8 تشكيليـين عــرب روّاد يلتقون في دبي
يمثل المعرض الذي جمع ثمانية من رواد الفن المعاصر في الوطن العربي تجربة مميزة لعشاق الفن، كونه جمع أعمالاً تباينت بين التجريدي والحروفية، وأعمالاً جسدت المعاناة والقضايا الإنسانية، ولاسيما القضية الفلسطينية التي برزت في أعمال الفلسطيني سليمان منصور والسوري خزيمة علواني. وتميزت الأعمال الزيتية والمائية في المعرض الذي افتتح أول من أمس في كورت يارد غاليري في دبي بنقلها مشاعر وجدانية متباينة بين الألم والصراخ والأمل، فتفاوتت الألوان بين قوية وهادئة، بحسب اللوحة والحالة التي تتجسد في اللوحة.
ويشارك في المعرض الذي يستمر حتى 12 ديسمبر فنانون من مختلف الدول العربية وهم، إلياس زيات من سورية، فؤاد بلامين من المغرب، جميل حمودي من العراق، خزيمة علواني من سورية، محمد إسماعيل من مصر، نجا المهداوي من تونس، سليمان منصور من فلسطين، عبدالقادر الريس من الإمارات.
وأوجز السوري خزيمة علواني في لوحاته الثلاث التي عرضها مشاعر الألم والندم والصراخ والأمل، وكان الثلاثي الذي يعتمده دائماً «المرأة والحصان والحمامة» هي العناصر التي عززت دفاعه عن القضية الفلسطينية التي شغلت أعمالا ولوحات له كثيرة. وعمل الفلسطيني سليمان منصور على تمثيل القضية الفلسطينية في لوحة جسد فيها مقاوماً يحمل بندقيته، من خلال الأسلاك الشائكة، وكذلك رسم رجلا نائما في غرفة خالية من الأثاث، ما يشير إلى البساطة التي يعتمدها الفنان في إيصال الفكرة التي توضح المعاناة، وتكون واضحة في وضع الإصبع على الجرح مباشرة.
تعقيد وتمرّد
وفي مقابل البساطة في إيصال الفكرة، بدا الاعتماد على التعقيد والتمرد مع لوحات السوري إلياس الزيات الذي ركز على أفكار محددة ومستوحاة من نصوص أدبية، فكانت لوحة العطاء المستوحاة من نص العطاء لجبران خليل جبران، وكذلك لوحة مدينة أورفليس. وتميزت لوحات الزيات بصخب الألوان فيها، والتي مكنته من إظهار حالات إنسانية مختلفة، بخلاف الفنان المغربي فؤاد بلامين الذي يعتمد على السكون، في الألوان وفي الحركة التي تكون شبه معدومة في لوحاته. ويمكن الانتقال من السكون إلى الصخب، مع لوحات محمد إسماعيل التي كانت متشابكة الأجزاء وعشوائية الحركة، تركز على تعقيدات الحياة التي تواجه الإنسان في حياته اليومية.
ومن الجهة الأخرى، نقل الفنان الإماراتي عبدالقادر الريس مشاعره وانفعالاته الوجدانية في لوحات تجريدية كانت تشمل العنفوان والثورة في ألوانها النارية، بالإضافة إلى الحزن الذي تجلى في الزاوية القاتمة التي أحكمت إغلاق اللوحات، مع عدم إغفال وضع بصمته الخاصة والمتمثلة في المربعات التي توزع على اللوحة. وقال الريس: «عبرت من خلال أعمالي عن المشاعر الوجدانية، وحاولت التنويع، فقدمت لوحة تجريدية بحتة، وأخرى أضفت إليها حرفي الهاء والواو»، وأوضح أن «وجود بصمة خاصة في اللوحات يعتبر من الأمور المهمة للفنان، ولكن الجدية أهم عوامل نجاح الفنان لتقديم أفكار جديدة»، وأفاد بأنه يميل إلى الفن التجريدي، لأن اللوحة التجريدية تجعل المرء قادراً على اكتشاف جديد في اللوحة كل يوم، كما أن الإنسان يتعلق باللوحة يوما بعد يوم بخلاف الفن الكلاسيكي. وبخصوص المشاركة في المعارض الجماعية، قال «أفضل المعارض الفردية، ولكن، حين يكون هناك معرض يجمع أعمالاً لرواد الفن اعتبر المشاركة فيه أمراً يثري تجربتي الفنية».
ويميل الريس إلى استخدام الألوان المائية التي لم تعد تستخدم بكثرة، وقال في هذا الخصوص إن «الألوان المائية تدوم لفترة أطول، بخلاف ما هو معتقد، لأني اليوم أرى أن أعمالي القديمة التي رسمتها بالألوان الزيتية تشققت بخلاف الألوان المائية».
تميزت لوحات الفنان التشكيلي التونسي نجا المهداوي عن بقية اللوحات المعروضة بكونها لوحات حروفية متميزة بتقديم الصور بأسلوب تختلط فيها المشاعر بالحروف الكتابية التي تقرأ من خلال الألوان التي كانت ضئيلة، كون المساحات البيضاء كانت الأساس للحروف السوداء.
وما يمكن الإشارة إليه هو ابتعاد الفنان عن التكرار في المشهد الحروفي، فهو يركز على الجمال وعلى الهندسة المحكمة في إغلاق الخطاب البصري فلا تبدو حروفه تائهة في فضاءات اللوحة، فهي بأغلبها نصوص تشبه نظام الحكي مع التركيز على أن لغة الفن لغة لا تقبل النسخ على الإطلاق، حتى وان كنا نتعامل مع الحروف. أما الفنان العراقي جميل حمودي، فقد قدم لوحة واحدة اعتمد فيها على الحروف المكتوبة بأسلوب يظهر جمالية كل حرف لاسيما حين يجمع مع فن العمارة.