عمر بشير: لستُ من محترفي«تجارة الأوطان»
أعلن عازف العود العراقي عمر بشير انه اعتذر عن المشاركة في عرض «القدس عاصمة السلامين» الذي يقدم في المغرب في الثامن من يونيو المقبل، وهو العرض الموسيقي الذي واجه بسببه اتهامات بالتطبيع مع إسرائيل، لكونه يجمع فنانين من مختلف دول العالم، ومنها إسرائيل، مؤكدا انه «ضد التطبيع وضد الصهيونية وكل من يعتدي على الأطفال».
وقال بشير لـ«الإمارات اليوم» إنه اعتذر عن المشاركة في العرض الذي سيستضيفه المغرب ضمن المهرجان الصوفي بمدينة فاس، و«من المقرر أن يشارك عازف العود المغربي إدريس المالومي في العرض بدلاً مني، وأنتظر لأرى موقف وسائل الإعلام منه ومن المغرب، وهل ستوجه لهما الاتهامات نفسها بالتطبيع التي وجهت لي، أم ان الأمر مسألة شخصية تهدف للنيل من اسمي أمام الجمهور؟»، موضحاً انه سيعاود الالتحاق بالعرض الذي انطلق في فبراير الماضي، في الجزء الباقي من جولته في عدد من دول العالم.
اتهامات غير منطقية
وأبدى نجل الفنان العراقي الشهير منير بشير رفضه وتعجبه من الاتهامات التي وجهت إليه بالتطبيع مع إسرائيل، في أعقاب مشاركته في العرض الذي ترعاه منظمة اليونسكو، واصفاً الهجوم عليه بـ«التجارة بالأوطان وبيع الأيديولوجيات والقوميات».
وأضاف «هل من المنطقي أن أُتهم بالتطبيع في الوقت الذي أرفض فيه المشاركة في أي حفل أو مهرجان به اسم إسرائيل بأي صورة من الصور، بل وصرحت من قبل برفضي ان يتحمل العرب وأطفالهم ذنب ما تعرض له اليهود في أوروبا»، وكشف بشير أنه رفض قبل ذلك «عرضاً بالتدريس في إسرائيل مقابل مليون دولار».
وجود عربي وعالمي
وأوضح بشير أن مشاركته في عرض «القدس عاصمة السلامين»، الذي يقام برعاية اليونسكو، لا تندرج ـ كما يرى ـ في إطار التطبيع، تماماً مثل لاعب كرة القدم الذي يتلقى عرضاً للاحتراف في نادٍ عالمي ولكنه يضم بين صفوفه لاعباً إسرائيلياً، فهل يجب عليه ان يترك الفرصة التي طالما انتظرها لهذا السبب؟ «فقد وجدت أن مشاركتي في العمل ضرورية لأنني امثل جانباً من التاريخ العربي لمدينة القدس، وإذا ما اعتذرت عنه كان سيعرض الدور على عازف إسرائيلي يؤديه هو وينسب آلة العود لدولته، بينما يغيب الوجود العربي في العمل».
مشيراً ان العرض يضم 34 فناناً من مختلف أنحاء العالم تحت إشراف الفنان الإسباني العالمي جوردي سافال، حيث يضم فنانين من إسبانيا وفرنسا وأيرلندا وانجلترا وأميركا وبلجيكا وهولندا، بالإضافة إلى أربعة فلسطينيين من عرب ،48 بينهم إمام مسجد، وأربعة عازفين من إسرائيل من جذور عراقية، وقد بلغت الكلفة النهائية للعمل 125 ألف يورو، كما تم إصداره في ألبومين متكاملين، يوزع معهما كتاب بسبع لغات عن العرض وموضوعه.
وقال بشير «أقوم في العرض بتمثيل فترة الحكم العثماني، التي يبدأ بها الجزء الثاني من العرض، عقب الأذان الذي يطلقه إمام المسجد وهو فلسطيني من عرب ،48 كما انني واحد من ثلاثة عازفين يقومون بالعزف المنفرد (صولو) في العرض، وهو ما اعتبره الجمهور العربي الذي شهد العرض مصدر فخر وسعادة لهم».
فيلم عن منير بشير كشف عازف العود العراقي عمر بشير أنه يعمل وعائلته على مشروع فيلم حول قصة حياة والده الموسيقار العراقي العَلَم الراحل منير بشير، ومن المقرر أن تبدأ كتابة السيناريو في أغسطس المقبل، بينما يتولى المخرج التركي متين اورغان إخراج الفيلم. مشيراً إلى انه لدى عائلته ما يقارب 200 ساعة من العزف والتسجيلات الفنية لوالده، لم يستمع إليها أحد حتى الآن. |
«العود المجنون»
ووصف بشير ألبومه «العود المجنون»، الذي قام بإطلاقه اخيراً، خلال زيارته للعاصمة ابوظبي، ويواصل فيه تعاونه مع شركة الإنتاج EMI للموسيقى العربية، وهو الألبوم الـ19 في تاريخه، والألبوم الفردي الـ15 في مشواره؛ بأنه يمثل خلاصة 35 عاماً من العزف على العود بدأها منذ عمر خمس سنوات، وخلاصة خبراته مع والده منير بشير وكبار الفنانين في العالم. موضحاً انه يقدم في الألبوم الذي استغرق إعداده أربع سنوات «نمطاً جديداً مجنوناً من آلة العود ممزوجة بالفلامنكو». ويضم ما يقرب من سبعة أساليب جديدة في العزف، و13 مقطوعة موسيقية من بينها مقطوعة رومبا، و«رحلة» التي يقوم فيها برحلة في أفكاره مع الموسيقى العربية والغجرية والأندلسية، ومقطوعة امبيانت وهي إيقاعات بطيئة تستخدم في الديسكو، إلى جانب «تقاسيم على العود» مهداة إلى والده منير بشير، كما يقدم فيه مقطوعة بمشاركة سيدة المقام العراقي فريدة وزوجها عازف الجوزة محمد قمر، تمثل حواراً بين الجوزة والعود من جانب والغيتار من جانب آخر، ومن التراث العراقي والعربي يقدم «طالعة من بيت أبوها» و«فوق النخل» و«زوروني كل سنة مرة».
«تجارة الأوطان»
وأشار بشير الابن إلى ان الألبوم يضم مقطوعة «طفلتي الحزينة» وهي عن فتاة عراقية تعيش بين القمامة بعد ان توفي والداها، ومن المقرر ان تقدم المقطوعة كأغنية تغنيها مطربة عراقية، كما سيتم تصويرها فيديو كليب. معتبراً المقطوعة رسالة للحكومة العراقية لتهتم بالأطفال الذين يمثلون المستقبل، يقدمها «بعيداً عن تجارة الأوطان التي تمثل أنجح وسيلة للعب بمشاعر الشعوب العربية العاطفية بطبعها، وهناك فنانون أصبحوا أغنياء من وراء الغناء لفلسطين بينما يعيشون في أوروبا بعيداً عما يجري في المنطقة بأكملها».
وعن مدى استعداده للعودة إلى العراق قال «لم أحاول العودة إلى العراق حتى لا أقتل بمجرد عودتي كما حدث مع فنانين عادوا وكانوا هدفاً للاغتيالات، وهو ما جعل كل فناني العراق ومبدعيها موزعين في مختلف أنحاء العالم، فقد يكون من المقبول ان اقتل في سبيل قضية، أو ان يؤدي مقتلي او مقتل غيري إلى إنهاء الفوضى التي يمر بها العراق، ولكن للأسف فقتل الفنانين والمثقفين ليس له مقابل ولا يغير من الوضع هناك»، من جهة أخرى يجد بشير أنه لا حاجة عنده لتلحين ألحان وطنية للعراق «فكل ألحاني عراقية، وكل ما اقوم به من الحان وحفلات ومهرجانات هو رسالة للعالم بأن العراق ليس فقط بلد حروب ونفط وقتل، وان ما يحدث حالياً هناك لا يمثل الوجه الأصيل للبلد أو أبنائه، فالعراق سيظل بلد ثقافة وحضارات على الرغم مما شهده ويشهده، وعلى الرغم من إحراق المتاحف والمكتبات، ومن بينها مكتبة منير بشير، ليخرج جيل جديد لا يعرف ماضيه وتاريخه».
عصابات فنية
واتهم الفنان الشاب الملقب بـ«أمير العود» العصابات والشللية التي تسيطر على الساحة الفنية في العالم العربي بتكريس عدد محدود من الأسماء الفنية التي تتكرر في مختلف المهرجانات والمناسبات، على حساب العديد من الأسماء المهمة والمواهب الأصيلة التي «يتم تجاهلها لأنها تجهل أصول لعبة المصالح والواسطة التي تتحكم في الأمور، في الوقت الذي يحتفي الغرب بهذه الأسماء ويقدرها». معبراً عن أسفه لهذا التجاهل «فهل يعقل ان يقام مهرجان للعود العربي، أو مسابقة باسم منير بشير ولا تتم دعوتي؟»، معتبراً أن هناك من يحاربه ويقف خلف هذه الفعاليات «لأنني أمتلك أسلوباً وقوة في عزفي يفتقدها الكثيرون، كما يعتمد تميزي على مهارة العزف التي اكتسبتها من التدريب الطويل الذي يمتد لسبع ساعات يومياً، والاستماع إلى تراث الشعوب الموسيقي والتفاعل معه».
واعتبر بشير ان التقنيات التي يتم استحداثها مثل إضافة أوتار جديدة للعود، او استخدام طرق عزف جديدة، لا تعد مصدر تميز للعازف، ولا تضيف للموسيقى، مضيفاً أن «منير بشير هو أول من أضاف وتراً لأوتار العود الخمسة، وهو لا يؤثر فعلياً في العزف، ولكن كان يستخدمه في الارتجال، كما انني ضد أي تخريب للموسيقى العربية بدعوى تحديثها، وضد إدخال أي آلة غربية على التخت الشرقي، وفي الوقت نفسه علينا ان نطور موسيقانا ونقدمها للعالم بأسلوب عصري متطور».
وعن خلافاته مع مواطنه عازف العود نصير شمه؛ قال بشير «ليست لدي مشكلة شخصية او عداء مع شمة، ولكن هناك خلافاً معه سيظل مدى الحياة لأنه سبق أن تحدث عن والدي بأسلوب لا يتناسب مع مكانته، والكلام وصلني وأغضبني لأننا نعتبر والدي خطاً أحمر لا نقبل المساس به»، مضيفاً أنه على المستوى الفني لا يستمع لعزف شمة «لأنني أجده مزيجاً من أساليب أساتذة في عالم العود، هم منير وجميل بشير والشريف محيي الدين حيدر، وبالتالي لا يمتعني».