فريدة لاشاي.. حروب وأرانب
الأرنب بطل حكاياتها، التشكيلية الايرانية فريدة لاشاي جعلت من الأرنب شاهداً على أحداث كثيرة أثرت في الانسان سلباً وجعلته كثير البكاء. تروي لوحات لاشاي التي يستضيفها غاليري إيزابيلا في دبي حكايا متنوعة. معرضها الذي حمل عنوان «الأرنب في بلاد العجائب» يأتي محاولةً منها للتعبير عن الحزن الذي تسببت فيه الحروب التي اجتاحت المنطقة، وكمية الدماء التي أصبحت تشبه الذهب في لمعانها.
اختارت لاشاي الارنب تيمة لجميع تجاربها، رسمته ابيض اللون في لوحات يغلب عليها السواد. وقالت لاشاي: «هذا الارنب الصغير هو فسحة الامل التي يجب أن تكون في قلوبنا، فقد مللنا القتل والدماء والفيضانات، مللنا رائحة الموت لأناس كانوا يريدون ان يعيشوا أكثر».
تبحث لاشاري في أعمالها عن الصفاء، الأرنب نراه مندفعاً في لقاءات مع شخصيات عاشت يوما في بلاد العجائب بداية من اليس ومروراً بالساحر وانتهاءا بالقطة، وصورت لاشاي أرنبها الجميل، وهو يكشف من خلال شقاواته وعبثيته أمثلة عدة من الظلم في العالم. وتوضح «الأمر كله يشبه لعبة الشطرنج التي تكون فيها الرقابة عالية، ومراقبة الحركات والتحركات ولغة العيون ايضاً قد تفسر بشكل خاطئ وتقع المصيبـة».
حملت لاشاي الأرنب الكثير من صفات البراءة واعتبرته «دلالة على الصفاء»، وفي الوقت نفسه فإن الأرنب قد يغضب ويفزع ويتنبأ بالخطر ويهرب بعيداً عنه، وكما ترى لاشاي فإنه في «زمن الثورات والحروب والايديولوجيات والحركات العلمية والثورة الرقمية وذكريات الطفولة تشكل بالنسبة لي العثور على نهج موحد ».
حالات مختلفة
حركة الأرنب على لوحات لاشاي أشبه باحتفاء غنائي يعطي المتلقي مجالا ليتأمل تأويلاتها في قضايا مثل السلطة والآيديولوجيات، وصورته في حالة تأهــب مستمرة، حتى ان المشاهد يستشعر حركة اذنيه والخوف في عينيه المفتوحتين دائماً دلالة على الخطر والخوف، وقالت لاشاي لـ«الإمارات اليوم»، إن «الخيال جزء لا يتجزأ من الفنان الذي يحاول البحث دائما عن شخصيات يوظفها لخدمة فكرته». ترصد لاشاي صوراً ملموسة من واقعنا بشكل طفولي وتعمل عليها لخلق أفكار متناقضة، فالطفولة والــدم لا يلتقيان، كما نرى أرنبها الذي يختلط لونه الابيض مع الالوان الزيتية الغامقة، مذعوراً وكثير الاسئلة ومحبطاً لعدم وجود الحل، وهو مشاكس ايضا ويستفز شخصيات اللوحات الاخرى كالغراب والقط وأليس نفسها، لكن لا أجوبة عن تساؤلاته».
العصا السوداء
من الواضح في معرض لاشاي أنها تريد محاسبة العصا السوداء التي تقول عنها «إنها فوق رأسي وترفرف مثل الراية، العصا السوداء كانت حاضرة ومتربصة بالارنب اللطيف الذي حاول الفرار منها بالانتقال بين لوحة واخرى، بعد ان تعرض لإصابات عدة واصبح يتلاشى شيئا فشيئا إلى أن اختفى تماما وراء ابتسامة عريضة وحزينة ايضا، هي عوالم من الخوف والكبت، عجز عن التعبير، هنا اصور الحرب والنزعة العسكرية في التلذذ في التعذيب وانتهاك كل الاشياء حتى الجمادات، ابتسامة الأرنب ليست أكثر من بقايا أمل مفترض.
حوار الشخصيات
سيرة تحتل التشكيلية الايرانية موقعاً طليعياً في الحركة الفنيّة المعاصرة في إيران، إذ تزاوج بين التصوير الزيتي والفيديو آرت والفوتوغرافيا، وهي خريجة أكاديمية الفنون الجميلة في فيينا وتمارس التصوير الزيتي منذ أواخر ستينات القرن الماضي. درست الأدب الألماني في فرانكفورت قبل التحاقها بأكاديمية الفنون الجميلة، وفي عام 2003 نشرت روايتها الوحيدة بعنوان «جاء ابن آوى»، ولها مجموعة من المعارض الفردية في إيران وأوروبا وأميركا. |
من الاشياء الممكن لمسها في المعرض ان المشاهد يشعر نفسه قارئاً لرواية مفتوحة من حيث الحوار بين شخصيات بلاد العجائب تفرض نفسها في اللوحة مــع غـياب التعبير عنها بالكلمات «أليس تقول للقط لا أريد أن اعيش بين أناس مجانين، فيرد القط عليها: «نحن هنا بكل جنون، وأنا مجنون وأنت مجنونة»، فترد عليه: «كيف عرفت انني مجنونة؟»، يقول لها القط: «لو أنك عكس ذلك لما هربت من واقعك الحقيقي وبحثت عن الجنون الذي يرفض كل اشكال النبذ والاضطهاد».
هكذا لخصت لاشاي حوار شخصياتها. وأكدت «نحن نعيش الجنون على عكس جنون بلاد العجائب النقي، نحن نعيش جنون التعطش للالم والحروب».
وأضافت «أنا فنانة لي الحق بالتنوع في وسائل التعبير، من دون الاعتراف بالحدود التي قد تحصر الهوية وتحددها بشكل صارم وقاسٍ».
وأشارت إلى أنها مفتونة بالسينما وشخصية الحكواتي، وتحب قول الحكايا من خلال شخصيات كانت حاضرة دوماً في حياتنا، ولها تاثيرها العاطفي على امل ان يكون لتلك الشخصيات جرس انذار ينبه الاخرين الى ضرورة ان يتسلحوا بالحب».