الذبحاني: الأغنية المصــورة أقصر طرق التوعية
الفكرة التي سعى إليها د. حبيب غلوم، بصفته مدير الأنشطة في وزارة الثقافة والشباب وخدمة المجتمع، وهي المشاركة في الدورة الـ12 لمهرجان أوسكار الفيديو كليب، الذي اختتم فعالياته أخيرا في القاهرة، كان من الممكن أن تظل شرفية، نظراً لعالمية المشاركة في الحدث، لولا أن تضافر على إنجاحه مشاركة ثلاثة من أصحاب المواهب المختلفة، كل في مجاله، حيث تمت المشاركة بعملين من إبداع شاعرة شهد نتاجها تألقاً فريداً في المرحلة الأخيرة هي غياهيب، وغناهما أكثر الأصوات الإماراتية ذيوعاً على الصعيد العربي خصوصاً وهو حسين الجسمي، وهما العنصران اللذان انعكسا في صورة مبدعة صاغها المخرج الإماراتي صابر الذبحاني.
«الإمارات اليوم» التقت مخرج الأغنية المصورة «يكفي تعبت» التي حصلت على ثلاث جوائز ذهبية في فئة الأغنية الإنسانية، في المسابقة على مستوى التأليف والغناء والإخراج، فضلاً عن إخراجه أغنية مصورة أخرى حصلت في المسابقة ذاتها على جائزة أفضل إنتاج لمصلحة وزارة الثقافة، وكشف الذبحاني عن تفاصيل إنتاج العملين، ووجهة نظره الإبداعية حول الآفاق الإبداعية للأغنية المصورة عموماً والتوعوية منها خصوصاً .
«كليب مسلسل» قال مخرج الأغنيات المصورة، الإماراتي صابر الذبحاني، إن تقنية تصوير الفيديو كليب اقتربت كثيراً من المواءمة بين شروط الكاميرا السينمائية من جهة، وتشويق المسلسل الدرامي من جهة أخرى، مشدداً على أنه «لا قوالب جاهزة يمكن أن تحكم إخراج الأغاني المصورة، بخلاف الكيمياء الخاصة التي تتولد بين مفردات الكلمات وخيال المخرج». وأكد الذبحاني أن إخراج الأغنيات المصورة ذات الأهداف التوعوية، يمتلك مقومات إخراج تلك الرسائل من قوالبها الجامدة، مضيفاً «في حال توافر كلمات مهمومة بالقضايا ذات الأولوية في أي مجتمع، ووجود مخرج لا يتعامل مع هذا النوع من الأعمال بشكل يخرج عن نطاق الإخراج الوظيفي، إذا جاز التعبير، فإننا يمكن أن نصل إلى أغاني مصورة تلمس شغاف قلوب جمهورها، في الوقت ذاته الذي تقوم فيه بالفعل التوعوي». وكشف الذبحاني عن انشغاله في المرحلة المقبلة بعدد من الأعمال التي تصب في هذا الإطار، متوقعاً في هذا السياق أيضاً أن تجمعه أعمال وطنية مع شعراء وفنانين إماراتيين، من أجل إنتاج أعمال تعبر عن فرحة الوطن بمرور أربعة عقود على ذكرى اتحاد الدولة. |
ورأى الذبحاني أن الأغنية المصورة قادرة على تحقيق نتائج شديدة الإيجابية، وأبعد أثراً في مجال التوعية الاجتماعية، ربما أكثر من ذلك الذي يمكن أن تحوزه الحملات التي تتوسم الوصول للجمهور المستهدف بصيغ مختلفة، مضيفاً «إذا سلمنا بأن للإيقاع والموسيقى والطرب سحراً خاصاً، فإن للمشهد الدرامي أيضاً أدواته الفاعلة في الوصول إلى المشاهد، وجميعها صيغ يجيد التعامل معها مخرج الأغاني المصورة، من اجل صناعة أعمال أكثر قدرة على الوصول إلى الجمهور المستهدف».
وحي خيال
أشار الذبحاني إلى أنه استلهم مفردات إخراج «يكفي تعبت» من وحي خيال الشاعرة نفسها، مضيفاً «قد يحتاج المخرج إلى التحرر الإبداعي بشكل يبعده عن مجرد المسايرة والمواءمة مع كلمات الأغنية، لكن هذا الأمر ربما لا ينطبق مع هذا العمل الذي يحمل في ذاته مشاهد درامية تبثها الصور الشعرية الخصبة التي عُرفت بها الشاعرة، لذلك فإن خصوبة الكلمات، أتاحت لي فرصاً فريدة في التواصل مع مخيلة الشاعرة التي يعود لها الفضل في رسم دقائق اللوحة الدرامية».
وأضاف أن «الكلمات المفعمة بالأحاسيس التي أبدعتها الشاعرة غياهيب، إضافة إلى مشاركتها بفكرة إخراج الفيديو كليب عبرّتا عن رؤيتها الخاصة»، حيث تابعت غياهيب أدق التفاصيل التي أضفت على العمل بعداً انسانيا من خلال قصة مؤثرة توضح فيها أخطار المخدرات واثارها السلبية في المجتمع.
موقع تصوير
قال الذبحاني إنه استقر قبل نحو 45 يوماً من بدء تصوير «يكفي تعبت» على موقع التصوير، فكان منطقة الخان القديمة في الشارقة التي كانت بالنسبة له نموذجية لإضفاء جو من العبثية واختلاط الأمور في أفق البطل الدرامي للعمل الذي تم تجسيده مدمناً للمخدرات، يسلمه بحثه عن جرعته المعتادة إلى التفريط في عرضه من اجل لحظة وهم، قبل أن ينتهي به المطاف مفارقاً للحياة بسبب جرعة زائدة تعاطاها، وفق سيناريو رافق كلمات الأغنية، التي تؤشر أيضاً ـ حسب مشهدها الدرامي ـ إلى ضرورة تجنب صداقة رفقاء السوء، لأنهم هم من أرشد بطل العمل إلى طريق الهاوية، وهو المشهد الذي يتكرر كثيراً في الحياة اليومية.
وعلى الرغم من أن الأغنية الأخرى التي شاركت باسم الإمارات تطرقت ايضاً إلى مجال التوعية من اخطار الأدمان، وهي «درب الضياع» بإنتاج مشترك بين شرطة دبي ووزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، إلا أنه تم التعامل معها على مستوى الصورة بمفردات مختلفة، حسب الذبحاني الذي أضاف أنه «لا يمكن ان تفرض وحدة الموضوع تقارباً في الرؤية الإخراجية، حيث إن حالة التماهي ما بين الكلمات والإخراج تفرز دائماً شخصية مختلفة لكل عمل، وهو ما حدث بالنسبة لـ«درب الضياع»، الذي حصل على جائزة افضل إنتاج في فئته، عبر تصوير يترصد تفاصيل حياة مدمن انحرف عن طريق حياة اسرية هانئة ومستقرة، نحو درب أقل ما يوصفه هو عنوان العمل نفسه».
واعتبر الذبحاني أن فكرة الوصول بعمل محلي إلى مجال العالمية لم تعد مجرد طموح، بعد أن تمكنت المشاركة الإماراتية من تحقيق سبق للأغنية المصورة الخليجية في هذا المحفل، واصفاً احتفاء أسماء عربية مهمة في هذا المجال بـ«يكفي تعبت» تحديداً بالمبهر.
وقال: «تسلمت الجائزة من رئيس مهرجان (أوسكار) للفيديو كليب د. عبدالمنعم سعد، بمشاركة الفنانة الرئيس الشرفي للمهرجان مديحة يسري، ونال العمل تقدير وثناء الموسيقار محمد سلطان رئيس لجنة التحكيم التي ضمت كلاً من نادية مصطفى، سمير صبري، الموسيقار هاني مهنا، وظل على مدار انعقاد الحدث محور إشادة نقاد ومتخصصين بارزين، وهو ما يعني أن الأغنية المصورة قادرة على مسايرة نجاحات أخرى تحققها المشاركات الإماراتية على الصعيد الفني».