خالد صالح: «ثورة يـــــناير» أبدلت أولويات الدراما المصـرية
لم يكن يتوقع أن ينال مسلسله الأخير «الريان» كل هذا الإقبال، في موسم وصفه الكثيرون من النقاد والمتابعين بأنه الأضعف في الحقبة الأخيرة، على مستوى الدراما العربية بشكل عام، والمصرية والسورية خصوصاً، لكن الفنان خالد صالح الذي أصبح مزاوجاً بمهارة شديدة بين التألق السينمائي عبر أعمال مهمة، مثل «خلي الدماغ صاحي»، «هي فوضى»، «حين ميسرة»، «عمارة يعقوبيان»، وتلفزيونياً مثل «أحلام عادية»، «سلطان الغرام» و«بعد الفراق»، خالف توقعه الشخصي عن إمكانية ضعف الإقبال على متابعة الأعمال الدرامية، وقدم أحد أهم الأعمال التي حظيت بنسب مشاهدة جيدة، مضيفاً نجاحاً جديداً، أكد موقعه بين نجوم الصف الأول، رغم صعوده السريع قياساً بنجوم مثل مواطنيه يحيى الفخراني ونور الشريف وجيلهما.
صالح الذي تواصل هاتفياً مع «الإمارات اليوم» حل، أول من أمس، ضيفاً على البرنامج الحواري في قناة دريم الفضائية، وهو «العاشرة مساء»، الذي تقدمه الإعلامية منى الشاذلي، بعد 24 ساعة فقط، من بثها لقاء حاورت فيه رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، ليلتقط صالح الحوار الفني ويدلف به إلى عوالم السياسة، مبدياً آراء صريحة في تطورات الأحداث في الشارعين المصري والعربي، فيما أعرب بشكل صريح في أنه تواق إلى تجسيد شخصية الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، التي اعتبرها «مثيرة درامياً»، بفضل تمسكه الغريب بالسلطة، على حد وصفه.
شاشتان قال الفنان المصري خالد صالح إنه لايزال يحمل رغبة شديدة في المشاركة في أعمال تلفزيونية وسينمائية ناجحة، نافياً فكرة تصنيف النجوم، إلى صف أول وثان، مضيفاً «النجم هو من يتمكن من استلهام أدواره ويبدع في أدائها بشكل دوري، سواء كان هذا الدور رئيسا أو ثانوياً، وفي حال ظن الممثل أنه أضحى في مصاف مختلف عن نظرائه، فإن ذلك مؤشر دون شك إلى تراجع أدائه في الأعمال المقبلة». وأكد الفنان الذي يعد من أكثر الفنانين المصريين وصولاً إلى النجومية في وقت زمني قصير، أن النجاح الاستثنائي لمسلسل «الريان» لن يؤدي به إلى الانحياز إلى الأعمال التلفزيونية على حساب السينما، مضيفاً «تبقى دائماً لكل من الشاشة الصغيرة، والأخرى السينمائية نكهتها وسحرها الخاصين، فضلاً عن أن جمهور وقضايا كل منهما لايزالان يحملان تبايناً، على النحو الذي لا يؤدي التركيز على أحدهما إلى إمكانية الاستغناء عن الآخر». |
ونفى صالح لـ«الإمارات اليوم» فكرة أن هناك توازياً بين أجر الفنان وصعود نجوميته الجماهيرية، مضيفاً «الفنان من دون شك محترف يسعى للكسب المادي والمعنوي، لكن الأول يجب أن يكون خاضعاً للظروف الطبيعية للعملية الإنتاجية، وهو ما حدث بعد ثورة 25 يناير، إذ قبل معظم الفنانين برضا تام، فكرة تقليل أجورهم، وبعضهم بادر بنفسه إلى ذلك، أما من تمسك بأجره القديم نفسه، فقد فضل ألا يكون موجوداً في هذا الموسم، وهو من دون شك قرار شخصي في المقام الأول، لكن الفنانين مطالبون الآن أكثر من أي وقت مضى بمراجعة أجورهم وفق الظروف الإنتاجية المستجدة»، معتبراً أن «ثورة 25 يناير بمثابة تأريخ جديد للدراما المصرية التي عليها أن تنطلق وفق أولويات مختلفة».
واعترف صالح بأن هناك تبايناً في كثير من التفاصيل بين القصة الحقيقية لرجل الأعمال المصري أحمد الريان الذي حُكم عليه بالسجن المشدد 15 عاماً في أشهر قضايا توظيف الأموال، لكنه قضى فعلياً 22 عاماً، ولم يتم الإفراج عنه إلا منذ أشهر قليلة، والسيناريو الذي بُني عليه المسلسل، مبررا ذلك بخصوصية النص الدرامي، مستغرباً في هذا الصدد فكرة رفع دعاوى قانونية بناء على أحداث درامية من المتعارف عليه أن تبتعد لأسباب فنية عن الأحداث الحقيقية.
وأعرب صالح عن تفاؤله في قدرة الدراما المصرية على تجاوز محنتها، معتبراً أنه رغم الظروف الاستثنائية فقد تم إنتاج أعمال مهمة، لافتاً إلى أن عجلة الإنتاج الدرامي ربما كانت بحاجة قدرية إلى ضبط سرعة وتيرتها.
وكشف صالح في برنامج «العاشرة مساء» عن أنه وأسرة المسلسل توقعوا أن تنخفض أجورهم بنسبة 50٪، وهي النسبة التي أعربوا عن تضامنهم بها مع الجهة الغنتاجية في حال تعرقل تسويقه، مضيفاً «انخفض أجري عملياً بعد تسويق المسلسل بنسبة ضئيلة، وهي 15٪ فقط».
ومصرياً لم تستهوِ صالح فكرة تجسيد شخصية محمد حسني مبارك، أو حتى ما اقترحته عليه الشاذلي، وهو تمثيل رئيس مجلس الشورى المنحل الذي يحاكم في قضية التخطيط للاعتداء على المتظاهرين التي تعرف إعلامياً بموقعة «الجمل» صفوت الشريف، لكنه اختار شخصية المحامي الشهير، ورئيس نادي الزمالك السبق مرتضى منصور، مبرراً ذلك بأن الأخير استفزه شخصياً عندما كان متجاوزاً حتى أثناء محاكمته، ما اضطر القاضي إلى إخراجه من قفص الاتهام واستبعاده من حضور الجلسة.
ووجه صالح اتهاماً بلغة غلبت عليها الصيغة الدرامية، لذاته، مستطرداً «أنا مفسد، لدي قدر من الفساد بالتأكيد، لأنني ترعرعت في ظل نظام فاسد، يجب علي الاعتراف بذلك كي أطهر نفسي».
واستنكر صالح قدوم مبارك إلى المحاكمة على سريره، مذكراً بحالته الصحية منذ اشهر قليلة عندما كان يخطب أواخر خطاباته، مطالباً إياه بالشجاعة في مواجهة مصيره والاعتراف بأخطائه.
وأشار صالح إلى أنه مطمئن ومتفائل بمستقبل مصر، موضحاً أنه «من الرفاهية الاستسلام للاكتئاب، لأن الديمقراطية كائن حي يتربى يوماً بيوم، ونحن نحتاج إلى سنين طويلة للتعامل معها، بسبب عدم التأهل لها في ظل النظام السابق»، تاركا للنخبة التفكير في الخروج من هذه المرحلة الصعبة.
ونفى صالح بشكل قاطع صحة ما يروج من تقاضيه أموالاً من الريان من أجل تجسيده هذا الدور، نافياً أيضاً أن يكون الهدف من العمل الترويج لفكرة مسامحة الريان، لكن القصد منه تسليط الضوء على كل عيوبه وإيجابياته، خصوصاً في ما يخص الشق السياسي. وأضاف صالح أنه سعيد بنجاح «الريان» في الظرف الاستثنائي الذي تعيشه مصر، كاشفا أن دخول هذا العمل محفوف بالمخاطر، فمعظم العاملين فيه توقعوا أن تنخفض أجورهم للنصف، إلا أنه إلى حد كبير حدث نوع من التوازن، فلم ينخفض أجره إلا بنسبة 15٪.
ودرامياً أشار صالح إلى أنه تواق في المرحلة المقبلة إلى تجسيد أدوار إيجابية تمنح الطموح والتفاؤل بالمستقبل، مضيفاً «الفنان يجب أن يكون ذكياً لمتطلبات كل مرة، وأعتقد أن استلهام النماذج المشرفة في كل المجالات هو حاجة ماسة في الدراما المصرية، خلال المرحلة المقبلة».