"بدرس"و"قرطاجنة".. يحظيان باهتمام لافت
لم تحل غزارة الأمطار التي هطلت بشكل استثنائي، أول من أمس، دون تواتر فعاليات مهرجان دبي السينمائي بشكل طبيعي، بل إن الليلة التي شهدت إقامة واحدة من أهم مبادرات المهرجان رآها بعض الحضور من حيث ألق إطلالة النجوم من مختلف أنحاء العالم أشبه بليالي المهرجان الختامية، بعد تواتر عشرات منهم على سجادة المهرجان الحمراء، شبه المبللة بالأمطار، وهو مشهد غاب بهذا الزخم منذ افتتاح الأربعاء الماضي.
وحظيت ندوة الجسر الثقافي التي أقيمت مساء الأول من أمس بحضور لافت، وألهب فيلم «بدرس» الذي سبقها حماس الحضور الذين توحدوا مع قصة العمل المنتصرة لإرادة مقاومة قرية فلسطينية خطط الاحتلال لمحوها من أجل مواصلة بناء جدار الفصل العنصري. وافتتح برنامج فرنسا في دائرة الضوء بمؤتمر لأسرة الفيلم الفرنسي «قرطاجنة» الذي بدت أسرته من خلاله حريصة على حضور أقوى للسينما الفرنسية في الوطن العربي بشكل عام، والإمارات بشكل خاص، معتبرين لبنان والمغرب النموذجين الأكثر بروزا للحضور الفعّال للفيلم الفرنسي.
وكان النجوم المصريون والخليجيون أكثر نشاطاً في ليلة أول من أمس المطيرة، وعقدوا لقاءات صحافية وتلفزيونية مطولة، تجاوزت حنقاً إعلامياً متكرراً لتقوقعهم وانحصار تجمعاتهم بجلسات خاصة في مطاعم فندق القصر الذي يستضيفهم، وبشكل خاص، أبطال فيلمي «واحد صفر» المشارك في مسابقة المهر العربي للأفلام الروائية الطويلة و«عصافير النيل»، فضلاً عن بطلي المسلسل السعودي «طاش ما طاش» عبدالله السدحان وناصر القصبي.
وقال السدحان لـ«الإمارات اليوم» «لم أعد أتصور أن ينعقد مهرجان دبي السينمائي من دون أن ألبي دعوته، فالحدث الذي تنظمه دبي أصبح واجهة خليجية وعربية، تعمل على إدخال السينما في المنطقة بشكل عام في سياق الأحداث العالمية في عالم الفن السابع، نعلم بأن الحديث عن صناعة سينما خليجية بكامل ما تؤشر عليه كلمة صناعة مازال مبكراً، لكن، على الأقل هو خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح».
في السياق نفسه، قالت الممثلة المصرية إلهام شاهين إن المهرجان في دورته السادسة «تجاوز بشكل تام مرحلة البدايات وذهب إلى سياق منافسة حقيقية لأهم المهرجانات في المنطقة، واضعاً إياها في موضع شديد الصعوبة من خلال عناصر كثيرة، أهمها الدقة الشديدة في اختيار الأفلام، على الرغم من إشكالية كونه آخر المهرجانات العربية انعقاداً على مدار العام». ورأت أن مؤشرات كثيرة تؤكد أنه ما زال الكثير في جعبة إدارة مهرجان دبي السينمائي، ما يمكن أن تفاجئ به عشاق السينما في الدورات المقبلة، خصوصاً مع السمعة الجيدة للمهرجان التي بدأ يتردد صداها حتى في أوساط المهرجانات العالمية.
تواصل وتلاقٍ
مر عدة نجوم مجددا على السجادة الحمراء، وهذه المرة لحضور فيلم «بدرس» أو ندوة الجسر الثقافي، منهم عبدالعزيز الجاسم وهيفاء حسين وداوود حسين وسعاد العلي ورانيا فريد شوقي ودينا سمير غانم ومصطفى فهمي وخالد أبوالنجا وخالد الصاوي. وحظيت مخرجة «بدرس» جوليا باشا باهتمام إعلامي كبير، بفضل دقة تصويرها لمعاناة قرية فلسطينية لجأت بداية إلى أسلوب التظاهرات السلمية التي لم تُجدِ نفعاً أمام جيش الاحتلال الذي استمر في قلع أشجار الزيتون وهدم منازل السكان وحملات الاعتقال، لكن استمرار التظاهرات التي تضاعف عدد المشتركين فيها بانضمام النساء إلى الرجال، والتمسك بالحق، على الرغم من بطش الاحتلال، أدى في النهاية إلى يأس المعتدين الذين لم يجدوا بداً من الالتفاف بجدارهم العنصري خلف القرية.
وتحدثت الملكة نور بشكل مباشر عن تجاربها الشخصية في ما يتعلق بالأفكار والمشروعات التي من شأنها أن تشكل جسراً حقيقياً للتواصل بين الشعوب والحضارات المختلفة، مشيرة إلى أن الإعلام من الممكن أن يلعب دوراً شديد الإيجابية في هذا المجال، وبشكل خاص، في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، وذلك في ندوة افتتاح فعالية «الجسر الثقافي»، وأدارها الناقد شامل إدريس، وتحدثت فيها أيضاً مخرجة فيلم «بدرس» جوليا باشا، والمنتج الهوليوودي مايك مدافوي، والبروفيسورة في معهد ماشا سوستس للتكنولوجيا ريبيكا سايكس.
وأشادت الملكة نور بدور مهرجان دبي السينمائي الذي يسعى إلى أن يكون منصة رئيسة لتلاقي الثقافات المختلفة، وتناول المنتدون أفكاراً تتعلق بالتواصل بين الحضارات، كل وفق بحوثه وتجاربه الذاتية التي كانت سينمائية بحتة بالنسبة لجوليا باشا.
وعلى غرار رومانسية الفيلم الحالمة، جاء المؤتمر الصحافي لفيلم «قرطاجنة» أمس هادئاً، وجمع بين مخرجه الفرنسي آلان مون وعدد من الممثلين الرئيسين فيه، ومنهم كريستوفر لامبير، بالإضافة إلى منتجيه بيير فورت وسري ونج اللذين سعيا في تحليلهما إلى لي القصة الرومانسية لمصلحة مغزى إنساني، لم يحمله الفيلم من خلال التركيز على إعاقة البطلة الجميلة الشابة «موريل»، وارتباطها بالملاكم الأربعيني ليو لإخراجها من عزلتها، في الوقت الذي تسعى فيه هي أيضاً لإنقاذه من آفة الإدمان التي كادت أن تقلب حياته، حيث رأى آلان أن الفيلم يحمل رسالة إنسانية، تؤكد أن الحب يتخطى الاختلافات البسيطة بين البشر المتعلقة باللون والجنس وغير ذلك.
وقالت شيلا ويتكر، مديرة برنامج سينما العالم، والتي أدارت المؤتمر الصحافي، إن «قرطاجنة» فيلم ينتصر للممثل الجيد، واعتمد نجاحه على حرفية الممثلين إلى حد بعيد. وقالت «هنا يبرز الفارق الكبير بين الممثل الخلاق وغيره، تماماً كما يبرز في غرفة العمليات الفارق بين الطبيب الماهر وسواه». ودعت الجميع إلى إعادة التفكير في حياة السينمائيين، «فالنجوم حياتهم ليست كلها أضواء وشهرة وأمًوالا، بل أيضا عناء وكد واشتغال بتطوير الأدوات، من أجل تجاوز الصعوبات التمثيلية»، حسب قولها.
جائزة «الدراما العربية» غداً
غدا هو ليلة الجوائز لمبدعي الشاشاتين الفضية والذهبية، فبعد انتظار دام نحو ثلاثة أشهر، سينال مسلسل من بين 12 مسلسلاً تم عرضها على شاشتي «دبي الفضائية» و«سما دبي» من دراما تلفزيونية خلال شهر رمضان الماضي، أول جوائز المسابقة التي أمر بإطلاقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لتحفز جيلاً عربياً من أجل إنتاج دراما تنهض بالواقع العربي، في الوقت الذي يسعى فيه المهرجان إلى تأصيل رسالته الأساسية في مد جسور التلاقي بين ثقافات العالم المختلفة، فضلاً عن التأسيس لسينما عربية وخليجية وإماراتية واعدة.