سلطان القاسمي: لـيس أصعب على الممثل مـن كــرسي فارغ
تحولت آخر ليالي الدورة 21 لمهرجان أيام الشارقة المسرحية التي شهدت الكشف عن نتائج المسابقة الرسمية للمهرجان، في قصر الثقافة بالشارقة، إلى عرس مسرحي حقيقي، بعد أن أمر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بتنفيذ كل ما جاء في توصيات لجنة التحكيم، التي اعتادت مختلف المحافل العربية أن تبقى مجرد أحبار على أوراق لا تحمل قوة إلزامية تنفيذها، لكن العرس المسرحي المحلي استحال إلى آخر عربي بعد أن أمر سموه أيضاً بإطلاق مسابقة للمسرح العربي تشارك فيها مختلف المسارح العربية، على أن يُعرض العمل الفائز في مستهل كل دورة من دورات أيام الشارقة المسرحية.
فطنة واعد
قبل أن تنطق رئيسة لجنة التحكيم جيانا عيد اسمه، وبمجرد أن تلت عبارات تؤشر إلى أن جائزة الممثل الواعد تقرر أن تمنح إلى صاحبها رغم صغر سنه، بفضل موهبته المتميزة، قام الطفل أحمد القرن بالتوجه إلى منصة التتويج بثبات ملحوظ، ليحصل على جائزة توقعها مع «الإمارات اليوم» وجمهور مسرحية «عار الوقار» التي كان بطلها. |
القرارن اللذان من المتوقع أن يظلا شاغلين للأوساط المسرحية في الفترة المقبلة، طغيا على استقصاء ردود أفعال نتائج المهرجان، وحتى الفائزين أنفسهم تضاءلت انفعالاتهم الشخصية في خضم الانفعال الجماعي الذي صاغته مشاعر الفرح، لا سيما أن توصيات اللجنة شملت الكثير من المنطلقات التي تمس واقع المسرحيين أنفسهم، منها الحصول على تفريغ شهرين للمشاركين في أعمال مشاركة في مهرجان أيام الشارقة المسرحي، وتضمين تلك الفترة ورش عمل متخصصة، والعمل على دعم الأعمال الجيدة التي شاركت في فعالياته للحضور في المحافل العربية والدولية، فضلاً عن تبني المواهب الواعدة التي يفرزها هذا المحفل المسرحي المهم.
صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الذي يعلم أن «مشهد الكراسي الخاوية هو المشهد الأكثر قبحاً في عين الممثل المبدع على المسرح»، ألقى كلمة استشرفت المستقبل المسرحي من رحم الماضي والحاضر، ختم بها فعاليات المهرجان، محيلاً فيها إلى أكثر من 32 عاماً مضت، أعلن حينها انطلاقة «ثورة الثقافة»، مبتدئاً في الوقت نفسه من وحي اللحظة الراهنة المتعلقة بإعلان جوائز المهرجان ومستشرفاً لطموح المسرحيين في آن معاً، وأحال في مستهلها إلى أبريل عام ،1979 مضيفاً «أتذكر أننا كنا نتابع إحدى المسرحيات على خشبة مسرح قاعة إفريقيا بالشارقة، وكنت أعلنت حينها إعلاناً بقي في ذاكرتي، يتردد في ذهني كل يوم، ألا وهو قولي فلنوقف ثورة الكونكريت ولنبدأ ثورة الثقافة، كما أتذكر يومها وقد كان حولي ثلة من الشبان الطامحين للنهوض بالمسرح، قلت لهم: إنني سأفاجئ الشباب بما أخططه للثقافة، والآن وبعد مضي 32 سنة من ذلك الإعلان نحن نصل إلى ما كنا نصبو إليه».
وأضاف سموه أن «كلمات لجنة التحكيم عن نضوج واكتمال الأعمال المسرحية التي قدمت خلال أيام المهرجان، لهي شرف لي ولجميع العاملين معي من أجل الارتقاء بالمسرح الإماراتي، ولا تكتمل الصورة إلا بتنفيذ ما طالبت به لجنة التحكيم في تقريرها من أمور يصعب على أفراد المسرح تنفيذها، لكنها سهلة لدينا، وأعلن أن كل ما جاء في التقرير لتصحيح مسار المسرح محلياً وعربياً سينفذ حرفياً».
«عيد سعيد»
تبادل المسرحيون الإماراتيون، مساء أول من أمس، التهاني بمناسبة اليوم العالمي للمسرح، بعبارة «عيد سعيد» متأثرين بتوجيهات تنفيذ توصيات لجنة التحكيم، وإطلاق مسابقة جديدة تشارك فيها كل الفرق المسرحية العربية، معتبرين أن هذا اليوم بمثابة مفترق طرق في مسيرة المسرح المحلي خصوصاً، والعربي عموماً . رئيس جمعية المسرحيين إسماعيل عبدالله، الذي انعكس اطمئنانه بحصوله على جائزة أفضل تأليف نظراً لتقديمه نصوص ثلاث مسرحيات نافست بعضها بعضاً من جملة سبعة أعمال مشاركة في المسابقة، في ثقة لازمت خطواته أثناء صعوده لمنصة التتويج، قال لـ«الإمارات اليوم» بصفته الأمين العام للهيئة العربية للمسرح «مازلنا في مرحلة استيعاب قرار سموه الذي يمثل مكرمة حقيقية للمسرح العربي من شأنها أن تغير الكثير من الأوضاع المتكلسة التي تنجم عن غياب مبدأ المنافسة الحقيقية». وأشار عبدالله إلى أنه سيبدأ فوراً البحث عن آليات تنفيذ القرار الجديد الذي توقع أن يكثف من آليات التعاون بين «الهيئة» ومختلف المسارح العربية، مضيفاً «اكتسى هذا اليوم المهم لدى كل مهتم بالمسرح على اتساع خشباته عالمياً، أهمية عربية وإماراتية خاصة، بقرارات سموه بشأن المسرحين المحلي والعربي». الفنانة بدرية أحمد التي عادت إلى الخشبة بعد أكثر من 10 سنوات شغلتها فيها الدراما التلفزيونية، التي حصلت على جائزة أفضل ممثلة «دور أول» مناصفة مع الفنانة بدور، قالت إن جائزتها الشخصية تتضاءل مع «قرارات الفرح» التي ستسهم في دعم الخشبتين المحلية والعربية، وهي الفكرة نفسها التي أكدتها من تقاسمت معها الجائزة الفنانة بدور، «فرحتي فرحتان، تغلب عليها الفرح بقرارات تبني توصيات لجنة التحكيم خصوصاً». الفنان سعيد سالم لم يشارك في أي من أعمال الأيام سواء ضمن المسابقة الرسمية أو خارجها، لكنه اعتبر أن المسرح الإماراتي بتلك القرارات يدخل مرحلة جديدة من الريادة خليجياً وعربياً، مضيفاً «فلسفة تطبيق قرارات لجنة التحكيم ظلت غائبة عن مختلف المسارح المحلية والعربية، وعندما تأتي أوامر تنفيذها من قبل سمو حاكم الشارقة فإن هذا يشير بوضوح إلى أننا أمام مرحلة جديدة يعلو فيها قدر الفعل المسرحي». |
وقال سموه «لقد أنشأنا الهيئة العربية للمسرح وأخذت تحاول أن تقيم مهرجاناً هنا، وتنفذ توجيهاً هناك، وتنشئ مكتباً في مكان آخر، ولكن من هذا اليوم نكلف الهيئة أن تقيم مسابقة بين الفرق المسرحية العربية جمعاء، ويتم اختيار فرقة واحدة لتحصد جائزة هذه المسابقة، وتكرم بالتزامن مع افتتاح أيام الشارقة المسرحية، ويكون عرضها في حفل الافتتاح».
وأكد سموه متابعته الحثيثة لفعاليات مهرجان ايام الشارقة المسرحية، مشيراً إلى أنه كان يستفسر عن وضع الصالات والحضور، «لأن أقبح ما يعتري الممثل أن يخاطب كرسياً خالياً».
وقد نالت مسرحية «حرب النعل» لفرقة مسرح الشارقة الوطني ست جوائز، أبرزها جائزة أفضل عرض مسرحي متكامل، وفاز الفنان علي جمال بجائزة أفضل إخراج مســرحي عن مسرحية «الرهان» لفرقة جمعية حتا للثقافة والفنون والتراث، وذهبت جائزة أفضل تأليف للفنان إسماعيل عبدالله عن مسرحية «حرب النعل».
وحصل على جائزة أفضل ممثل «دور أول» مناصفة، كل من الفنان مروان عبدالله عن دوره في مسرحية «حرب النعل»، والفنان محمد إسماعيل عن دوره في مسرحية «الرهان».
وذهبت جائزة أفضل ممثلة «دور أول» مناصفة، لكل من الفنانة بدور عن دورها في مسرحية «حرب النعل»، والفنانة بدرية أحمد عن دورها في مسرحية «قرموشة» لفرقة مسرح دبي الأهلي.
وحصل الفنان عبدالله صالح على جائزة أفضل ممثل «دور ثان» عن دوره في مسرحية «حرب النعل»، وحصلت الفنانة سميرة الوهيبي على جائزة أفضل ممثلة «دور ثان» عن دورها في مسرحية «السلوقي» لفرقة مسرح الفجيرة القومي.
ونال جائزة أفضل ممثل واعد الفنان أحمد القرني عن دوره في مسرحية «عار الوقار» لفرقة مسرح دبا الحصن، وفازت الفنانة أمل محمد بجائزة أفضل ممثلة واعدة عن دورها في مسرحية «السلوقي».
وفاز بجائزة أفضل ديكور الفنان محمد العامري عن مسرحية «حرب النعل»، فيما حصل على جائزة أفضل إضاءة الفنان علي الباروت عن مسرحية «الرهان».
وحصل الفنان أحمد سالم على جائزة أفضل مؤثرات صوتية وموسيقية عن مسرحية «أصايل» لفرقة مسرح كلباء الشعبي.
وذهبت جائزة الفنان المسرحي المتميز من غير أبناء الدولة للفنان محمود أبوالعباس عن دوره في مسرحية «الرهان»، كما حصل الفنان عبدالله زيد على جائزة لجنة التحكيم الخاصة، فيما تم تسليم الشخصية المسرحية المكرمة الفنان ناجي الحاي الدرع التكريمية، قبل أن يتحدث بكلمة مؤثرة حيا فيها كل من علمه حرفاً في المسرح، متطرقاً إلى أسماء بعضهم بعرفان مخلص.
انتصار مرتين
انتصرت مسرحية «حرب النعل» مرتين، أولاهما وقت عرضها لصالح الأداء الراقي، وفنون المسرح من نص محكم ورؤية إخراجية مبتكرة، وسينوغرافيا ومؤثرات صوتية وضوئية موظفة توظيفاً جيداً في العرض، قبل أن تعود وتنتصر على الخشبة ذاتها التي شهدت تقديمها، ولكن هذه المرة لطاقمها، حيث حققت «حرب النعل» بالإضافة إلى الجائزة الأهم «أفضل عمل متكامل»، عدداً مهماً من الجوائز الأخرى، منها أفضل ديكور لمخرجها محمد العامري، وأفضل نص لمؤلفها إسماعيل عبدالله، وأفضل ممثل «دور أول» لمروان عبدالله مناصفة، وأفضل ممثل «دور ثان» لعبدالله صالح.
سلطان القاسمي يكرم سميرة الوهيبي . تصوير : تشاندرا بالان
4 جوائز لأسرتين
عبد الله صالح .
مروان صالح . |
من بين جوائز أيام الشارقة المسرحية حصل مسرحيون، على علاقة قربى من الدرجة الأولى، على جوائز مهمة، فقد فاز الأب عبدالله صالح بجائزة أفضل ممثل «دور ثان» عن مشاركته في مسرحية «حرب النعل»، وهي المسرحية ذاتها التي مكنت ابنه مروان عبدالله صالح من الفوز بجائزة أفضل ممثل «دور أول» مناصفة، وهما جائزتان تعيدان إلى الأذهان تصريحاً لأحد النقاد قال فيه إن «الولد خالف أباه وما ظلم»، بشأن الثنائي، قاصداً أن مهارات مروان استفادت من خبرة الأب. الجائزتان الأخريان كانتا للشقيقين الفنان إسماعيل عبدالله الذي حصل على جائزة أفضل تأليف، وشقيقه محمد إسماعيل الذي حصل على جائزة أفضل ممثل مناصفة عن دوره في مسرحية «حرب النعل»، ورغم أن الإسماعيلين تكرر فوزهما بجوائز مناظرة مراراً عبر دورات «الأيام» إلا أن كليهما أكد أن «لجوائز العام طعماً آخر بسبب القرارات التي واكبتها».