ندوة في الشارقة استعرضت تاريخها وأبرز مبدعيها

المنمنمة.. من« التزاويق » إلى إبداعات الــــواسطي وبهزاد

صورة
1/2

بيّن فن المنمنة الإسلامية وتاريخه وأبرز مبدعيه عبر عصوره ومدارسه المختلفة، ارتحلت ندوة «المنمنمات الإسلامية من الواسطي إلى بهزاد»، أمس، في الشارقة، ضمن فعاليات مهرجان الفنون الإسلامية في دورته الـ14 (منمنمات).

واستعرض مشاركون في الندوة، التي تختتم اليوم، في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، البعد التاريخي للمنمنمة الإسلامية، وتأثرها بالحضارات الأخرى، وفن التزاويق، وعرضوا إسهامات يحيى الواسطي في المنمنمات، وتطرقوا إلى دور كمال الدين بهزاد في الارتقاء بها، كما أُجريت مقارنة تطبيقية بين أساليب وأنماط ومدارس المنمنمات الإسلامية.

منمنمات مغربية

تناول الباحث الدكتور نور الدين الصغير، من تونس، المنمنمات الإسلامية في الأندلس بين الفلسفة والإبداع، واستعرض فنون المنمنمات المغاربية والأوروبية التي تأثرت تباعاً بالمدرسة الأندلسية حتى بعد سقوط الأندلس، وظهور فنون المستعربين في أوروبا، وهي التجربة التي انطلقت من منطقة الزهراء في قرطبة ونضجت في إشبيليا واكتسبت عالميتها في غرناطة وطليطلة.

ولفت إلى أن المدرسة الأندلسية كان لها تأثير بالغ في الحركة الفنية في إسبانيا وأوروبا وبلاد المغرب، وتجلت آثارها في مدارس الفن التشكيلي الإسباني الحديثة ومدارس الفن التشكيلي المغاربي، وتأثر العمارة في زخارفها بتراص المنمنمات، وتداخل التأمل الفلسفي الرشدي في مجال الإبداع القرطبي.

وقال المنسق العام لمهرجان الفنون الإسلامية ومدير إدارة الفنون، هشام المظلوم، إن «الندوة الدولية ترتحل بالمنمنمات الإسلامية ما بين يحيى بن محمود الواسطي، باعتباره من أوائل الأسماء التي اشتغلت في فن المنمنمة الإسلامية، وكمال الدين بهزاد الذي أضفى بجهوده ومنجزة العريض على المنمنمة الإسلامية ورونقها وتمايزها الباديين، لتشكل بذلك أساليب ومدارس فنية عدة مرتبطة برسوم المنمنمات».

وأشار المظلوم إلى أن المنمنمـة تمتـد إلى بلدان عربيـة وإسلاميـة وغربيـة في آسيا وإفريقيا وأوروبا، ومن أبرز الدول التي عرفت بفن المنمنمات: (العراق ومصـر وسوريـة وإيـران والهنـد وتركيا والصين وإسبانيا)، إذ إن هناك عدداً كبيراً من الفنانين الذين عملوا وفقاً لقواعد وأسس رئيسة ميزت الإبداعات العربية والمغولية والتركية والهندية في فن المنمنمات.

لوحات فنية

تابع المظلوم أن «هذا الفن عالج موضوعات أدبية وتاريخية ودينية وعلمية، وتنقل بين المقصدين الإيضاحي والتأويلي، إلا أن بعض الفنانين تجاوزوا ذلك إلى حدود الأشكال التفسيرية والجامدة ولمضامين المخطوطات، وصولاً إلى تحقيق ماهيتها كلوحة فنية مكتملة العناصر والبنية والدلالات، كما تجاوز آخرون حدود النصوص المخطوطة في بلاغتها».

وأفاد بأن «هناك 1500 عمل فني يعرض حالياً في متحف الشارقة للفنون ضمن مهرجان الفنون الإسلامية منمنمات، تمثل معظم الاتجاهات الفنية الأصيلة والمعاصرة، كما يصاحب المهرجان ورش فنية تجاوز عددها 40 ورشة يقدمها فنانون ومتخصصون في الفنون الإسلامية، منها ورش أسرار السطر وتذهيب وكتابات وزخارف ورقائق وورش الخط واللوحة وموازين الحرف، وورشة تعشيق والطرق على النحاس وتجليات، ومحاضرة فن المنمنمات في الحضارة الإسلامية والخط بين الحداثة والكلاسيكية وجماليات الزخارف الإسلامية، وورشة فسيفساء وتنويعات وخطوات».

المنمنمة تاريخياً

من جهتها، استعرضت الباحثة في الفنون الإسلامية، الدكتورة إيناس حسني، من مصر، البعد التاريخي للمنمنمة الإسلامية، خلال الجلسة الأولى للندوة ، مشيرة إلى أن «المنمنمة هي فن التشبيه وطبيعة الحياة الباعثة للتأمل والخيال، الذي يتمثل في الحقائق الدينية والعناصر الأسطورية القديمة، وفن المنمنمات الإسلامية استقى بعضاً من جذوره وروافده من مدارس بيزنطية وساسانية ومانوية وصينية، وتركت هذه التأثيرات انطباعات عميقة ومؤثرة، خصوصاً لدى الفنانين من بلاد فارس، ولفن المنمنمات مدارس كثيرة، منها البغدادية والمغولية والتيمورية والصفوية والمملوكة والمدرسة التركية والهندي والمعاصرة».

ووضعت المنمنمات في الأصل لتزيين المخطوطات القديمة وتطورت في القرنين 18 و،19 وكان أول كتاب عربي ظهرت فيه المنمنمات هو الكتاب الهندي «كليله ودمنة»، الذي ترجم للفارسية ومنها إلى العربية، وتطورت بعدها المنمنمات لتصبح فناً فريداً، تناوله عدد من الفنانين الرواد منهم الواسطي، وبهزاد الذي اهتم بالأفراد وشخصياتهم والمشكلات اليومية.

جماليات

إلى ذلك، تناول الباحث الدكتور خالد بن المنجي عبيدة، من تونس، في ورقة بحث قدمها في الندوة، التآلف بين الخصوصية الثقافية الإسلامية والجماليات الفارسية في رسوم كمال الدين بهزاد، لافتاً إلى أن عراقة فن المنمنمات تمتد إلى بداية الفتوحات العربية، إذ كانت تعرف باسم فن التزاويق، والذي ورثت أصوله من حضارات سبقت الإسلام وتحديداً الفارسية والهندية.

وتعد المنمنمات، وفق عبيدة، من نفائس المجموعات الخاصة بالمكتبات الوطنية والملكية العالمية في باريس ولندن وبرلين، وتنفرد الخزائن العثمانية بمجموعات فريدة، وتزداد قيمة المخطوطات المصورة بحسب شهرتها.

أما الباحث الدكتور حسين جمعان، من السودان، فتطرق إلى دور التقنيات المتطورة والاتصالات الحديثة اجتاحت العالم، واحدثت إرباكاً في جميع المجالات كما طالت مجال الإبداع العربي والإسلامي، فتداخلت التقليعات التشكيلية، واختلطت المناهج الفنية لدى الأجيال، الأمر الذي يحتاج إلى الرجوع بقدر الإمكان إلى الجذور التراثية العربية والاسلامية. واستعرض دور الفتوحات الإسلامية التي أسهمت في انتشار الإبداع الزخرفي والخط العربي وتزيين دور العبادة في المساجد، كما هي الحال بفن العمارة التي تمارس فيها العبادة، تماشياً مع شكل الكنيسة التي تزدان بصور المسيح ومريم العذراء والحواريين.

تويتر
log/pix