السجادة الحمراء لمهرجانات سينمائية سجلت الحضور الوحيد لفنانين عرب. تصوير: عماد إسكندر

نجوم السينما العربية.. حضور «خـامل» في المهرجانات

قضى بعض نجوم السينما العربية أكثر من 10 أيام في ضيافة مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي في أبوظبي، من دون ظهور إعلامي، باستثناء حفلي الافتتاح والختام. وتحوّل السؤال عن إمكانية التواصل معهم إلى صـداع مزمـن في رأس اللجنـة المسؤولة عن التواصل الإعلامي للمهرجان . يبتسمون ويؤشرون للكاميرات الراصدة لسجادة المهرجان الحمراء، فيحتلون بها أخبار الفن التي تعتني دائماً بقائمـة ضيوف المهرجان مـن الفنانين الذين غدا سوق استضافتهم أكثر رواجاً مع الزيادة المطردة في عـدد مهرجانات السينما العربية.

 حوار على مسبح

قال صحافي يعمل مراسلاً لمجلة مهتمة بشؤون الفن، تصدر من الإمارات، إنه اضطر إلى إجراء حوار مع فنان مصري على بركة سباحة الفندق الذي يقيم الأخير فيه، مستمتعاً بضيافة مهرجان سينمائي دولي. وذكرت صحافية أن معظم لقاءاتها الحوارية في أثناء المهرجانات تتم بصعوبة بالغة، وداخل الغرف الفندقية للفنانات اللائي يصعب الحصول عليهن إلا في أوقات تُوقعها في صدامات مع قسم التصوير في مجلتها الذي لا يعتاد طلبات تصوير في ساعات الصباح الأولى.

في المقابل، تسعى مهرجانات سينمائية إلى التغلب على حالة فوضى تنظيم اللقاءات الإعلامية للفنانين على هامش فعالياتها، وهو أمر أكد صحافيون أنهم لمسوا بوادره في دورة مهرجان دبي السينمائي الدولي الماضية، ويأملون مواصلته في دورته السادسة في ديسمبر المقبل.


وعلى الرغم من أن معظم المهرجانات لا تُفضل الكشف عن طبيعة المقايضة التي تتم مع الأكثر شهرة منهم، بهدف تأكيد حضورهم للمهرجانات، استدراجاً لطلة النجم وورود اسمه ضمن قائمة ضيوف الشرف، ظناً بأن هذا كفيل بأن يوفر للحدث المهرجاني مزيداً من الضوء الإعلامي، إلا أن ميزانيات مهرجانات كثيرة تذهب معظمها لهؤلاء النجوم، إما في صورة دعم مادي للأفلام المشاركة بحجة إنجازها في وقت يتواءم مع موعد انطلاقة المهرجان، أو عبر مساومة صريحة تحسم منافسة المهرجان للحصول على العرض الأول للفيلم الذي قد يتوجّه منتجه إلى العرض في مهرجان منافس في حال عدم الاتفاق على الصفقة، في حين يذهب قسط كبير من الميزانية لتلبية شروط الاستضافة وطبيعتها الخاصة التي يفرضها كل فنان، وعدد المرافقين له، سواء كانوا على علاقة مهنية معه مثل مدير أعماله، أو تربطه به صلة قربى، أو حتى صداقة.

الطرف الآخر في المعادلة، وهم الصحافيون المسؤولون عن تقديم تغطية إخبارية لفعاليات وكواليس المهرجان، يبقون المجموعة الأكثر رفضاً لتقوقع الفنانين الضيوف داخل أجنحة الاستضافة، أو في برك سباحة الفنادق وفي مجرد ارتياد الأماكن السياحية ورحلات التسوّق التي تسلب نهار الضيوف. وتبقى المساحة المتبقية من الليل حكراً على تجمعات الوسط الفني بعيداً عن أعين الصحافة، وهو ما يجعل دوريات صحافية تلوح بالفعل بمقاطعة تغطية مهرجان بعينه، ما قد يشكل بدوره ضغوطاً على ضيوفه، لتكون المحصلة تخصيص وقت صباحي لممثلي وسائل الإعلام، على نحو يبدو في أحيان كثيرة مقحماً على جدول فنانين، هيأتهم حالة المهرجانات العربية نفسياً بأنهم في رحلة استجمام تتخللها لقطات مبهرة، تصلح لأن تكون أغلفة لمجلات فنية، وجزءاً من تقارير تلفزيونية مصورة.

الأكثر طلبا

وإذا كان مشاهير السينما المصرية هم الأكثر طلباً لإجراء مقابلات صحافية من وسائل الإعلام المختلفة، فإنهم حسب زملاء المهنة «ضيوف المهرجان النائمين». ويقول لـ«الإمارات اليوم» مدير مكتب مجلة «لها» في دبي سامح عبدالحميد «العلاقة بين الصحافي والفنان تبدو شديدة التوتر خلال مهرجانات السينما العربية على وجه الخصوص، لأسباب عدة، أهمها أن أهداف نجوم الشاشة السينمائية في أحيان كثيرة ليست إجراء مقابلات صحافية، فبعض الفنانين يمثل المهرجان لهم فرصة حقيقية للاستجمام، تنقذهم من إلحاح مخرج أو منتج على إتمام التصوير في زمن معين، وآخرون يخططون لتنمية شبكة علاقاتهم بالمنتجين والمخرجين ضماناً لصفقات وتعاقدات فنية جديدة، لتتراجع أولوية الظهور الإعلامي لديهم الذي يعتقدون بأنه من الممكن أن يكون متوافراً في ظروف أخرى».

ويقر الصحافي المصري سامح عبدالحميد بأن الفنانين المصريين هم الأكثر إثارة لغضب الإعلاميين في هذا السياق جرّاء شبه الاحتجاب الكامل الذي يغلف حضورهم المهرجاني. ويقول «الأمر على ما يبدو مرتبط بأولوية الفائدة التي يسعى إلى تحقيقها الفنان من حضوره ،لذلك، نجد الفنانين الذين لا يحظون باهتمام إعلامي كبير هم الأكثر حرصاً على الحضور في كواليس المهرجان، والتواصل مع الإعلاميين، وهو أمر يمكن لمتتبع التغطيات المهرجانية ملاحظة اختلافه عندما يتحول الفنان الناشئ إلى نجم سينمائي في مهرجانات لاحقة».

ويويد الزميل عماد الدين إبراهيم في جريدة «البيان» صحة القول عن تهاون معظم نجوم الصف الأول في السينما العربية في التواصل مع وسائل الإعلام، وبشكل خاص المكتوب منه، في أثناء مهرجانات السينما، على نحو يثير مشروعية أسئلة عن حجم ميزانيات الاستضافة، وجدواها مادامت بعيدة عن إيجابية الانخراط في مناقشة قضايا صناعة السينما. وترى مديرة مكتب مجلة «روتانا» في دبي، الصحافية شيرين الفايدي، أن الإعلاميين مطالبون بمواقف حاسمة، تُعيد رسم أطر علاقاتهم بالفنانين التي يجب أن تخضع لاحتياجات الصحافي بقدر أكبر ربما مما تخضع له حالياً من مزاجية الفنان النجم، وخططه الترويجية.

علاقة صحية

في المقابل، يحرص رؤساء مهرجانات السينما العربية دائماً على المحافظة على علاقة صحية تربطهم بالطرفين، الإعلاميين ونجوم السينما، بعد تجارب مريرة لمعظم المهرجانات العربيـة في هذا الخصوص، إلى حد دفع رئيسين متتاليين ينتميان إلى الوسط الفني لمهرجان القاهرة السينمائي يؤكدان في أكثر مـن مناسبـة أن المهرجانات السينمائيـة قد لا تكون الفعالية الأنسب لحوارات صحافية عميقـة، في وقت حرصا فيه على التأكيد على ضرورة توفير المهرجان الأجواء المثالية للتواصل بين الفنانين والإعلام على نحو يتصف بالدقة الشديدة، من أجل تلافي أية رسائل مضللة في هذا الاتجاه.

ويحرص رئيس مهرجان دبي السينمائي عبدالحميد جمعة على التأكيد دائماً لوسائل الإعلام المختلفة بتوفير المهرجان لكل عوامل تواصل الصحافيين مع ضيوف المهرجان من نجوم السينما العربية والعالمية، لكنه يشدد في الوقت نفسه على أن اللقاءات الإعلامية لا يمكن أن تكون مفروضة على ضيوف المهرجان، وترجع في الأخير إلى الرغبة المشتركة لطرفي الحوار المفترض.

الأكثر مشاركة