روحانيات رمضانية في أمسية قدمتها فرقة الأندلس

ابتهالات ومولوية وقــــدود حلبية في الشارقة

فرقة الأندلس تضم منشدين وعازفين وراقصي مولوية. من المصدر

بباقة منوعة من الابتهالات، والقدود الحلبية المستوحاة من روحانيات الشهر الفضيل، والوصلات المولوية الصوفية، نظمت مجموعة مسارح الشارقة مساء أول من أمس في معهد الشارقة للفنون المسرحية، ضمن فعالياتها الرمضانية، أمسية لفرقة الأندلس السورية، للموشحات والابتهالات الدينية، استمرت ما يقارب الساعة والنصف.

استهلت فرقة الأندلس الأمسية بعزف مقطوعة موسيقية تراثية، أبرز من خلالها العازفون جماليات عدد من الآلات، الناي، والرق، والدف، والقانون، تلتها ابتهالات دينية تحت عنوان «رمضان كريم»، دعت من خلال كلماتها إلى العبادة والاستغفار للظفر بالسعادة والنعيم «قم للعبادة، تلقى السعادة، تلقى النعيم». وقدمت الفرقة ابتهالين آخرين مشهورين، الأول بعنوان «أيها المشتاق لاتنم»، والثاني «يا إمام الرسل».

ابتهالات وموشحات

فن رفيع

تعتبر الموشحات الدينية فناً شعرياً مستحدثاً، يختلف عن ضروب الشعر الغنائي العربي في أمور عدة، من خلال التزامه بقواعد معينة في التقنية، وباستعماله اللغة الدارجة أو الأعجمية في خرجته، ثم باتصاله القوي بالغناء. ويعتبر الموشح كلاما منظوما على وزن مخصوص. ومن شعراء الموشحات أبوحسن علي الضرير المعروف بـالحصري، وله قصائد عدة من بينها «يا ليل الصب». وصلت الموشحات إلى مجموعة من الفنانين الموهوبين لم يقتصروا على حفظ القديم، بل جددوا وأضافوا إليه، وانتقلت الموشحات من الأوساط الشعبية إلى القصور، وأصبحت جزءاً أساسياً من الوصلات الغنائية.

تعددت فرق الموشحات في دول عربية، وغنى الموشحات مطربون فرادى مثل صباح فخري، وفيروز. وظهرت أجزاء من موشحات كمقدمات لأغاني عبدالحليم حافظ، وفايزة أحمد، وآخرين مثل «كامل الأوصاف»، و«قدك المياس» و«العيون الكواحل».

صنفت الموشحات كفن من الذوق الرفيع، وبالإضافة إلى جمعها بين الفصحى والعامية، فقد تميزت الموشحات بتحرير الوزن والقافية وتوشيح، أي «ترصيع» أبياتها بفنون صناعة النظم المختلفة من تقابل وتناظر واستعراض أوزان وقواف جديدة تكسر ملل القصائد، وتلحينها جاء أيضاً مغايراً لتلحين القصيدة.

لم تقتصر الأمسية التي حضرها مدير مجموعة مسارح الشارقة محمد حمدان بن جرش، وعدد من كبار الشخصيات والمسؤولين، وجمهور كبير، على الابتهالات الدينية، بل شملت كذلك القدود الحلبية، والموشحات الأندلسية الشهيرة، «أحن شوقاً»، و«ذات الجمال». وضمت مديحاً بعنوان «يا من لعلاه بسطت يدي»، ووصلة بيات بعنوان «جل من صورك».

فرضت «الأندلس» التي تضم مجموعة من العازفين والمرددين، أجواء روحانية متناغمة مع الشهر الفضيل، لاسيما مع الأداء المنفرد لهلال، الذي نجح في جذب الجمهور وتفاعله، الأمر الذي بدا واضحاً في التصفيق والتشجيع المعبر عن الاندماج الروحي مع الأجواء الإنشادية المقدمة، التي دارت في فضاءات إيمانية، تتمحور حول مدح الرسول الكريم، وضرورة العمل والعبادة والتأكيد على فضائل المحبة والإخاء.

جاءت الفقرة الأخيرة في برنامج الأمسية، التي استمرت ما يقارب الساعة والنصف، تحت عنوان «وصلة مولوية»، حيث قام فيها اثنان من راقصي «المولوية»، بأداء متناغم رافق وصلة ابتهالات دينية، دامت ما يقارب الـ 15 دقيقة.

«وصلة مولوية» منحت الأمسية نكهة خاصة، من خلال طبيعة الأداء المتميز المملوء بالروحانية، الذي يوضح طبيعة الرقصة المولوية الصوفية، التي يتخلى فيها الراقص عن التأثيرات الخارجية، في محاولة منه للتقرب من المعاني الروحية التي تأكدها الابتهالات الدينية.

منشدون

قالت مسؤولة الشؤون الإدارية لفرقة الأندلس السورية رجاء سليم، إن «الفرقة التي نشأت في عام ،1994 تقدم الموشحات الأندلسية، والقدود الحلبية، إلى جانب الغناء العربي الأصيل، برئاسة المنشد والمغني مصطفى هلال حفيد المنشد السوري الشهير محمد نصار، وتضم الفرقة 30 عنصراً يتوزعون ما بين مرددين وعازفين، يعتمدون على آلات موسيقية وترية ونفخية، تـــتوزع ما بين الناي، والقــــانون، والرق، والعود، والدف».

وأضافت رجاء لـ«الإمارات اليوم» «لا يقتصر الإنشاد على رئيس الفرقة، الذي يقدم في العادة أداءً منفرداً، بل يعتبر جميع المرددين في الفرقة منشدين يشاركونه في الأداء الجماعي، ويستطيع كل واحد منهم على حدة تقديم أداء منفرد، إذ يمتلكون المعايير الخاصة التي تأهلهم وفي مقدمتها طبقة الصوت»،

ولفتت إلى أن الفرقة تقدم كذلك «المولوية»، وهي الرقصة الصوفية التي يطلق على مؤديها «الدراويش»، وعادةً ما يتم بها اختتام الأمسيات، ويقوم بتأديتها راقصون يملكون المهارات التي تأهلهم لذلك، لاسيما أنها أداء متناغم يرافق الابتهالات التي تقدمها الفرقة، وغالباً ما تشهد الرقصة، إعجاب الجماهير، الذين ينبهرون بالتوازن الذي يستطيع تحقيقه راقصو المولوية، عن طريق اللف لمدة قد تزيد على 15 دقيقة، دون توقف، حسب رجاء التي تابعت «تحظى فرقة الأندلس بإقبال كبير في الفعاليات الدينية، إذ تحيي أمسيات منوعة، في ليلة القدر، والإسراء والمعراج، وأيام رمضان وغيرها، وتجوب بلدان مختلفة حول العالم، وأحيت الفرقة أمسيات في باريس، والهند، وتونس، والأردن، ولبنان وقطر وغيرها، واليوم في الإمارات وتحديداً في إمارة الشارقة، وذلك من خلال التعاون مع مجموعة مسارح الشارقة التي تولي الفعاليات الثقافية والدينية اهتماماً واسعاً».

تويتر