أثير: اخترت ألواناً صارخة لتظهر معاني الوجوه المخبّأة. تصوير: تشاندرا بالان

«الآن.. وفي هذا المكان».. الاختلاف هو الفن

الانتقال من المكان إلى الزمان، أو العكس، هو الفكرة الأساسية في أعمال رسامين ومصورين فوتوغرافيين ومصممين، يعرضون نتاجهم في معرض كوادرو في مركز دبي المالي في دبي الذي يفتتح اليوم، فمن السهل الشعور بحالة الانتقال تلك، حيث أرادوا من خلال عنوان المعرض «الآن.. وفي هذا المكان»، أن يجعلوا المشاهد يعيش اللحظة ويعيش الجغرافيا، ليدرك انه جزء من اي نوع من الحراك الذي يحدث من حوله في اي بقعة من العالم.

الرسام العراقي الأصل البريطاني المولد أثير، والمصورة السعودية منال الضويان، والفنان البحريني جعفر العريبي، والإيرانية جيتا ميه، والتركي علي تبتيك. والفنان الأميركي براد داوني، على الرغم من اختلاف جنسياتهم وثقافاتهم، الا أن المعرض جمع بينهم في الفكرة التي تم طرحها من قبل صاحب معرض كوادرو بشار، الذي قال لـ«الإمارات اليوم» «اخترت موضوعاً لا يقيد الفنان الذي من الممكن ان يقدم فكرته الخاصة ويقول لي هذا طلبك، حينها لن استطيع مناقشته فهو يرى الموضوع على هذا الشكل».

مصممة الجواهر نادين قانصو.

داوني والتغيير

من اللافت في «معرض كوادرو» العرض الحي والمباشر للفنان الغرافيتي الاميركي براد داوني الذي يعتمد على تغيير المشاهد العامة التي تعودها الشخص كي يلفت انتباهه للمكان، فقد أكد داوني «كلنا نعرف اشارة قف الموجودة في شوارع عدة في العالم، الى درجة اننا لم نعد نراها، ببساطة اقوم بتغييرها من خلال حذف حرف ربما او اضافة لون صارخ إليها»، وقال «أعتمد على فن التغيير الذي في رأيي يخدم الانسانية، على الرغم من عدم قانونيته»، موضحاً «أنا امشي في الشوارع وأغير المشاهد، ولا يهمني كون هذا المشهد خاصاً ام عاماً، المهم عندي ان يشعر المارّون بالأمكنة اكثر».

داوني الذي تأخذ أعماله المستوحاة من لافتات الشوارع ومواد البناء، رسائل هادفة بطابع ساخر، يقوم برسم لوحات ميدانية، في مركز دبي المالي العالمي ومعرض «آرت دبي» المقبل، ويوضح مسبقاً «دبي مدينة مغرية بالنسبة لي، لكني لن اتجاوز الأمكنة التي تمت الموافقة على تغيير بضعة أشياء فيها»، ورداً على سؤال اذا ما تعرض الى مساءلات قانونية عن أفعاله قال بضحكة خجولة «لن أجيب».

الاختلاف هو الفن

من خلال الصور الفوتوغرافية للمصورة السعودية منال الضويان، التي اعتمدت على صور من الحياة التي نعيشها لكنها أرادت ان تخصها بعبارات مكتوبة، لتعزز ربما حالة قبول أو رفض لواقع تعيشه أو يعيشه آخرون، فهناك مشهد من الصعب تحديد شكله، الا ان عبارة للعائلات فقط التي كررتها الضويان هي التي لفتت الى ذلك المكان الخاص فقط للعائلات، وكأن اي احد ليس لديه عائلة ممنوع من الاقتراب، فقد اعتدمت الضويات على جمل تريد من خلالها ان تلفت الانتباه الى الامكنة التي قامت بتصويرها دون الاشارة بشكل مباشر الى القصد من وراء تلك الجمل التي تعتبرها تكميلية للصورة، وعلى المتلقي ان يعي الرسالة من ورائها.

والحرف العربي ايضاً هو الذي اثار مصممة المجوهرات نادين قانصو التي تعرض حلياً مصنوعة من الذهب وتشكل الحروف العربية كلها، اضافة الى مشغولات يدوية من قمصان الى حقائب تحمل عبارات عربية تربط بين فن التصميم والثقافة والأزياء لتعكس حسب تعبيرها الترابط بين الفن والأزياء والتعبير عن الذات «فنحن نعيش في زمن لم يعد الحرف العربي منطوقاً كالسابق، حيث اللغة الانجليزية باتت المنتشرة بين جيل الشباب»، مؤكدة «رأيت ان اعزز الحرف العربي من خلال ترسيخه على مشغولاتي وتصميماتي الفنية، فأطلقت مجوهراتي الخاصة التي حملت عنوان (بالعربي) اعتزازاً بهذه اللغة المميزة واخترت تصميمات تتلاءم مع صرعات العصر والشباب كي يقتنوها».

وجوه أخرى

عند التحدث عن الزمان والمكان لا يمكن فصل المرأة ابداً، فهي أكثر من يعبر عن كل الحالات التي طرأت على الأمكنة والأزمنة، لأنها باختصار وفي الاساس صاحبة قضية، هذا ما يؤكده الفنان العراقي المقيم في باريس اثير الذي يشارك بست لوحات اعتمدت جميعها على ثيمة المرأة بأشكال مختلفة، وما تتعرض له خصوصاً المرأة العراقية التي تعيش الاحتلال بكل اشكاله، فتراها تغطي نفسها من تمساح مفترس تارة، وتراها في لوحة اخرى مجتمعة مع نسوة يتوشوشن بحال بلادهن، وفي تارة اخرى تراها تبكي مقهورة على فقيد غالٍ، لكن أثير صَوّر المرأة في كل أعماله يائسة وخائفة وخاضعه «أنا أصورها من رؤيتي العاطفية لها وخوفي عليها، حيث عندما علمت بموضوع المعرض لم يخطر ببالي الا وجهها القابع تحت البنادق من كل صوب». الوان أثير، وعلى الرغم من سوداوية موضوعاته، ألوان جريئة ومفعمة بالحيوية «استخدم الاكليريك، واخترت الواناً صارخة لتظهر معاني الوجوه المخبأة بشكل سلس»، ومن اللافت استخدامه للالوان التي يطلق عليها الفوسفورية، التي تعطي اشعاعا قويا مقارنة بالالوان الاخرى، «هذه النقطة كي يقف المشاهد ويحاول ان يدخل في قلب اللوحات اكثر».

وبالنسبة للبحريني جعفر العريبي فقد اشتهر بسلسة لوحات الموناليزا التي غير من شكلها اكثر من سبع مرات، حيث يعتمد في تعامله مع اللوحة حسب الافكار المطروحة، فالبنسبة له «تشكل الوجوه مادة دسمة، بصور مختلفة ومعانٍ مباشرة وغير مباشرة، وكأن تلك الوجوه تشكل للعريبي متنفساً ليقول تأثره بما حوله من أحداث».

الأكثر مشاركة