16 لوحة يعرضها في غاليري « أيام » في دبي
قيس سلمان.. خيط بين الجمال والقبح
قد لا تجذب لوحات الفنان السوري قيس سلمان، المتلقي بجمال ما تعرضه، بقدر ما تشكل نوعاً من الصدمة للوهلة الأولى لجهة ما تصوره من قبح وبشاعة تتجليان في أبطال لوحاته. فقد حاول سلمان من خلال معرضه الذي افتتح أخيراً في غاليري أيام في دبي، بعنوان «الحياة المادية»، أن يسلط الضوء على مادية البشر التي باتت أساس التعامل. ويظهر كيف تحول البشر مع الوقت الى سلع محددة السعر والصلاحية وبلد المنشأ، من خلال معالجة بصرية لنساء تعريهن الحياة المادية، فتجعل وجوههن المتعددة واحدة. موضحاً أن «خيطاً رفيعاً » يفصل بين الجمال والقبح».
قبح
يمنح قيس لوحاته أبعاداً تترتب على المشهد العام للحياة، إذ يطرح التناقض القيمي الذي نعيشه، فبين الجمال المطلب الأساسي للنساء، والقبح الذي يحاول أن يقدمه، هناك خيوط فاصلة بين الاثنين، تجعلهما يتماهيان وأحياناً قد يصعب التمييز بينهما. ولا يمكن القول إن الفنان السوري يجنح الى فلسفة الواقع، بقدر ما أنه يعمد الى نقله بأسلوب الفن المعاصر الحديث. كما أنه يطرح إشكالية ورؤية واضحة، تجعل المتلقي يغوص في أعماق اللوحة، ليخرج من خلالها بخلاصة تختصر الواقع. وتحمل لوحات قيس المتعددة الخامات «ألوان اكريليكية وأحبار»، وعددها 16 لوحة، صور النساء في العالم المادي، وكيف تحولن الى نسخ متشابهة. كما أنه حين يعري نساءه، فإنه لا يتجه الى فئة محددة من النساء، بقدر ما يشير الى وجود قواسم مشتركة بين كل شخصياته، فهن مهما تعددت وجوههن أو ما يرتدين، عندما يدخلن مسرح الحياة يصبحن متشابهات.
ويعمد قيس من خلال تصوير النساء، إلى اختزال الجسد أو إعادة قولبته، بتصور واضح يميل الى تقديمه بأسلوب رافض للواقع الذي يتسم بالبشاعة. كما أنه حين يعتمد وضع ملابس المرأة والتخفيف منها بين واحدة وأخرى، فهو لا يتبع التفاعلات البشرية والنفسية التي تظهر من خلال الوجوه، فالوجه عنده مشترك بين كل الأعمال، وهو مميز بملامحه الخاصة التي تأخذ نصف اللوحة فيما يترك النصف الآخر للجسد. والى جانب التناقض القيمي في المجتمع، يطرح قيس الازدواجية التي باتت تسيطر على الكثير من سكان هذا العالم. كما انه يرفض تخصيص المرأة بالتفكير المادي، ولهذا صور الرجل في أكثر من لوحة بالمعايير نفسها، بإشارة واضحة الى أن هذه الصفة باتت كالعدوى تنتقل الى كل المجتمع وحتى الرجال.
مادية البشر لا يكتفي الفنان قيس سلمان في معرضه الذي يستمر حتى 15 يناير المقبل، بإظهار مادية البشر من خلال الملابس والحركات والوجوه المتشابهة فقط، إذ يعتمد إضافة بعض العلامات الخاصة على اللوحات. وقد أضاف على أكثر من لوحة، مثل العلامة التي تشير الى بلد المنشأ أو الرقم التسلسلي للمنتج. وكانت أبرز العبارات التي أوردها على لوحاته، التي حملت الى جانب الوجه، صورة ذبيحة كتب عليها «ذبح حلال»، وفي زاوية اللوحة «يحفظ في مكان بارد وجاف»، وهي تطرح تساؤلاً واضحاً وصريحاً حول ما إذا ما كانت المرأة محللة وبطريقة ما، وبالتالي تحمل إشارة واضحة الى عناية الفنان بالربط بين الاخلاق والقيم والفن. |
تناقض
قال سلمان لـ«الإمارات اليوم»، إن «الانسان العربي يعيش التناقض في ثقافته، فالمرأة تقع ضمن تناقض الجمال الذي يهمها، كما أن الرجل بدأ يتأثر بهذا الأمور، ما سينعكس سلباً على المجتمع برمته». ولفت الى أن الإنسان يتناقض بين خلفيته الثقافية الروحانية، والنزعة المادية الآتية من الغرب، ولهذا دخلت المجال النفسي للإنسان. ولفت الى أن «الانسان بات متناقضاً ويعيش حالة التقليد الأعمى، ولهذا نجد أن هناك فئة كبيرة من الذين مازالوا يبحثون عن تكوين ذواتهم». وأكد قيس أن «الجمال ليس بالأشياء الجميلة، وإنما بالشعور بالجمال، وبالتالي فالمرأة قد تكون جميلة، ولكنها من خلال مبالغتها في طرح جمالها، قد تولد حالة من عدم الراحة إليها أو الاطمئنان لها من قبل الغير». وشدد على أنه سعى من خلال الشكلانية إلى الدخول إلى العالم غير المرئي، وبالتالي التخلص من المدرسة الحداثوية، للدخول الى الفن المعاصر، وتقديم الثقافة الجمالية من منحى آخر. وحول تعرية المرأة، أكد أنه لا يريد إظهار مفاتنها، بقدر اهتمامه بإظهار الثقافة التي تظهر في المجتمع، وتبدو فيها المرأة كأنها تقلد مثالا في التلفزيون. أما الأيادي التي غابت عن لوحاته، فقال عنها قيس «أشعر أنه لا داعي لليد في الشخصية التي أطرحها، لأنها مجرد شخصية للعرض، فارغة من أي محتوى، وليس هناك من مبرر لوجود اليد». وختاماً اكد أن وجوده في دبي مهم لعرض ما يحدث في الفن السوري في دبي ملتقى الحضارات، كما أن دبي تعتبر اليوم بوابة لتصدير الثقافة العربية الى الخارج.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news