قاص سعودي يرى أن بعض ما كتبته نساء بلاده أساء إلى مجتمعه

حسـن البـطران: روايـات الرجال أكثر نضجاً

البطران: ليس للأدب جغرافيا أو مركز وأطراف. أرشيفية

قال الكاتب السعودي، حسن البطران، إن الكثير من الروايات النسائية السعودية أساءت لمجتمعها، وهي لا تعبر عنه ولا تمثله، وهي مجرد محاولات من بعض الكاتبات لجذب الأنظار إليهن بأسرع وسيلة، حتى لو على حساب بلادهن. مؤكداً ان هذا الأمر لا ينطبق على الروايات النسائية السعودية كافة، «فهناك أعمال أدبية تتمتع بمستوى متميز مثل كتابات رجاء عالم، التي حازت الجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر»، لهذا العام عن روايتها «طوق الحمامة».

وأضاف البطران في حواره مع «الإمارات اليوم» «تمر الرواية السعودية في الفترة الأخيرة بطفرة، خصوصاً في الآونة الأخيرة مع ظهور الرواية النسائية، رغم انها لم تصل إلى درجة النضج بعد، وهناك تفاوت كبير فيما بينها، ولكن هذا لا يمنع ان تكون حاضرة في المشهد الثقافي، فمن المعروف ان النضج لا يأتي فجأة او خطوة واحدة، ولكن عبر تدرج يحتاج إلى وقت وجهد وخبرة، لكن للأسف هناك كثير من هذه الأقلام، ترغب في الوصول والانتشار بسرعة بغض النظر عن مستوى الأعمال التي تقدمها، ولذلك تلجأ إلى اختراق المحرمات و«التابوهات» المعروفة، وفي النهاية يظل من الطبيعي ان يكون على الساحة الغث والثمين معاً». معتبراً ان الرواية السعودية التي يكتبها كتاب رجال تعد أكثر نضجا، وهناك الكثير من الأسماء المعروفة على الساحة مثل عبده خال الذي فاز بجائز البوكر العام الماضي، خالد المحميد وعبدالحميد الشمري، وغيرهم كثير.

إشكالية القصة

واعتبر البطران الذي عرف ككاتب للقصة القصيرة جداً، وله مجموعة منها قد تعد الأولى في المملكة، ان الشعر هو ديوان العرب وسيبقى كذلك، تم يليه الإبداع السردي وهو واسع وغني، إذ يشمل الرواية والقصة والكتابة المسرحية والقصة القصيرة جداً. مشدداً على أن الأخيرة ليست قصة مصغرة، لكنها جنس مستقل بذاته له مقوماته وأركانه وتقنياته الخاصة به.

وأشار إلى أن القصة القصيرة جداً من يوم لآخر في انتشار كبير، فكتابها يتوالدون سريعاً مثل شبكة تتوسع سريعاً، ليتضاعف العدد يوماً بعد يوم، وبإبداع ونضوج، ولذلك ينتظر هذا الفن السردي مستقبل عظيم. لافتاً إلى العديد من الملتقيات الأدبية الخاصة بالقصة القصيرة جداً في الوطن العربي العديد، كما في المغرب وسورية وغيرهما، وهو دليل على حضور ومكانة هذا الفن في الوطن العربي.

ورفض صاحب «أعمق من الوسن»، الرأي القائل بأن القصة القصيرة جدا فن مستورد بالنسبة للعرب، ورد إليهم من أميركا اللاتينية. موضحا ان هذا الجنس الأدبي موجود في التراث العربي، ولكن وجوده كان تحت مسميات أخرى مثل الحكم والأمثال، أما انتشاره في الوطن العربي في العصر الحديث فجاء من أمريكا اللاتينية عبر المغرب العربي، ثم سورية والعراق، بينما كان انتشارها في بعض الدول مثل مصر والخليج متأخراً.

وحول مدى الاعتراف الذي تحظى به القصة القصيرة جدا، أوضح انه مازال هناك خلاف حول هذا الجنس الأدبي، خصوصاً في دول الخليج العربي ومصر، بينما يحظى بمكانة أفضل في المغرب العربي والعراق وبلاد الشام. لافتا إلى ما تعرضت له القصة القصيرة جدا من هجوم كبير يماثل الهجوم الذي تعرضت له القصيدة النثرية، شنه بعض النقاد التقليديين الذين اختلفوا في تصنيفها، ما أدى إلى قيام الكثير من الإشكالات حولها. وقال «اختلفت الآراء حول مكانة هذا الجنس الأدبي، وبينما هناك اتفاق عليه في المغرب وسورية وبلاد الشام، لكن دولا أخرى مثل الخليج العربي ومصر لم تصل بعد إلى درجة الاعتراف الكامل به كجنس أدبي، رغم ان كتابها في الوقت الحاضر أثبتوا حضورهم ووجودهم، تماما كما أثبت شباب التحرير في مصر وجودهم وجدارتهم بالثقة وتحمل المسؤولية، وكما حصل شباب الثورة على مبتغاهم، أرى انه لابد ان يأتي يوم وتحصل القصة القصيرة جدا على الاعتراف الكامل بها، وتسيطر على المشهد، خصوصاً ان الواقع يشير إلى انه لا تخلو مطبوعة ثقافية أدبية أو موقع أدبي على الانترنت أو مجلة في الوقت الراهن من نص ينتمي إلى هذا الجنس الأدبي».

رمزية

وأشار البطران إلى أن تفاوت مستوى كتاب القصة القصيرة جدا، وإنتاجهم من أهم أسباب الالتباس حول مكانة هذا الجنس الأدبي. موضحا ان العمل الجيد لابد ان تتوافر فيه مجموعة من الشروط والمواصفات الفنية، «ويمثل اختيار اللحظة المفردة التي يتمحور حولها العمل صعوبة حقيقية للكاتب، بالإضافة إلى التكثيف والمفارقة اللذين يعدان من أبرز العناصر التي تعتمد عليها القصة القصيرة جدا، وهناك عنصر آخر لا يقل أهمية هو الرمزية، وهو ما قد يشكل اختلافا بيني وبين كتاب آخرين، فكل كلمة اختتارها في نصوصي ذات رمز معين».

واستطرد الكاتب السعودي «الرمزية في أعمالي ليست واحدة، لكنها تتدرج بين ثلاثة مستويات، الأول وهو الأقل عمقا للقارئ العادي، والمستوى الثاني أكثر عمقا، ثم المستوى الثالث وهو نخبوي إلى حد ما لما يتميز به من رمزية عالية، وفي رأيي ان أي قصة قصيرة تفتقر إلى الرمزية، فإنها تفتقر إلى ركن مهم جدا من أركان القصة القصيرة التي لا تكتمل إلا بالرمزية». معتبرا انه ليس بالضرورة ان تصل جميع النصوص على الساحة إلى درجة النضج الكاملة، لكن من الطبيعي ان تكون متفاوتة في النضج، وهو ما ينطبق على الأجناس الأدبية الأخرى.

ورفض حسن البطران فكرة المراكز والأطراف في الأدب، كما يرفض التحيز. معربا عن إيمانه بأن الأدب ليس له جغرافيا أو مكان محدد، ولا يعرف المراكز أو الأطراف، كما لا يعرف الجنسيات، ولكن الأدب القوي هو الذي يفرض نفسه في النهاية. واعترف القاص السعودي ان الكاتب الخليجي يفتقد إلى المؤسسة الثقافية التي تحميه، فهو لو تعرض لهجوم ما، فلن يجد من يدافع عنه. وأضاف «ربما الغيرة والتنافس بين الكتاب بعضهم بعضاً لهما دور في ذلك، والأمر نفسه بالنسبة للمؤسسات فهي تبقى في جوهرها مزيد من الأفراد».

وأفاد البطران بأن الأحداث السياسية التي تشهدها المنطقة ستخدم الإبداع العربي. مشيراً إلى مشروع مجموعة قصص قصيرة جدا سيعمل على كتابتها في الفترة المقبلة، وتتناول الأحداث العربية ولكنها تتميز برمزية شديدة جدا. وقال «رغم مرور فترة قليلةعلى ثورة مصر، صدرت عشرات الكتب، فكيف سيكون المشهد بعد فترة، من المؤكد ان هذه الأحداث ستشكل أرضا خصبة للعمل الإبداعي».

تويتر