« العراة ».. فصل من حكاية إبراهيم عيسى مع الرقيب
حكاية الكاتب المصري إبراهيم عيسى مع الرقابة طويلة، وذات فصول متعددة، سواء على مستوى الصحف التي قام بتأسيسها وأغلقت بعد فترة، أو حتى الكتب التي قام عيسى بتأليفها ووُجهت بمقص الرقيب وسلطة المنع.
ومن أبرز فصول حكاية الصحافي المصري مع الرقيب ما تم مع روايته «العراة» التي صودرت عام ،1992 بقرار من الأزهر الشريف «بدعوى جرأتها أو تجرّئها على مناطق أخلاقية للمجتمع». كما سحبت الرواية من معرض القاهرة الدولي للكتاب في العام نفسه بعد قرار الأزهر.
ربما لم تلفت مصادرة الرواية نظر البعض حينها، ممن اعتبروا صاحبها صحافيا دخيلا على الوسط الأدبي، وأن أعماله تتسم بالمباشرة والتقريرية، ويكتب روايات «ضعيفة»، لكن تكررت حكاية المصادرة مع عيسى في رواية تالية بعنوان «مقتل الرجل الكبير».
إبراهيم عيسى روى في مقال له، أخيرا، قصة مصادرة «العراة» قائلا: «رغم أن الوسط الأدبي لم يتحمل يومها (1992) أن تصادر رواية لشاب في السابعة والعشرين من عمره، فلم يدافع عن الرواية، ولم يدفع عنها الضرر والمصادرة، لكن سلسلة مصادرات الأزهر التي أعقبت تلك الرواية أجبرت الجميع على الانتباه والتنبه إلى خطورة المصادرة، لكن من ناحية أخرى يبدو من الغريب أن الساحة الأدبية والثقافية في مصر كانت تحتفي دائما بالرواية التي تصادرها جهات دينية أو لأسباب دينية من خلال الأزهر، ويدافع الجميع في الساحة الثقافية عن هذه الرواية أو تلك في الصدور والنشر (وهذا حق وواجب بالمناسبة)، بينما كان يسكت ويخرس تماما الوسط الأدبي والصحافي عن مصادرة جهاز أمن الدولة ووزارة الداخلية رواية تتحدث عن الرئاسة والحكم الديكتاتوري المستبد»، مضيفا عن مصادرة «مقتل الرجل الكبير» في المقال ذاته «صادر أمن الدولة روايتي مقتل الرجل الكبير عام ،1999 ولم ينطق كاتب أو مثقف، رافضا مستنكرا هذا الحدث، بصرف النظر عن رأيه الفني في الرواية عظيمة أو هشة، لم أشهد - في ما عدا منظمات حقوق الإنسان - أي تضامن أو دعم من الكتاب أو المبدعين، ما أكد لي تماما مدى ضعف وهشاشة المثقف المصري أمام السلطة أيامها، ومدى رعونة وضعف الساحة الأدبية التي كرست نفسها لمواجهة متوهمة وبطريقة خاطئة مع التيار المتطرف».