حوار استضافه «ملتقى الفن» في نادي دبي للسيدات

ابتسام عبدالعزيز: أؤمن بـ «مسؤولية الفنان»

صورة

تماشياً مع سياسته الداعمة للفنون، أطلق «نادي دبي للسيدات» ضمن فعالياته الجديدة التي أعلن عنها أخيراً، «ملتقى الفن»، الذي يسلط الضوء شهرياً على مسيرة فنان أو فنانة، أسهم بشكلٍ كبير في إثراء الحركة الفنية في الدولة، وذلك من خلال إتاحة الفرصة أمامهم لعـرض تجاربهم أمام فنانين ومتذوقي الفن على حد سواء.

اختار الملتقى في شهره الثاني الفنانة الإماراتية ابتسام عبدالعزيز، التي عرضت في حوار مفتوح مع فنانين ومتذوقي الفن، نظمه النادي، تجربتها في مجال الفن التشكيلي، التي رسمت أول ملامحها منذ ما يزيد على 10 أعوام.

بدايات وتجارب

معرض وورش

شاركت في الحوار المفتوح الأول لـ«ملتقى الفن»، الفنانة العالمية والأستاذة باتريسيا ميلنز، المقيمة في الإمارات منذ أكثر من 29 عاماً، عملت خلالها على تعزيز دورها وشحذ تجربتها لتكون فنانة وسيطة بين الفنون الأوروبية والعربية الإسلامية. وقد تحدثت ميلنز في الملتقى عن تجربتها وشغفها بالفنون الإسلامية والعربية.

وينظم نادي دبي للسيدات ضمن باقة فعالياته الجديدة التي أعلن عنها أخيراً، إلى جانب «ملتقى الفن»، معارض وورشاً تدريبية على مستوى الدولة للفنانين والفنانات من مختلف الجنسيات، إضافة إلى تنظيم جائزة الشيخة منال بنت محمد للفنانين الشباب سنوياً، التي تهدف إلى تشجيع ودعم وتكريم الفنانين الشباب المواطنين والمقيمين في الدولة، وإقامة معرضها السنوي. هذا إلى جانب «ملتقى الفن»، الذي يسلط الضوء شهرياً على مسيرة فنان أو فنانة، أسهم بشكلٍ كبير في إثراء الحركة الفنية في الدولة.

تمثلت بدايات عبدالعزيز في مجال الفن التشكيلي في الرسم، في عام ،1999 الذي سرعان ما هجرته، بعد أن أيقنت أن إطار اللوحة بات يحد من أفكارها التي تعدت الرسومات الصامتة لتشمل المؤثرات الصوتية والحركية، متجهةً بذلك، بعد أربع سنوات، إلى «الفن المفاهيمي»، حيث فكرة العمل هي المحرك الأول للخامة أو المادة المستخدمة في أعمالها، سواء أكانت صورة فوتوغرافية أو فيديو أو أداءً حركياً أو رسماً حديثاً. لذلك لا تعتمد أعمال عبدالعزيز على خامة معينة، فهناك الصورة الفوتوغرافية التي قد تكون توثيقية لأحداث في حياة الفنان، أو لعمل أدائي جسدي، أو لعمل ينتمي إلى فن البيئة أو فن الأرض، ولأهمية عنصر الصوت والحركة في تنفيذ فكرة العمل لجأت إلى استخدام الفيديو في إنتاج أعمال. وإلى جانب «الفن المفاهيمي»، استخدمت عبدالعزيز «الفن النظامي» الذي يعتمد على العلوم الهندسية، التي تحرك بصيرة المشاهد إلى جانب بصره، فلتذوق أعمال هذا الفن التي تبدو في كثير من الأحيان معقدة، يحتاج المتلقي إلى فك رموز المعادلات الرياضية التي تكتنفها، والتوصل إلى حل للغزها، الذي يجلب المتعة.

وأكدت عبدالعزيز في الملتقى أنها تأثرت - كونها فنانة تؤثر وتتأثر- في بداية مسيرتها الفنية بالأب الروحي للفن الحديث في الإمارات، كما أسمته، الفنان حسن شريف، وعالمياً بالفنان «صول لوييت» و«لورنس آلووي»، وكذلك بأعمال «إيف كلين» وغيرهم الكثير، حتى استطاعت أن ترسم خطاً خاصاً يميزها.

وتطرقت عبدالعزيز في الملتقى الذي حضره فنانون ومتذوقون للفن، إلى تجربتها في خوض غمار الكتابة النقدية، مؤمنةً بمسؤولية الفنان عموماً ودوره في كل سياقات الحياة، وما يترتب عليه كشريك في صياغة توجهات المجتمع لا مراقبتها، وكذلك مسؤوليته في الإسهام بتقليص الفجوة الموجودة ما بين المتلقي والأعمال الفنية في بعض الأحيان، مؤكدة دور الفنان المثقف، وأهمية القراءة بالنسبة للفنانين. إضافة إلى تجربتها في عملية التقييم التي تلعب على حد قولها دوراً مهماً في اكساب الفنان خبرة في التعامل مع فنانين محترفين ومبتدئين على حد سواء، واختيار اعمالهم وبالتالي محاولة تقديم كل ما يرقى بمستوى الفن في الدولة، وتجربتها التي لاتزال متمسكةً بها، في تعليم الرسم للموهوبين والمبتدئين في الدورات الصيفية التي تقدمها بالتعاون مع مؤسسات ثقافية معنية بالفن.

صعوبات ونجاحات

حول الصعوبات التي واجهتها عبدالعزيز خلال مسيرتها الفنية، قالت: «تقبل الوسط الفني النقلة النوعية التي أحدثتها في مسيرتي الفنية، التي تمثلت في انتقالي من فن الرسم إلى الفنين (المفاهيمي) و(النظامي) اللذين ينتميان إلى الفنون الحديثة، التي لم يألفها المجتمع، كما هي الحال مع الرسم والنحت والخط العربي»، وعلقت «الأمر الذي لمسته جلياً بعد رفض أحد المتاحف عرض أعمالي الحديثة، حيث لم تتفهمها الإدارة، وكانت بمثابة أعمال غريبة جداً في ذلك الوقت، على خلاف اليوم الذي نعيش فيه الآثار الإيجابية للتطور الكبير الذي شهده الفن في الإمارات، الذي يشبه إلى حد كبير الثورة التي أحدثت تغييرات واضحة في المفاهيم والمعتقدات».

وبينت عبدالعزيز أن عدم تقبل المجتمع الفن وظيفة أسوةً به هواية، يعد من الصعوبات التي تواجه الفنان، مؤكدةً أنها من الفنانين القلائل الذين تركز مراكزهم الوظيفية للتفرغ لإنتاج الفن وتعليمه، والاستمرار في الكتابة النقدية فيه.

وأكدت عبدالعزيز أنها من الفنانين العصاميين الذين اعتمدوا على أنفسهم لبناء أسمائهم في هذا المجال الخصب، معتمدةً على إصراراها الشديد، بالدرجة الاولى، لتحقيق النجاح، وشغفها الكبير بالفن، مشيرةً إلى أهمية دور الأسرة في دعمها، فوالدها من أشد المتابعين لكتاباتها ومقالاتها النقدية، ويحرص على مرافقتها دائماً في مشاركاتها الخارجية، الأمر الذي شجعها على الاستمرار وتحقيق النجاح تلو الآخر، وزرع ثقة كبيرة بنفسها.

ورغم كل النجاحات التي حققتها عبدالعزيز من خلال خوض غمار تجارب منوعة في مجال الفن الذي تعشقه، إلا أنها لم تحقق كل طموحها، وأعربت عن سعيها إلى نشر كتاب خاص بالفن باللغة العربية، يترجم إلى مجموعة من اللغات، «لاسيما أن معظم الكتب العربية تتطرق إلى الحديث حول المدارس الفنية، ثم تصل إلى المدرسة التجريدية وتقف، وكأن الفن وقف عندها»، وفقاً لعبدالعزيز.

تويتر