ملك متى: الواقعيـــة أكثر تعبيراً
«سيمفونية الألوان» لم يكن فقط عنوان معرض الفنانة ملك خليفة متى الذي افتتح مساء أول من أمس في فندق ميلينيوم ابوظبي، ولكنه كان أيضاً الثيمة الرئيسة للمعرض، الذي - على خلاف غالبية المعارض الأخرى- لم يقتصر فقط على اللوحات، بل قدمت فيه الفنانة قطعاً من الأشغال اليدوية والحرفية التي تجيدها، في خط مواز للإبداع إلى جانب التشكيل.
وبطابع الزمن الجميل، وعبر لوحاتها المعتقة، عمدت الفنانة التي عرفت أولى خطواتها نحو تعلم الفن في القاهرة، حيث التحقت بمعهد ليوناردو دافنشي هناك، إلى تناول موضوعات متنوعة، باسلوب واقعي يزهو بطابع الأصالة، فهي ترى أن الواقعية هي الأسلوب الأقرب إليها، والأكثر قدرة على التعبير عن الإنسان وأفكاره وحتى أحلامه. فالواقع حسب الفنانة «يحفل بالكثير من الأحداث والموضوعات والأفكار، التي تفوق في الكثير من الأحيان الخيال، كما أن الاسلوب الواقعي هو الأكثر ملاءمة لروح الأصالة التي اتخذ منها طابعاً لأعمالي، بالإضافة إلى قربه للمتلقي الذي لا يجد صعوبة في فهم الأعمال الواقعية والتفاعل معها».
الخيول والطبيعة، كانا من الموضوعات الأبرز في مجموعة اللوحات التي ضمها المعرض، التي يبلغ عددها 23 لوحة، فظهرت في اللوحات غابات الأشجار الوارفة، أو البيوت الخشبية القديمة الطراز وهي تقف بوداعة بين الأشجار، بينما حملت اللوحات، رغم حداثة تنفيذها، طابعاً قديماً يذكّر المتلقي بأعمال فنانين قدامى من عصور مختلفة، حتى بدت الألوان كأنها معتقة، وهو ما أرجعته الفنانة إلى تأثرها بدافنشي وأسلوبه. أما الخيول فقد تكررت في اللوحات لتبدو في أوضاع مختلفة بين الحركة والسكون، لتعكس شغف الفنانة بها. أيضاً كان للمرأة حضورها في اللوحات، فهي، بحسب متى، «منبع الأحاسيس والمشاعر، ومن دونها لا وجود للحياة»، فبدت في ملابس تراثية حيناً، أو في هيئة استمدت ملامحها من أعمال المستشرقين حيناً آخر، وخرجت عن الإطار التقليدي في لوحة أخرى تمددت فيها فتاة على شاطئ البحر، بينما تحولت الأمواج الزرقاء إلى غطاء يلف بلطف بالغ جسدها المستلقي بتراخ على الرمال. كما ظهرت المرأة وهي بكامل أناقتها الأوروبية في لوحة، أشارت الفنانة إلى انها تعكس أجواء من مجتمع الملوك والباشوات، «وهو عصر كان يوصف بالأصالة والتهذيب والأخلاق الرفيعة»، كما ترى متى، مشيرة إلى أن الفترة التي تحتاجها لإتمام لوحاتها تراوح بين ستة إلى تسعة أشهر للوحة الواحدة، «وهو وقت مناسب لتقديم أعمال تتصف بالعمق والدقة، كما أنه يناسب استخدامي للألوان الزيتية التي أجد فيها حياة وجاذبية تفوق الاكريليك وغيره من تقنيات الرسم، وهي تقنية تتطلب المزيد من الوقت، نظراً لحاجة طبقات الألوان لان تجف».
متى التي سبق أن أقامت عدداً من المعارض في بيروت والقاهرة، عبرّت على هامش معرضها الأول في الإمارات، عن رغبتها في أن تتاح لها الفرصة للاحتكاك عن قرب بمفردات البيئة الصحراوية وجمالياتها، وهو ما قد يشكل موضوعاً لمعرضها المقبل، لافتة إلى أن «الفن لا يقتصر دوره على إضفاء الجمال على الحياة، ولكنه يمكن ان يحمل رسالة إنسانية واجتماعية أيضاً، مثل مشاركتها مع عدد من الفنانين في سمبازيوم فني في بيروت، والتبرع بريع الأعمال الفنية التي يقومون برسمها لمصلحة جهة خيرية، كان آخرها بنك العيون بلبنان.