أحـلام مستغانمي: البذاءة ليست إبداعاً.. والحياء ليس أدبـاً
هل نسيان تجربة عاطفية أو معاناة في علاقة مع رجل؛ هو مصدر بؤس المرأة في العالم العربي؟ وهل امتلاك المرأة القدرة على ان «تحب كما لم تحب امرأة، وان تكون جاهزة للنسيان، كما ينسى الرجال»، يسهم فعلاً في رفع البؤس عن نسائنا العربيات؟
هذان السؤالان وغيرهما راودا أذهان جمهور معرض ابوظبي الدولي للكتاب، الذي تجمع مساء أول من أمس في منبر الحوار، وهو يستمع إلى الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي التي تحدثت عن أحدث كتبها «نسيان دوت كوم» قائلة «كنت أدري ان البؤس العاطفي في العالم العربي سيجعل هذا الكتاب الأكثر انتشاراً بين كتبي، وخفت ان يعبث قلمي بقدر نساء محبطات مدمرات استنجدن بي، فيوجّههن إلى مسالك قد لا يعدن منها سالمات»، معتبرة ان «الكتاب الذي كان حادث سير أدبياً في حياتي، غدا حدثاً، لأن البؤس العاطفي كان المعلن والموزع الحصري له في كل البلاد العربية، إنه كتاب من دون إبهار لغوي، أردته بسيطا كوشوشات، صريحاً كنصيحة، قريباً كدمعة»، متعجبة من أن كتاباً كهذا لم يكتب بعد باللغة العربية، ولمن ترك إذن كتابنا مهمة مسح كل هذه الدموع.
وأضافت مستغانمي خلال الأمسية التي جاءت مخالفة لأمسيات المعرض، فلم تأت على شكل حوار بين الكاتبة وجمهورها كالمعتاد، بل فضلت مستغانمي ان تلقي كلمة مكتوبة، جاءت أشبه بالخطاب أو البيان الرسمي، وهي واقفة أمام ميكروفون، قبل ان تسلم المنصــــة للفنانة اللبنانية جاهدة وهبة لتغني مقاطع قامت بتلحينها من كلمات مستغانمي، وتضمنها ألبوم «أيها النسيان هبني قبلتك» الذي يوزع مع الكتاب.
وقالت في كلمتها المكتوبة «عندما شرعت في كتابة (نسيان دوت كوم) الذي لا أصنفه في خانة الأعمال الأدبية، لم تكن لي أمنيات شاهقة إلى هذا الحد، ولا توقعت أن موقعاً أسسته على الإنترنت لأهدي حضانة عاطفية لنساء أفقدهن ألم الفقدان شهية الحياة، يصبح ملاذاً لكثير من إناث مطعونات ونازفات إلى حد أنهن كن جاهزات لأخذ قرارات خطيرة ضد أنفسهن، ما جعلني أهب لنجدتهن هاتفاً بعد آخر. قبل ان تتكفل بمتابعتهن نساء أخريات في الموقع نفسه».
واستطردت «حتى الآن لا أفهم كيف وجدتني متورطة إلى هذا الحد في حياة قرائي. ولا ادري من أقنع النساء حتى قبل هذا الكتاب، بأنني خبيرة في شؤون القلب، وطبيبة النفوس المجروحة والأنوثة المغدور بها. وكأن الكتابة عن الحب أعطتني قدرات خارقة لكتابة تعويذات للشفاء منه، وفك مفعول سحره، وهكذا أنفقت في الاستشارات العاطفية وقتاً ضائعاً من أعمالي الأدبية، ورغم ذلك لست نادمة، فمسؤولية الكاتب العربي اليوم تتجاوز منح القارئ مزاجاً جميلاً وهو يطالع كتاباً، إلى واجب خلق ثقافة السعادة التي يدين لها كثير من المجتمعات في العالم ببناء أوطان قوية».
وخلال خطابها؛ حرصت صاحبة «ذاكرة الجسد» و«عابر سرير»، ان تنفي عن نفسها ما يصفها به «بعض من لم يقرأني، مستنداً إلى عناوين كتبي»، بحسب ما ذكرت، بأنها كاتبة الجنس الأولى في العالم العربي، موضحة «إنني لا أعتبر الحياء أدباً، كما لا أرى في البذاءة إبداعاً، الإبداع هو ذكاء اللغة، والمراهنة على قارئ يسعده ان يشعره الكاتب بأنه أذكى من ان يقول له كل شيء. أو ان يترك له هامشاً للخيال، مساحة للتوهم، يشارك فيها الكاتب في إكمال نصه»، واصفة الكتابة بأنها «ستظل أكبر مغامرة نسائية تستحق المجازفة، إنها تمرين يومي على الحرية، وما الحرية بالنسبة لي سوى ان تكون حراً في اختيار قيودك، لا ان تكتب ما تشاء من دون قيود».
كمــــا انتقدت اتجاه كثير من الكتاب الجدد للجنــــس كوسيلة للانتشــــار، «ذلك ان ما يكتبه البعض وينشـــره مزهواً على آلاف القراء، يستحي المـــرء ان يقرأه حتى عندما يكون وحده في غرفتـــه. إنه الحياء. لقـــد كتبت فرانسواز ساجان 60 كتاباً لا مكان فيها لمشهد جنسي واحد، بينما أصبح الجنس المشهد الأول في أول كتاب يصدره كاتب أو كاتبة عربية في هذه الأيام».
وأضافت «هؤلاء الذين ذهبوا بعيداً في الفضيحة، لم يذهبوا أبعد في الشهرة، ولن يخطوا خطوة نحو الخلود، الخلود شأن آخر، لا يعني سوى الذين يخافون حكم التاريخ ويثقون بأن للكاتب واجباً أخلاقياً وأدبياً تجاه هذه الأمة».