دعا إلى إعادة تقييم الإنتاج الأدبي المصري

سلماوي: الثورة فاجأتني رغم «أجنحة الفراشة»

محمد سلماوي: للأدب دور في توصيف الثورة وتقييمها. تصوير: إريك أرازاس

دعا أمين عام الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب الكاتب المصري محمد سلماوي، إلى إعادة تقييم للمنتج الأدبي والثقافي في مصر خلال العقود الأربعة الماضية، والنظر إليه نظرة مغايرة، لاكتشاف الكتابات التي أسهمت في قيام الثورة وشكلت حالة من التراكم بما تناولته من كشف لسلبيات الواقع ومساوئ النظام والأوضاع في مصر، وما كان لهذا المخزون الفكري والثقافي من تأثير في نفوس الشباب الذين أشعلوا ثورة 25 يناير في مصر. مشيراً إلى ان كثيراً من هذه الأعمال الأدبية جرى التعتيم عليها وتغييبها والتعامل معها باعتبارها خارج السياق العام الذي يذهب إلى ان يرى الشعب المصري خاملا لا يثور رغم كل ما يعانيه.

الأديب والثورة

أكد الفائز بجائزة شخصية العام الثقافية بجائزة الشيخ زايد للكتاب 2011 المستشرق تشونغ جي كون من جمهورية الصين الشعبية، ان الأديب الحقيقي لابد ان يقوم بالثورة ويقود إليها، باعتباره مفكراً وناقداً اجتماعياً مثل الأديب الراحل نجيب محفوظ. كما يجب ان يعمل جاهداً على كشف مساوئ وسلبيات المجتمع، لا ان «يطبل ويزمر للنظام القائم والحاكم».

وأشار كون في مداخلة له خلال المحاضرة، إلى ان «محمد سلماوي ليس الوحيد الذي تنبأ بثورة الشعب المصري، فهناك كثير من الأدباء المصريين الذي تنبأوا بها، خصوصاً من جيل الستينات مثل جمال الغيطاني ويوسف القعيد ومحمد المنسي قنديل وصنع الله إبراهيم كل منهم بأسلوبه الخاص الذي تميز به من أجل تطور المجتمع وبلورة الثورة التي كان لابد لها ان تنفجر».

واعترف سلماوي خلال المحاضرة التي نظمها المركز الثقافي الإعلامي لسمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة مساء أول من أمس، بأن ثورة 25 يناير كانت مفاجأة له، كما كانت مفاجأة للجميع، رغم انه تنبأ بقيامها وبكثير من أحداثها في روايته الأخيرة «أجنحة الفراشة»، التي صدرت قبل قيام الثورة بأيام قليلة. نافياً ان تكون شخصيات الرواية مستمدة من شخصيات حقيقية كانت جزءاً من النظام المصري قبل الثورة، كما ذهب بعض قراء الرواية. موضحاً «لم يكن في ذهني أثناء الكتابة ان أجسد شخصيات بعينها بين شخوص الرواية، ولكن نماذج الشخصيات أحيانا تجد لها صدى في الحياة الواقعية، وربما كان هذا جزءاً من تنبؤ الأدب بالواقع».

وقال صاحب «أجنحة الفراشة» «لم أقصد ان أتنبأ بقيام الثورة، لكنني كنت مهموماً بالوضع السياسي الذي كان سائداً في مصر، والذي كنا نسميه تأدبا (حراك سياسي)، والواقع انه كان حركة احتجاج سياسية قوية جدا مستمرة لسنوات طويلة، وكانت تعبر عن نفسها بأشكال مختلفة مثل التظاهرات والاحتجاجات وتشكيل حركات احتجاجية، وكانت تقابل بحركة قمع قوية لا تمل وتتسم بالتصاعد هي الأخرى، هذا الوضع هو ما كان يشغلني كخافية لأحداث الرواية، في المقابل وفي سياق التطور السردي للأحداث المتتالية، كان علي ان امضي بهذا الموقف وتطوراته حتى تنتهي الرواية، حيث أوصلني الموقف السياسي الذي بدأت به إلى انفجار كبير يعم الحياة في مصر، من خلال حركة تظاهرية عارمة تنتشر في كل المدن، ثم تداعيات هذه التظاهرة الكبرى التي تؤدي إلى إسقاط النظام. ورغم انني لم اذهب إلى ان الشباب هم الذين سيطلقون الثورة، إلا انني توقعت لهم دوراً قوياً وفاعلاً فيها، وأن تكون شبكة الانترنت خصوصاً موقع الـ(فيس بوك) ورسائل المحمول، هي وسائل التواصل بينهم».

كما اعترف سلماوي بأن روايته (التي استغرق عاماً في كتابتها، وانتهى منها خريف العام الماضي، ونفذت طبعتها الأولى عقب ايام من طرحها في الأسواق خلال الثورة، شارفت طبعتها الثانية على النفاذ) لم تخدم الثورة مطلقاً لأنها صدرت قبل قيامها بأيام، إلا من الجانب الأدبي حيث جسدت الرواية الثورة في قالب روائي ادبي. من ناحية اخرى استفادت الرواية من الثورة التي أسهمت في زيادة توزيعها. مشيراً إلى ان روايته ليست الوحيدة التي تنبأت بقيام الثورة، ولكنها التي واكبت الحدث زمنياً، كما كانت هناك نماذج شهيرة في مجال تنبؤ الأدب بالثورات من ابرزها رواية الكاتب المصري الراحل توفيق الحكيم «عودة الروح» التي تنبأت بثورة يوليو .1952

وقال إن الأدب ايضاً له دور في توصيف وتقييم الثورة، و التعبير عنها وعن مشاهد ومشاهدات من داخلها، وهنا تنقسم هذه الكتابات إلى لحظية وهي تناسب طبيعة الشعر أو القصة القصيرة والاقصوصة، بينما يحتاج الراوي إلى مساحة زمنية أو جغرافية ليبتعد عن الحدث وينظر إليه نظرة تأملية شاملة.

ووصف أمين عام الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب الثورات التي يشهدها العالم العربي حالياً في تونس ومصر ثم ليبيا واليمن، بـ«ثورات الديمقراطية»، في مقابل ثورات التحرير والاستقلال التي قامت بها الدول العربية «المستعمرة آنذاك» منذ ثورة 1919 ثم 1952 وما تبعها من ثورات في مختلف الدول العربية، حيث تضع الثورات الحديثة الديمقراطية والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية على قائمة أهداف هذه الثورات، بما يشير إلى ان العالم العربي مقبل على مرحلة من الديمقراطية. موضحا ان هذه الثورات كشفت بوضوح ان الديمقراطية ليست فكرة غربية أو دخيلة على العالم العربي، «فهي امتداد لمبدأ الشورى والبيعة»، «حيث لم يكن يملك الرسول محمد، ان يورث الحكم لأحد من بعده، في القوت الذي كانت أوروبا تعيش تحت ظل نظرية الحق الإلهي للملك، فإذا كانت هناك أمة تمثل الديمقراطية جزءا من تراثها فهي الأمة العربية»، مؤكداً ان «الاستبداد في العالم العربي لم يعد ممكناً، وليس بالضرورة ان تسقط أنظمة الحكم، ولكن لن تكون هناك أنظمة مستبدة في الفترة المقبلة».

تويتر