« الإمارات للدراسات » يـفتتح فعاليات « الإسلام والغرب »
دعا مدير عام «مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية» الدكتور جمال سند السويدي، إلى ضرورة العمل على خلق أرضية ثقافية مشتركة بين الشرق والغرب، من أجل عودة الحوار من جديد بين الحضارة الإسلامية والحضارات الغربية، مؤكّداً أهميّة قيام الحكومات بتقديم صور إيجابية في ما يتعلق بالتسامح وتقبّل الثقافات الأخرى وقبول الآخر. وقال «الإسلام ليس عدواً للغرب، كما أن التطرّف موجود في جميع مناطق العالم». جاء ذلك في افتتاح فعاليات «مؤتمر الإسلام والغرب.. حوار حضاري» أمس، الذي ينظّمه المركز بالتعاون مع جامعة «مين» الأميركية، بمشاركة عدد من الخبراء والمتخصّصين والإعلاميين. ويهدف المؤتمر إلى تجسير الهوّة بين الشرق والغرب، وبناء حوار قائم على المصارحة من أجل تعايش سلمي مبني على أسس سليمة بين الحضارة الإسلامية والحضارات الغربية.
وأكّد السويدي أن «المؤتمر يسعى إلى تبادل الأفكار والآراء، وتقديم نقاش مثمر حول موضوع الإسلام والغرب»، لافتاً النظر إلى أن «هذا الموضوع يعدّ جزءاً لا يتجزأ من جهود المركز الساعية إلى سيادة الحوار وتقريب وجهات النظر بين الشرق والغرب، وكذلك تحليل التحدّيات التي نواجهها، ليس في منطقة الخليج العربي فحسب، إنما في بقية أنحاء العالم أيضاً، فضلاً عن متابعة القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية كافة لتقديم رؤى واضحة تمكّن صانع القرار من اتخاذ القرارات الصائبة». وأضاف أن «التكنولوجيا تلعب دوراً كبيراً ومهماً في فتح قنوات دبلوماسية جديدة بين الشرق والغرب، ولذلك ينبغي للعاملين في حقل الدبلوماسية العامة ورجال الثقافة أن يستخدموا تلك القنوات التكنولوجية لتقريب مسافة الحوار بين الشرق والغرب». ولفت إلى أن هناك تاريخاً كبيراً من التفاعل بين الإسلام والعالم الغربي، ولكن أحداث 11 من سبتمبر أثّرت سلباً وبشكل كبير في هذا التفاعل، وكذلك في وضع المسلمين في العالم الغربي، إذ وصف الغرب المسلمين بعد تلك الأحداث بأنهم إرهابيون متخلّفون يميلون إلى استخدام العنف. في المقابل قامت جماعات في الشرق باتهام العالم الغربي باضطهاد الإسلام والمسلمين، ثم بدأت مسافة الحوار تتباعد بين الإسلام والغرب، وظهرت مفاهيم الصراع والعنف.
وألقى سفير الولايات المتحدة الأميركية الأسبق لدى المملكة العربية السعودية تشارلز و. فريمان كلمة أشار فيها إلى أن الإمارات تحتفظ بمخزون كبير لا يمكن الاستهانة به من روح التسامح والحوار مع الآخر منذ بداية نشأة الدولة حتى الآن، لافتاً النظر إلى أن مبادئ التسامح وروح الحوار في الإمارات مستمدّة من فكر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي أسّس الدولة على مبادئ وقيم عظيمة، تقوم على احترام الديانات الأخرى، وكذلك احترام الأعراف الإنسانية. وأضاف أن «مفهوم التسامح جزء لا يتجزّأ من الإسلام».
الجلسة الأولى من المؤتمر حملت عنوان «دور الموروث التاريخي في الحوار الحضاري»، ترأسها عبدالله السويدي، مدير «إدارة الدراسات الاستراتيجية»، وتحدّث فيها الباحث إجناسيو دي تيران، أستاذ اللغة العربية والإسلام في «جامعة مدريد» المستقلة في مملكة إسبانيا، عن دور التاريخ والأيديولوجيا عبر الثقافات، وعن النموذج الأندلسي، وسبل توظيفه لتفعيل الحوار الإسلامي-المسيحي الحديث. وعرض الباحث سبل تدعيم مساعي التقارب بين المجتمعات الإسلامية الشرقية والمسيحية الغربية عن طريق استعادة النموذج الأندلسي، وتوظيف جوانبه الأكثر حداثة وفعالية في الإطار العلمي للمسألة. وتطرّق الدكتور أحمد علي سالم، أستاذ الفكر الإسلامي في «جامعة زايد»، إلى مناقشة رؤى المسلمين لمواقف الغرب من وحدتهم، وأثرها في علاقاتهم به، سياسياً وفكرياً، سلباً وإيجاباً، من الدولة العثمانية إلى «منظمة المؤتمر الإسلامي». موضّحاً أن وحدة الأمة الإسلامية ظلت قضية بارزة في الفكر الإسلامي، وشغلاً شاغلاً للمسلمين منذ أول شقاق دبّ بينهم في نهاية عهد الخلفاء الراشدين.
وفي ختام الجلسة الأولى تطرّق أستاذ ورئيس قسم الفلسفة في جامعة القاهرة الدكتور حسن حنفي، إلى الإشكال النظري بين الإسلام والغرب، كما بحث في «دور التطورات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية في الحوار بين الإسلام والغرب». وأشار إلى أن الإشكال بين الإسلام والغرب يلقى رواجاً في الإعلام، بعد انتشار الإسلام في أوروبا والهجرة العربية إلى الشمال من إفريقيا، والهجرة الإسلامية إلى الغرب من آسيا، حتى أصبح الإسلام الدين الثاني في أوروبا، بعد المسيحية وقبل اليهودية. موضّحاً أن هناك إشكالات عدة أثيرت في ذلك الخصوص، مثل العزلة أو الاندماج بالنسبة إلى المسلمين، والهوية والغيرية بالنسبية إلى الغربيين.
في الجلسة الثانية للمؤتمر التي ترأسها مدير إدارة البحوث في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي الدكتور سيف راشد الجابري، تم التطرق إلى مفهوم «الحوار الحضاري والوضع الراهن»، إذ قدّم الدكتور صالح النصيرات، الأستاذ المساعد في اللغة العربية والدراسات الإسلامية في جامعة «الحصن» ورقته بحثية بعنوان «وسائل الإعلام الغربية من وجهة نظر العالم الإسلامي»، وذكر أن العالم الإسلامي على وجه التحديد، عالم متعدد الثقافات والتوجهات، قد أصبح هدفاً واضحاً لكثير من وسائل الإعلام الغربية، التي يحاول بعضها فهم هذا العالم وتقديم رؤية عن العالم الإسلامي. وبيّن النصيرات أنه توجد في الغرب اليوم وجهات نظر عدة في ما يخص العالم الإسلامي، إذ إن المؤسسات الثقافية والاجتماعية والأحزاب السياسية تستخدم وسائل الإعلام لفهم العالم الإسلامي، ومن ثم تقديم هذا الفهم إلى المواطن الغربي. موضّحاً أن تلك التوجهات قد تصيب في هذا الفهم، فتسهم في تصحيح النظرة وبناء ثقافة تؤمن بالحوار مع الآخر، أو قد تخطئ، فتنتج خطاباً مغايراً للواقع، ما يؤدي إلى سوء فهم لذلك الواقع.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news