها الدول المتقدمة التي اثر سوء سياساتها في تبديد الثروة والتقدم. واشار الى ان الحكمة التي تتميز بها الامارات تجسدت في شخص الشيخ زايد الذي وجه الثروة الى المستقبل عبر التقدم الى العرب كلهم وكل اطياف الانسانية من خلال المشروعات الكبرى كجائزة الشيخ زايد للكتاب.