نقاد: السينمائيون العـرب يكرهون النقد
قال نقاد سينمائيون إن كثيرين من صناع الأفلام العرب يكرهون أي نقد سلبي لأعمالهم، وهم على عداء مع النقاد الذين لا يجاملون في تناولهم النقدي للأفلام. وأشاروا إلى «حالة قطيعة» في بعض الأحيان بين الناقد من جهة والمخرج والممثل والمنتج من جهة أخرى، لكنهم يرون أن الحراك المستمر في إنتاج الأفلام السينمائية هو الذي يؤسس لوجود نقاد سينمائيين، وأنه في حال غياب المادة السينمائية، يتحول الناقد إلى كاتب صحافي يعتمد الانطباعات، لا المنهج، في تناوله للأفلام.
وأشار نقاد حضروا الدورة السادسة لمهرجان دبي السينمائي الدولي التي اختتمت، أمس، إلى أهمية مهرجانات «الفن السابع» في تعزيز تواصل الناقد مع الإنتاج السينمائي الجديد، ومناقشة هموم السينما مع المخرجين والممثلين والمنتجين، موضحين أن المهرجانات «تتيح المجال أمام المشتغل بالنقد لمشاهدة أفلام ذات مستوى غير تجاري، لا يمكن الاطلاع عليها في دور السينما التجارية».
وقال الناقد اللبناني المقيم في الولايات المتحدة، محمد رضا، إن «الحركة النقدية في حاجة مستمرة إلى مادة خام للاشتغال عليها، وفي حالة غيابها، يجد الناقد نفسه أمام وضع صعب». وأوضح أن مثل هذه الحالة ستدفع الناقد السينمائي إلى «التحول إلى الكتابات الانطباعية والإخبارية الصرفة التي لا ترقى إلى مستوى الكتابة النقدية الرصينة، أو الاستنجاد بالكتابة النظرية» التي وصفها بأنها «لا تسمن ولا تغني، بقدر ما تعيد إنتاج نفسها وتكرار المقولات الجاهزة نفسها، غير المؤثرة في الواقع السينمائي العربي».
في المقابل، شدد الناقد العراقي زياد خزاعي المقيم في لندن على أهمية حضور النقاد السينمائيين مهرجانات عربية وأجنبية، «لأن فيها آخر ما توصلت إليه صناعة السينما التي تختلف كثيراً عن الأفلام التجارية التي تعرض في دور السينما»، ويرى أن النقد السينمائي يظهر قدرته في المهرجانات التي لا تشكل أفلامها التي تعرض ساحة حرب بين الناقد وصانع العمل والمشارك فيه.
وحول العلاقة بين صناع الأفلام والنقاد التي قد تصل إلى حدود القطيعة، قال «في الأفلام الموسمية التي تنتج في الوطن العربي، خصوصاً في مصر، تنشب حروب كبيرة بين الناقد ومخرج فيلم ما أو ممثل ما، وقد تحدث قطيعة أيضاً بين الناقد وأطراف الإنتاج السينمائي»، موضحاً أن «الفنان العربي لا يحتمل النقد السلبي لعمل شارك فيه، إذ يقيس نجاحه بشباك التذاكر». وقال الخزاعي « كوننا نقاداً، لا يعنينا من أخرج العمل أو من قام بالتمثيل فيه، بل يعنينا أن يكون العمل جيداً ويستحق المشاهدة والميزانية التي صرفت لأجله، وهذا ما لا يفهمه مخرجون وممثلون عرب.
وقالت الناقدة السينمائية البريطانية، أنتونيا كارفر، المهتمة بالأفلام العربية والتي تنتج في المنطقة عموماً، «النقد السينمائي قائم بحد ذاته، ما دام هناك مهرجانات تقدم الجديد في عالم صناعة الأفلام». وأضافت كارفر التي تقيم في دبي إن «المهرجانات السينمائية يجب أن تهتم بوجود نقاد سينمائيين من حول العالم، لتقييم طبيعة الأفلام التي تعرضها، خصوصاً أن الناقد، من مقومات عمله، أنه لا ينحاز لفيلم على حساب آخر، فهو محايد وموضوعي وغير طائفي أو قطري»، مؤكدة أن «أهمية حضور الناقد في المهرجانات التي تحتفي بالأفلام النوعية، ومن النادر عرضها على شاشات السينما التجارية في كل بلد، وتهتم فقط بجلب الأفلام التي تجلب جمهوراً إلى شباك التذاكر».
ويعتبر الناقد العراقي المقيم في لندن، عدنان حسين أحمد، أن النقد حركة بحد ذاتها، وديمومتها مترتبة على ما ينتجه صناع السينما من الأفلام، وقال «هناك فرق كبير بين الأفلام التي تعرض في المهرجانات والتي تعرض في دور السينما التجارية لجمهور عام، غير متخصص بالسينما».
ويجد أن حرية الناقد السينمائي تتحقق أكثر في تناوله لأفلام المهرجانات، «فالناقد الذي يعنى بشؤون السينما يميل أكثر إلى أفلام المهرجانات التي تعطيه مساحة كبيرة من الحرية، ليعبر عن رأيه وينقد الفيلم بشكل إيجابي أو سلبي، من دون أدنى مجاملة أو محاباة، على عكس الأفلام العربية بشكل خاص التي لا يحتمل صانعوها أي إشارة نقدية سلبية»، مؤكداً أن وجود المهرجانات السينمائية ضرورة لديمومة العمل النقدي ولزيادة حراك الفعل النقدي المبني على منهج.
وأكد الناقد السينمائي الجنوب إفريقي، ناشين مودلي، أهمية النقد من أجل تحسين صناعة الأفلام وتعزيز الإبداع والتجديد. وقال «وجود الناقد السينمائي يظهر بقوة في المهرجانات السينمائية، وعليه، يجب أن يركز على مشاهدة جميع الأفلام، لكي يتناولها نقدياً، ويكون منها مواد نقدية تنشر عبر وسائل الإعلام المختلفة».
وأضاف مودلي الذي يترأس فريق برمجة مهرجان دوربان السينمائي «الناقد لا يقل أهمية في وجوده عن وجود المخرج والممثل والمنتج، بل يسهم من خلال آرائه النقدية في تجويد الأعمال المقبلة لأي صانع عمل». ووصف العلاقة بين الناقد وفريق أي فيلم بأنها ليست جيدة كثيراً، خصوصاً إذا كان نقده سلبياً بالنسبة لهم، فيما على أعضاء العمل أن يتأكدوا أن النقد من مصلحتهم وليس ضدهم، وأن يأخذوا النصائح والملاحظات كما هي، لتفادي الأخطاء والإخفاقات في أفلام جديدة. وأوضح مودلي صعوبة مهمة الناقد، إذ إن «الناقد السينمائي درس وتابع وسافر وشاهد أفلاما كثيرة، وحضر ورشات عمل، والتقى بصناع للسينما كثيرين، فلا يجب أن تهمله إدارات المهرجانات أو صناع الأفلام.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news