طبعة أولى
«كتاب الدمى».. حوار بين الشعر والتشكيل
صدرت عن دار نلسن (السويد - لبنان)، حديثاً، مجموعة شعرية بعنوان «كتاب الدمى» للشاعر الاردني المقيم في ألمانيا عيسى علاونة، في 86 صفحة مع عدد كبير من الرسوم للفنان مروان قصاب باشي. في المقدمة التي كتبها الشاعر الراحل فؤاد رفقة، قال رفقة: «في هذه التجربة يتحاور الفن التشكيلي مع الكلمة الشعرية. وفي الحقيقة لا خلاف جوهرياً بينهما فكلاهما يلتقيان بالرؤيا المقدسة ومنها ينحدران، وأحدهما الى اللون كما في رسوم مروان التي تشير ابدا ودائما الى تخوم خلف التخوم، والاخر الى رنين الكلمة الشعرية وظلالها كما نلمح في الافق الشعري الذي يزنر هذه التجربة».
واضاف رفقة «من هو عيسى علاونة.. اردني الولادة يمارس مهنة الطب الجراحي منذ عشرات السنين في هولتزمنون الواقعة في المانيا الاتحادية».
ويبدو ان هذه المهنة لم تشبع رغباته الوجودية، فمد جسورا الى عالم الابداع المتمثل بالنقد الادبي والترجمة، وفي مراحل حياته الى كتابة الشعر. ونتيجة لهذا التوجه الكياني في مدى مراحل العمر كانت هذه التجربة الشعرية.. عنوان هذه التجربة الشعرية «كتاب الدمى». ما الذي يعني عيسى علاونة بهذه التسمية.. ربما يعني ان اللحظة الشعرية غياب مطلق والتحام به كالتحام الطفل بلعبته وغيابه فيها وربما يعني ان هذه اللحظة الخاطفة هي رؤية الاشياء في براءتها البدائية قبل سقوطها في غبار العالم النهاري - عالم الجمع والطرح والحسابات - كما الاشياء للطفل في بداياته المضاءة بالدهشة والحيرة.. او ربما ما يعني ان اللحظة الشعرية لعب مجاني كلعب البواشق في صباح نقي فوق المرتفعات والقمم وفي هذا اللعب المجاني فرح الوجود. وكتب عيسى علاونة بعد ذلك متحدثا عن هذه الدمى التي رسمتها ريشة مروان قصاب باشي، وكثير منها جاء بوحي متبادل من الشاعر والرسام، فقال: «اجل شغلتنا هذه الدمى كلاما وغواية. شغلتنا بحزنها.. بشوقها لفرحتها وجمعها بايروسيتها وشبقها وألمها وبالقهر والخيبة وباختلافها وانسجامها، واخيرا الى تلك الميلانخوليا التي نراها ونقرأها في خطوط الوجه وطياته وفي الخندق الرأسي في الوقوف.. في الجلوس وفي السكوت... انها الدمية التي يلونها ساحر اللون هذا المصور البارع ويمدها بشعاع من نور يعلو ويهبط ويتقاطع وينعكس كأنه يحن على روح في جسد هذه الدمية، بينما هي في انتظار عبثي ان تلامس روحها او قل تجيئها الروح من حيث لا تأتي ولن تأتي».
يقول الشاعر في قصيدة «دمية»: «الوهم يسكنها.. في رماد الزمن.. الجهات تغلف احزانها.. بالقصائد.. والاديم يقرأها.. صورة.. اية.. يراود اهدابها.. عن تهافت اعضائها.. وينشرها.. في رخام المسافة.. في الصمت توغل.. تنداح نهر بياض.. خلّفت ضوءها.. في هتاف الخرائط».
وفي «غرباء» يقول علاونة: «رغم ان النداءات صارت رذاذا.. وصارت طقوس خطايا.. ورغم ان القوارب عادت.. الى ورق الشوق.. في ذروة الطين.. يبتكر الغائبون.. امواجهم وسماواتهم.. يمرون فوق جسور من الوهم.. الى جزر في شغاف السماء.. كلهم غرباء.. رسوماتهم لغة عارية.. وجوه تتكسر للضوء.. تتفتت في هيئة الاسم.. والرسم.. والخاتمة».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news