إيهاب توفيق: «الشــلليّة»تتسيّد الساحة الغنائــية
قال الفنان المصري إيهاب توفيق إن «واقع شركات الإنتاج الفني في الوطن العربي انكشفت مساوئه سريعاً بعد هزات عنيفة تعرضت لها بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية»، مشيراً إلى أن الكثير من شركات الإنتاج مشغولة بتعويض خسائرها بصرف النظر عن الوسيلة، وزيادة عدد المواقع التي تقدم خدمات غير شرعية لتحميل الأغاني والألبومات، حفز باتجاه تركيز تلك الشركات على تقديم خدمات لمراهقين مثل تحميل النغمات وغيرها، في الوقت الذي علت فيه نغمة «التربيطات والشللية والاتفاقات التي لا تظهر على سطح الطاولة، وصارت متحكمة بالساحة الغنائية».
نار أسعــــــار اشتكى الفنان المصري إيهاب توفيق من الكلفة العالية لتصوير الأغاني، مستدلاً في حواره مع «الإمارات اليوم» بكلفة تصوير إحدى أغنيات ألبومه الأخير «لازم تسمع» في تركيا، إذ إن أغنية وحيدة تكلف تصويرها فقط 50 ألف دولار، وهو أمر يكاد يهدد تلك الصناعة ويدفع بعض الفنانين إلى اللجوء إلى مواقع تصوير داخلية قد لا تخدم السياق الدرامي للأغنية على النحو الأمثل، فقط للتغلب على نار الأسعار المستعرة، حسب توفيق الذي أضاف «يتناقض مع ذلك اعتماد معظم شركات الإنتاج في تسويق تلك الأغاني على قناة فضائية بعينها، في ظل التوأمة أو الحسابات الخاصة التي تسود الساحة الغنائية حالياً، وهو أمر إن كان يحقق مصالح البعض فإن المتضرر الأول منه هو الفنان والجمهور، فالأول يقتصر حضوره على تلك القناة، والطرف الثاني يُحرم من نجمه المفضل في حال عدم مصادفته قناة بعينها قد تتوه عنه في ظل زحمة الفضائيات». |
وكشف توفيق في حوار مع «الإمارات اليوم» أثناء زيارته أخيراً إلى دبي أنه يفكر في اتخاذ خطوات جدية تتعلق بعملية الإنتاج، ملمحاً لاحتمال لجوئه للإنتاج الخاص، موضحاً «إنتاج ألبوم يجب أن يتعدى الغرض المادي البحت الذي يحكم عمل معظم شركات الغناء التقليدية، وأفكر في إعادة إنتاج بعض الأغاني التي شكلت بداياتي وارتبطت بوجدان الجمهور مثل مجموعة أغنيات ألبوم (داني) وغيره عبر توزيع جديد».
وأضاف توفيق «الكثير من البيانات التي تصدرها بعض شركات الإنتاج تفتقر إلى الصدقية، وبشكل خاص في ما يتعلق بنسب المبيعات»، لافتاً إلى إشكالية تطبيق قوانين حماية الملكية الفكرية وتأثر تلك الشركات بها بسبب وجود مئات المواقع التي تتيح تحميل ونسخ الألبومات بطرق غير شرعية.
انزعاج من الدعاية
قلل توفيق من حجم مشكلته مع محسن جابر صاحب شركة «مزيكا» التي تعد إحدى كبريات شركات الإنتاج الفني في الوطن العربي بعد «روتانا»، مؤكداً الأخبار التي تواترت عن انزعاجه من عدم الاهتمام بأعماله من الناحية الإنتاجية والترويجية لإتاحة مزيد من الألق لمواطنه تامر حسني، مضيفاً «علاقتي الشخصية مع جابر يجب أن تكون بمنأى عن تلك المشكلات، خصوصاً أن الملاحظات حول ضعف الدعاية وتمييزه لبعض الفنانين جاء بالأساس من الجمهور، وكل ما أفكر فيه الآن هو صون حقوقي وحقوق جمهوري، مهما كانت الجهة التي تتعدى عليها».
أشار توفيق الذي سبق وأنهى تعاقده مع شركة روتانا بسيناريو مشابه تقريباً إلى أنه سيتمهل كثيراً في خطوته المقبلة، لافتاً إلى أنه يفكر أيضاً في تحريك دعوى قضائية على أولى شركات الإنتاج التي تعاون معها وهي شركة «هاي كواليتي»، موجهاً دعوة إلى الجمهور بعدم التعاون مع ألبوم غنائي يضم ثماني أغنيات وصفه بـ«اللاشرعي» قامت بإنتاجه.
وقال «رغم مرور سنوات طويلة على إنهاء تعاقدي مع الشركة، إلا أنني فوجئت بطرح ألبوم في الأسواق دون علمي تزامن مع طرح أحدث ألبوماتي (لازم تسمع)، لأكتشف بعدها أن العمل ما هو إلا تسجيل لأغنيات تم استبعادها من الألبومات الأولية، وهو أسلوب متعارف عليه في العمل الفني، وغالباً ما تكون أعمالاً أقل جودة، والأداء فيها يقترب من مفهوم (البروفة) أو التجربة».
ونفى المطرب المصري صحة الإحصاءات التي أصدرتها «مزيكا»، والمشيرة إلى انخفاض جماهيريته، معتمدة على تدني نسب مبيعات ألبوماته، متسائلاً عن آلية الحكم على جماهيرية الفنان في ظل تفاقم تقنيات القرصنة والنسخ في ظل غياب التنفيذ الرادع لقوانين صون حقوق الملكية الفكرية في معظم بلدان الوطن العربي، مضيفاً «القرصنة وعمليات التحميل والنسخ وتدول الأعمال الفنية بشكل غير مشروع على الإنترنت، يتضرر منها جميع الفنانين في مختلف الدول العربية، لذلك تلجأ شركات الإنتاج إلى تعويض ذلك عبر أساليب جديدة مثل رسائل تحميل النغمات وغيرها، لهذا فإن التركيز على تدني المبيعات بأرقام مشكوك فيها لدى فنانين بعينهم وتجاهل آخرين لا يخلو من مفهوم الشللية».
تجربة التمثيل
في ما يتعلق بتأخر ظهوره في أعمال درامية وبشكل خاص على شاشة السينما أسوة بتجارب الكثيرين من مطربي جيله، قال توفيق «رغم أنني لم يسبق لي تجربة التمثيل بشكل متكامل، إلا أن ميلي إلى تصوير الكثير من أغنياتي بنفسي، وعلى نحو دائماً يستعين بأدوات الدراما يمكن أن يكون بالنسبة لي بمثابة تدريب عملي على خوض التجربة، رغم ذلك فإن تأخر تلك الخطوة يعود بالأساس إلى غياب النص الجيد الذي يتيح لي الظهور بشخصية لا تبتعد كثيراً عن شخصيتي كمطرب في المقام الأول».
واستبعد توفيق حفاظ أي فنان يخوض تجربة التمثيل على الصورة النمطية التي رسمها عبدالحليم حافظ بأفلامه في أذهان الجمهور، موضحاً «كل شيء قد تغير الآن، حتى زمن اصطفاف الناس وتشوقهم إلى الجديد الطربي لم يعد بالكيفية ذاتها مع فوضى الفضائيات التي خلطت ثمين الطرب بغثه، ولم يعد الجمهور مصطفاً في ليلة طرح عمل جديد من أجل الحصول على نسخة من الألبوم يقومون بحجزها مسبقاً، وبسبب سهولة تداولها سواء شرعاً عبر فضائيات متعددة خصصت نفسها في الأغنية العربية، أو غير ذلك من خلال الشبكة العنكبوتية ومواقع القرصنة الفكرية».
وفي ما يتعلق بتداعيات الأزمة الاقتصادية بخلاف تأثيرها في سوق الألبومات الغنائية، ذكر توفيق أن تواضع عدد الحفلات الغنائية هو وجه آخر مؤلم للفنانين لهذه الأزمة «كنت أحد أكثر الفنانين الذين يقومون بإحياء حفلات غنائية سواء داخل مصر أو خارجها، لكن الأمر تقلص الآن، في ظاهرة لم تستثن أحداً من الفنانين».
ونفى صحة ما يتردد بأنه بصدد تقديم ألبوم غنائي لعدد من الأغنيات القديمة لبعض عمالقة الأغنية العربية، مضيفاً «طوال تاريخي الفني لم أجرؤ أن أستعين بعمل لأي مطرب آخر سواء كان هذا الآخر هو أحد زملائي من ابناء جيلي أو أي من المنتمين للأجيال السابقة، لأنني أؤمن بأن العمل الجيد يظل كذلك ما دام مرتبطاً بمبدعه الأول، لذلك فإن إلحاح الجمهور أو مقدم برنامج ما أكون ضيفه هو المبرر الوحيد بالنسبة لي للغناء من أعمال آخرين».