«بنات الرياض».. «خطيئة» أم مغامرة روائية

رجاء الصانع.

أثارت رواية «بنات الرياض» لكاتبتها رجاء الصانع منذ صدورها نقاشات طويلة، فيها كثير من المواعظ، وقليل من النقد الأدبي، إذ تحكمت خصوصية المكان الذي دارت فيه الحكاية، وكذا كون مؤلفتها امرأة سعودية، في كثير مما قيل عن الرواية. وفيما وصف الشاعر السعودي عبدالرحمن العشماوي العمل بأنه «خطيئة أدبية»، رآه الروائي غازي القصيبي «مغامرة روائية تستحق القراءة». فبداية؛ اعتبر بعضهم «بنات الرياض» دعوة إلى الرذيلة، وإساءة للمجتمع السعودي وتشويهاً لسمعة فتيات المملكة، إلى حد أن أشخاصاً رفعوا قضية ضد المؤلفة، بحجة أن الرواية لا تمت إلى الحقيقة بصلة، مطالبين بمحاكمة الكاتبة، هي ومن ساندها في روايتها، على الرغم من أن العمل لم يدخل السعودية إلا أخيراً بعد سنوات من المنع.

بينما قال الشاعر السعودي عبدالرحمن العشماوي عن الرواية إنها «خطيئة أدبية وعمل ضعيف لغة وأسلوباً»، متسائلاً «هل يصح أنْ يُطلقَ عنوان بنات الرياض على كِتاباتٍ شخصية لفتاة تتحدث عن أربع فتيات، تركن الرياض إلى باريس ولندن وغيرها من مدن الغرب؟»، ويضيف العشماوي «كاتبة الرواية فتاة صغيرة، طارت بها صفحات روايتها لتكون ضيفة على شاشة قناة فضائية عربية، وإن مِنْ حق هذه الفتاة على أهل بلدها أنْ يحموها مِن هذا الانجراف».

في المقابل، نالت «بنات الرياض» حظها من الإطراء من كثيرين، خصوصاً من الروائي السعودي الدكتور غازي القصيبي الذي قال في تذييل العمل «في عملها الروائي الأول، تقدم رجاء الصانع على مغامرة كبرى: تزيح الستار العميق الذي يختفي خلفه عالم الفتيات المثير في الرياض. وعندما يُزاح الستار ينجلي أمامنا المشهد بكل ما فيه من أشياء كثيرة، مضحكة ومبكية، بكل التفاصيل التي لا يعرفها مخلوق خارج هذا العالم الساحر المسحور. هذا عمل يستحق أن يُقرأ، وهذه روائية أنتظر منها الكثير». وكلمات القصيبي المتحمسة دفعت بأصوات إلى التعريض بأنه ربما يكون عراب الرواية، ملمحين إلى أنه ربما يكون كاتبها الأصلي؛ لا تلك الشابة ابنة الثالثة والعشرين.

بطلات الرواية أربع فتيات في السعودية (قمرة وسديم وميشيل ولميس) جمعتهن الصداقة، ووحدت بينهن الخيبات التي يتعرضن لها، فقمرة تتزوج ثم تطلق بعد اكتشافها خيانة زوجها راشد، وسديم تثق بوليد وتسلمه نفسها فيتركها، وتمر بتجربة ثانية أكثر مرارة، وميشيل أو مشاعل الأميركية الأم تتعرض لأكثر من علاقة فاشلة، وكذا لميس دارسة الطب والواثقة بطالع الأبراج.

وبعيداً عن التصنيف، فإن «بنات الرياض» تقع في منطقة وسط بين فضفضات الانترنت، والسرد العفوي الذي لا يقدم لوناً أدبياً محدداً، ولا يحاول إضفاء عمق لشخوصه، علاوة على السرد المباشر والتقريرية والرسائل الصارخة. وكما قالت الراوية في نهاية العمل «إنها مجرد جمع لهذه الايميلات المكتوبة بعفوية وصدق. إنها مجرد تأريخ لجنون فتاة في بداية العشرينات، ولن أقبل إخضاعها لقيود العمل الروائي الرزين أو إلباسها ثوباً يبديها أكبر مما هي عليه». حتى وإن كانت تلك المقولات حيلة فنية تلجأ إليها رجاء الصانع، فإن العمل لم يرق إلى مرتبة الرواية، ولا إلى حتى مدونات خطتها مبدعات في فضاءات أكثر رحابة من حدود تعيش فيها بنات الرياض.

تويتر