«يا شمس لا تغيبي».. حوار بين 3 أجيال فلسطينية

المسرحية تعاين الهموم الإنسانية والسياسية للشعب الفلسطيني. أرشيفية

تجمع مسرحية «يا شمس لا تغيبي» للمخرج الفلسطيني منير بكري على خشبة المسرح ثلاثة أجيال من النكبة حتى اليوم في حوار يتناول ما جرى عام 1948 من أحداث أدت إلى تشريد عدد كبير من الفلسطينيين وما ترتب على ذلك من قصص إنسانية. واختار بكري أن يكون ديكور مسرحيته التي عرضت أول من أمس، على خشبة مسرح وسينماتك القصبة ضمن فعاليات مهرجان «أيام المنارة المسرحية» نموذجاً لشاطئ بحر حيفا ليستعيد عليه الممثلون ذكرياتهم الجميلة وما عاشوه من قصص حب وكذلك ما وصلوا إليه من العيش في بيت للمسنين في قالب يبحث عن الانسانية من دون الإغراق في السياسة.

وكتب في نشرة وزعت قبل العرض «يا شمس لا تغيبي.. هي مسرحية عن رجال لا أحد يذكرهم مثلما يذكرون أنفسهم، وفتاة لا تذكر مستقبلها، يلتقون صدفة وخطأ على شاطئ ترتطم على رماله أسئلة النسيان والوحدة وتستيقظ أمواج الماضي والحب». وتضيف النشرة «في هذه الرؤية الحاضر لم ينجز تماما والماضي لم ينته تماما وفيها ان الحاضر ليس وليد الماضي فحسب بل ظله أيضا.. الحقيقة هي انه اصعب ما في ماضينا وأشد ما فيه ألماً أنه أدى بنا الى ما نحن فيه من تمزق وضعف».

تبدأ المسرحية بانتقال اثنين من المسنين في رحلة من بيت المسنين إلى شاطئ بحر اعتقدا أنه شاطئ طبريا، ليكتشفا بعد ذلك أنه شاطئ حيفا في إشارة على ما يبدو إلى ما حصل من تغيير في الاماكن ليبدأ بعد ذلك حوار هادئ في رواية بعض ما جرى في النكبة، وصولاً الى الحديث عن السفر والحب وما يفعله الابناء بالآباء هذه الايام.

ويرى كاتب النص المسرحي أيمن غبارية، أن المسرحية «ليست خارج التاريخ لكنها ليست عنه هي عن شاطئ تغير حوله كل شيء، أسماء القرى وكنايات التلال وطعم الحياة.. أبوفايز، أبونمر، أبونديم (شخصيات المسرحية)، هي شخصيات لذاتها يطرحها النص كذوات مستقلة عن السياق التاريخي، شخصيات تبحث عن الحب والتواصل في زمن النكران والانكفاء المطلق على الذات».

ويضيف أن المسرحية «نداء للحياة كي يكون فينا ما يستحق هذه الارض، نداء للتواصل بين الاجيال كي نفهم أن النكبة مازالت مستمرة.. هذا هو امتحان المسرحية الاساس وهمها الخالد الانسان». في هذا السياق تتعاطى المسرحية مع الهموم الانسانية للمسنين العرب ممن عاصروا النكبة وشهدوها كجيل مازال قادراً على الحب والشهادة والكذب والمراوغة وليس فقط استدرار الشفقة، من حيث كونه شاهداً على النكبة او ضحية لها.

وقال طارق قبطي الذي أدى دور (أبوفايز) في المسرحية «كان عمري عند النكبة أربع سنوات وكنت أسمع ما جرى خلال النكبة من أهلنا، ولكن يجب ان تكون هناك ذاكرة جمعية للنكبة حتى لا ننسى ويمكن لهذه المسرحية ان تسهم في ذلك».

وأوضحت الممثلة الشابة ميساء عبدالهادي التي تخوض في هذا العمل المسرحي اول تجربة لها في التمثيل على خشبة المسرح مع ممثلين محترفين «نحن الجيل الثالث اليوم اكثر تمسكاً من الجيل الثاني بأننا نريد معرفة كل شيء والاحتفاظ بكل شيء، الجيل الثالث يسأل، يريد ان يعرف كل شيء على عكس ما قد يكون متوقعاً انه مندمج في الحياة مع ثورة الـ(فيس بوك) والانترنت، هذا الاعتقاد خاطئ نحن نريد أن نحتفظ بذاكرتنا».

تؤدي ميساء دور (لينا) في المسرحية، الطالبة الجامعية الشابة التي تسعى لعمل مسرحية عن النكبة وتبحث عن أناس يروون لها ما جرى.

وأشار الممثل مروان عوكل من مواليد 1951 وشارك في المسرحية بدور المسن (أبونمر) إلى أن مدة المسرحية في البداية كانت ساعتين ونصف الساعة، الا أنها اختصرت الى 80 دقيقة وتناولت مجموعة من القضايا الانسانية، مشيرا إلى سعادته بردود فعل الناس عليها في كثير من الأماكن التي عرضت فيها.

ويستخدم المخرج إضافة الى ديكور يجسد شط البحر من الصخور والرمل والصدف مؤثرات صوتية وموسيقى تتكامل في ما بينها لتقرب المشهد على خشبة المسرح الى الحقيقة.

وتختتم اليوم فعاليات مهرجان «أيام المنارة المسرحية» وسيكون الجمهور اليوم مع مسرحية «بمزيد من الحزن والاسى» للمخرج نزار زعبي. وسيكون الختام مع مسرحية «العذراء والموت» للمخرج الراحل جوليانو مير خميس الذي قتل برصاص مجهولين الاسبوع الماضي في مدينة جنين لأسباب لم تعرف بعد، فيما توالي اجهزة الأمن تحقيقاتها.

تويتر