حمدان بن محمد: « إيمـان الشـــعوب » رسالة إلى الإنسانية

أعرب سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، عن خالص شكره وعظيم امتنانه لتشريف سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لأمسيته الشعرية في العين، وتعبيره عن إعجابه بقصيدة «إيمان الشعوب»، معرباً عن امتنانه وتقديره أيضاً لتشريف إخوانه الشيوخ وحضور الجمهور الكريم الذي أثرى الأمسية.

وأضاف سموه في تصريحات لـ«الإمارات اليوم»، إنه سعى في «إيمان الشعوب» إلى أن تكون تلك القصيدة تحديداً رسالة مفتوحة لكل شعوب العالم، وإلى الإنسان على عمومه على اختلاف الأعراق والانتماءات والثقافات، مضيفاً «تجربة الإمارات الوحدوية، والإنجاز الحضاري الذي يتحقق هنا، وتحويل حُلم الوحدة إلى حقيقة ثرية بمــعاني الرقي والتقدم والسلام والأمان، هي تجربة تمثل إلهاماً مســتداماً، قابلاً لاستلهام العبر والدروس المضيئة منه، حتى مع اختلاف المتغيرين: المكان والزمان».

وأشار سموه إلى أن ورود بعض الأقطار العربية في جانب من مقاطع القصيدة جاء مدفوعاً بفطرة الانتماء إلى القومية العربية، بكل ما تحمله مفردة عروبة من معانٍ تحيل إلى روابط الأخوة والقضايا والمصير المشترك بين مختلف شعوب لغة الضاد.

ولفت سموه إلى أن القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، ودعم سموه الإيجابي للوصول إلى الحلول الناجعة لمختلف القضايا على الصعد المحلية والإقليمية والعالمية، مثّل أيضاً أحد البواعث الرئيسة لجانب كبير من المحتوى الموضوعي للقصيدة.

من جانبه أعرب سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم عن إعجابه بقصيدة «إيمان الشعوب» على نحو خاص، وقال «استوقفتني فيها على وجه الخصوص تلك البراعة الشديدة في الانتقال من فكرة إلى أخرى في صحبة خيال خصب ولغة سلسة»، مضيفاً «أتوقع لـ(إيمان الشعوب) أن تبقى حاضرة طويلاً في ذاكرة الشعر النبطي، لأنها إن لم تكن قصيدة وطن، فهي من دون شك إحدى معلقات الشعر النبطي».

وكان الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، قد شهد مساء أول من أمس، الأمسية الشعرية التي أحياها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم «فزاع»، ولي عهد دبي.

وحضر الأمسية التي أقيمت تحت رعاية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بقاعة مركز العين للمؤتمرات بالخبيصي، سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني، والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، وسمو الشيخ عمر بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، وسمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم، والشيخ الدكتور سعيد بن محمد آل نهيان، والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان، رئيس هيئة أبوظبي للسياحة، والشيخ هزاع بن طحنون آل نهيان، وكيل ديوان ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية، ورئيس المجلس الوطني الاتحادي السابق عبدالعزيز عبدالله الغرير، والقائد العام لشرطة دبي الفريق ضاحي خلفان تميم، وعدد من الشيوخ والوزراء وكبار مسؤولي ورجالات الدولة، وجمهور عريض من متذوقي الشعر وجموع غفيرة من محبي شعر «فزاع».

« إيمان الشعوب »

لدى صعوده منصة المسرح، قوبل سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم «فزاع»، بتصفيق حار من جمهور المسرح والحضور، تحية لتشريفه المنصة.

بعدها بدأ فارس الأمسية «فزاع» بكلمة ترحيبية استهلها بتقديم تحية إكبار وشكر وعرفان لسمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على رعايته الكريمة وحضور سموه الأمسية، ووجه الشكر لجمهور الأمسية والحضور.

وقال سموه إن هذا اليوم «غير»، لأن الحضور «غير» على رأسهم أخي وأستاذي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

ومهد الشاعر فزاع للأمسية بقصيدة قصيرة بعنوان «البحر ضيف»، ضمنها رؤيته وانطباعاته الشخصية حول عدد من الأمور الحياتية.

بعدها ألقى الشاعر فزاع أمام الحضور قصيدته المطولة، بعنوان «إيمان الشعوب» المكونة من 103 أبيات، بلور خلالها الشاعر العديد من الأغراض الشعرية، ومعاني ومشاعر الوطنية والولاء والإخلاص لدولة الاتحاد، والإيمان بمقدرات الأمة العربية، والاعتزاز بقادة الاتحاد ومؤسسيه، وحاملي لوائه، وغيرها من المعاني التي تنقل بينها فارس الأمسية بمقدرة فائقة، وسلاسة أبهرت الجميع، حملت مزيجا من معاني الحب والاعتزاز والفخر بالوطن، وعَدّد فيها مناقب وأعمال قيادة البلاد ورموزها، وما بذلوه من جهود، وحققوه من إنجازات في سبيل بناء الاتحاد، ورفعة الدولة وتعزيز مكتسباتها ومكانتها بين مختلف الأمم والشعوب، وقال في مطلعها:

سرى الليل وسرى صوت المشاعر يا نسيم النود

                          وعلى الله ما سيريت الا وساق الشعر قيفانه

يقولون الشعر وزن وقوافي نبضها مفنود

                        وانا اقول الشعر حس الخفوق ونبض وجدانه

تصفيق قياسي

جاءت القصيدة مفعمة بمشاعر الفخر والاعتزاز بالانتماء للوطن، وأشاعت أجواء حميمية بين الحضور الذين راحوا مع ختام كل مقطع يستوقفون شاعرها، للتعبير عن إعجابهم بما كشفت عنه من صور مبتكرة، ومعان متدفقة، وسلاسة في المبنى الشعري، ما جعل بعض الشعراء الحاضرين يؤكدون أن «إيمان الشعوب» استدرجت تصفيقاً قياسياً غير مسبوق لقصيدةٍ سواها على امتداد أبياتها الـ،103 وأن هذه القصيدة ستظل محفوظةً في منزلة عالية في ذاكرة الشعر الشعبي الإماراتي.

وقال سموه في سياق فخره بالهوية الإماراتية:

لو اني جيت اصرح... ما ورا كثر المنابر فود

                       لكني جيت من شعب بعزمه سابق ازمانه

اماراتي.. وانا افخر باني بدار الفخر مولود

                      ابا اخدم دولتي لين الجسد تفخر به اكفانه

 كما عبر الشاعر عن حبه لبيت المقدس، وتوقه للصلاة في المسجد الأقصى، بقوله:

احب « القدس » واتمنى السلام بكل دار يسود

                     وازور المسجد الاقصى واصلي واسمع آذانه

 وتوالت الأبيات المنظومة بإحكام في سرد وتعداد مساعي وتضحيات الآباء والحكام المؤسسين الذين شيدوا بناء الوطن وأعلوا صرحه ومكانته، رغم الشدائد والصعاب التي واجهتهم، فقال في ذلك:

سلام الله عليكم يا النشامى... ما عليكم زود

                   نحن منكم وفيكم والوطن يفخر بفرسانه

نحن يوم اتحدنا ما توكلنا بصف جنود

                  توكلنا على الله ربنا المعبود سبحانه

توكلنا على الله واعتصمنا باسمه المعبود

                 وقلنا : يا علم خز السحاب وجر وديانه

ورفرف يا علم دامك على عز الوطن معقود

               فداك ارواحنا يا قبلة العالم ونيشانه

نحبك يا وطن والمال دونك والعمر مزهود

               ولي ما ياخذ بحقك نحن ما ناخذ ايمانه

كرامتنا ما هب حول المساوم... ما نسوم ضدود

              نحن فوق الضدود ونظرة الحاسد وحسبانه

نحن من دون وحدتنا وقفنا للزمان صمود

             وقفنا وكل حبة رمل تسوى عندنا دانه

الغراس الطيب

في القاعة المكتظة عن آخرها بالحضور، وبلوحات مصورة تصل حقبة تأسيس الاتحاد بتالياتها، مستعرضة شواهد التاريخ بزمنيه الماضي والحاضر، وترقب لإطلالة شاعر لا تجذب أمسياته فقط محبي الشعر، والسابحين في بحوره، بل تتسع لتجمع أولئك الذين يقرأون جدلية الماضي بالحاضر، ويستشرفون المستقبل، من خلال أشعار ولي عهد، شابه أباه شاعراً وفارساً ويسير على دربه في مختلف تشعبات الحياة، حسب ما تنبئ به أفكاره الشعرية، وتلح عليه دائما، استذكر الشاعر فزاع الغراس الطيبة التي زرعها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، لنماء هذا الوطن ورفعته وتقدمه، إذ قال:

على بذرة محبة زرعها لاجيالها محصود

                   سقاها «زايد» الخير ونمت بالخير رويانه

نمت من كفه الطاهر جنان طلعها منضود

                  ولا زلنا يالين اليوم نقطف ثمرة جنانه

لكن بشراك يا «زايد» كلام اهل الحسد مردود

                 ثرانا دونه ارواح التقت وعيون سهرانه

تربينا على العز وتعودنا دروب الكود

                 وهي عادة الاماراتي... وعادة كل جدانه

على سبع « الامارات » الله اكرمنا بسبع فهود

                على مبدا زعيم المجد ويصونون ما صانه

على درب الزعيم مؤسس الوحدة ابونا العود

                حكيم العرب... راس المجد... بحر الجود ربانه

روح عربية

بحنكة شاعر مجيد لأدواته دلف فزاع بقصيدته من بوابة علاقة زايد التي امتدت على مختلف البلاد العربية والشقيقة، الى روح القومية العربية، بادئاً بدولة الجوار، والدولة الأقرب جغرافياً للمكان الذي يستضيف أمسيته، دون أن يبعد سوى بضعة كيلومترات فقط، وهي سلطنة عمان، قبل أن يتطرق إلى الوشائج العميقة التي تربط الإمارات بالدول الخليجية الشقيقة، ومختلف الدول العربية، وأيادي مؤسس دولة الاتحاد لدى مختلف دول العالم:

ولما ساد... وحد داره وخلا الدروب مهود

                        وعلا من قدر شعبه ورسخ قدر جيرانه

مع السلطان « قابوس »... ف ربي «مسقط» كتب لعهود

                       وصرنا شعب واحد من اماراته الى عمانه

وله حشمه مع «آل ثاني» وله حشمه مع « آل سعود »

                      وله حشمه مع « البحرين »... بترابه وشطآنه

وله في « سوريا » مع شعبها قدر ما هو معدود

                     فجع « بيروت » موته واذهل « الاردن » وعمانه

وفي ارض « اليمن » تشهد لفضله شامخات سدود

                    وفي « المغرب » وفي ارض « العرا ق» صروح بنيانه

وفي « فلسطين » له وقفات مجد ذكرها محمود

                  ومع اهل « البوسنه » بالطيب يرجح كف ميزانه

ومع « مصر » العروبه واهلها له مكرمات تعود

                 على « مصر » العروبة واهلها بالخير واحسانه

لو ان للنيل دروب من « مصر » لابوظبي ممدود

                 سقى قبره وفاضت لين دار العين غدرانه

 

وذكر مواقف الراحل الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، ومساندته جهود المغفور له الشيخ زايد في إعلاء صرح الدولة، حيث قال:

و«راشد بن سعيد» مأسس النهضة حفظ لوعود

                       وقف بـ« دبي » واهل « دبي » لين اشتد

بحنكة تذهل العالم وفكر ما عليه قيود

                       وقف « راشد » مع « زايد » وقوف الاخ لاخوانه

ونحن يوم اجتمعنا كل وفد من وراه وفود

                       « دبي » امست مقر الاتحاد بلحظة اعلانه

 

التدرج المعنوي الذي حكم صياغة القصيدة لم يحل دون حضور المفاجأة الشعرية عبر الصور المبتكرة، والسلاسة الأسلوبية، وغزارة المعاني التي وحدت انفعالات مبدع الأمسية بجمهورها، لذلك مزجت الأبيات التي تطرق فيها لجانب من مآثر المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، ودوره التاريخي فيتحقيق حلم الاتحاد، بين جدة الصور، وأصالة الفكرة، ليقوده ذات التدرج المنطقي إلى الإمارات المعاصرة بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، واصلاً عبر قصيدته الماضي بالحاضر، باستشراف منفتح على المستقبل:

وتحت راية « خليفة » ريس الدولة نهب جنود

                       على شان المعادي ع المنايا نعقد قرانه

ابو سلطان... عز الدولة اللي عزها مشهود

                       عزيز الراس والراس عزيز تعزه امتانه

« خليفة » عدنا اللي تورد وتصدر عليه عدود

                      اذا السحب ادبرت عنا يوردنا من امزانه

ابو سلطان قايدنا... ولا نرضى عداه يقود

                     سمو القايد الاعلى... سما للمجد سلطانه

لؤلؤة الخليج

في أبيات عكست الرؤية الثاقبة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في تطوير اداء مجلس الوزراء وتحويل دبي الى لؤلوة الخليج، حيث قال:

ونايب رئيس الدولة « محمد » قدها وقدود

                       بنى مجلس وزارات البلد واختار شجعانه

هو اللي زوج الصحرا على البحر بثلاث عقود

                      كتب عـ الما يالين الما عرف فضله وعرفانه

صنع في البحر معجزته وخلا البحر ينبت عود

                    وخلا النخل في عرض البحر يختال عيدانه

وخلا اللول والمرجان يتشكل في وسط نفود

                    كأن البر بحر من لأليئه ومرجانه

« محمد»... يوم طاح الاقتصاد وصار فيه ركود

                   وقف وقفة حكيم وقدم افكاره على سنانه

حب وولاء

خصص الشاعر فزاع في قصيدته للفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أبياتا تعكس مدى ما يحمله الشاعر فزاع من حب وولاء وتقدير لسموه، فقال:

و« ابوخالد » اسد دولة الامارات وحفيد اسود

                    ولي العهد... قايد جيشنا لاثار دخانه

ولي العهد « ابوخالد » وله منا ولاء... وعهود

                    نود اللي يوديه... ونعادي كل عدوانه

دروب المجد غنت لجل « ابو خالد » بلحن العود

                   ولا زلنا يالين اليوم نستلهم من الحانه

سند حكام دولتنا بوقفاته... وهو مسنود

                   بمجد خصه الله فيه دون الناس سبحانه

نظيف من العتب قلبه... لعز بلادنا مرفود

                   مع عقل حكيم وراحة بالخير مليانه

حجاجه ينفرد رحمه لكن لا ضاق سم كبود

                  وهو عون السجين اللي شكى من ظلم سجانه

ونحن والله لـ«ابو خالد» فدا يوم المنايا ترود

                 نراودها عن انفسنا اذا اشر لنا بنانه

رموز البلد

في ختام قصيدته، عدد الشاعر فزاع أبياتا في الفخر والاعتزاز برموز هذا البلد، إذ قال:

واذا كان الفخر طيب النسب خذ علمي الموكود

                  اقول العلم ولا من قلت علمي جبت برهانه

ابوي الشيخ ابوراشد « محمد » والجدود جدود

                 وخاله « زايد » اللي طيب راسه تعب اقرانه

اذا قام « الفلاحي » و« الفلاسي » ينتخون حشود

                 مقام بعز ابن مكتوم... مع هيبة نهيانه

ما دام المجد «ابو خالد» معانا في البلد موجود

                نبا نوقف وقوف المنتصر في وجوه عدوانه

 

بعدها تقدم الشاعر فزاع تاركا المنصة، حيث عانقه الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد، متسلما منه القصيدة مكتوبة، ومهنئا إياه على هذا التألق والابداع المتميز والحضور المبهر الذي اتحف به جميع الحاضرين بهذه القصيدة الرائعة التي حملت معاني نبيلة وأصيلة مرتبطة بقضايا الوطن وهموم الامة والمبادىء الانسانية.

وقد تفاعل الجمهور مرارا مع مقاطع القصيدة متجاوبا مع مدلولاتها وإيحاءاتها وما تضمنته من صور رمزية وأحاسيس وجدانية تبرز وتصور قيم ومبادئ الشاعر وحبه وإخلاصه وولائه لتراب هذا الوطن وقادته وتاريخه، مستمتعا ببراعة الإلقاء وجزالة الألفاظ وجمال المعاني وروعة الأداء، وهو ما قوبل بعاصفة من التصفيق والإعجاب.

الأكثر مشاركة