صعوبات كثيرة تواجه مسرح الطفل لاجتذاب جمهوره المستهدف. أرشيفية

حبيب غلوم: اختزال عروض «مسرح الطفل» رسالة تحذيرية

تنطلق يوم الخميس المقبل فعاليات الدورة السابعة لمهرجان الإمارات لمسرح الطفل، بعرض «شكرا ماما»، على خشبة قاعة قصر الثقافة بالشارقة.

وتشارك في المهرجان خمسة عروض بعضها سبق عرضه، ما يثير جملة من الإشكالات المزمنة والمتكررة التي لم يتم التصدي لها بحلول ناجعة رغم التوصيات السنوية المتكررة، أبرزها شح الإمكانات المتوافرة للفرق المسرحية، وضعف النصوص، فضلاً عن استسهال مخرجين وكتاب المجال الأصعب في الإبداع المسرحي، وهو إنجاز أعمال ضمن سياق مسرح الطفل.

إبهار مفقود

 

حول العنصر الأهم الذي تفتقده المسرحيات الإماراتية الموجهة للطفل، أشار مدير مهرجان الإمارات لمسرح الطفل الفنان حبيب غلوم، إلى عنصر «الإبهار المسرحي»، مضيفاً «كارثة إبداعية أن يفتقد عمل موجه للأطفال هذا العنصر تحديدا، رغم أنه يلمسه في كل نواحي الإبداع التي تسعى لجذبه، بدءاً من شاشة التلفزيون والمسلسلات والأفلام التي تحشد كل طاقتها في هذا العنصر، مروراً بالألعاب، سواء داخل المنزل أو خارجه، وليس انتهاء بالعروض السينمائية التي جعلت من منافسة المسارح الفقيرة في عنصر الإبهار لها منافسة مستحيلة».

وأحال غلوم ضعف هذا الجانب في الأعمال الإماراتية إلى شح الإمكانات «لا يمكن أن يتم توجيه لوم في هذا الصدد للفرق المسرحية التي تعمل وفق الميزانيات والدعم المتاح لها، لكن بكل تأكيد فإن مسرح الطفل يستحق أن توفر له إمكانات أكبر من تلك المتوافرة له بشكل عام في المرحلة الحالية».

واعترف مدير مهرجان الإمارات لمسرح الطفل الدكتور حبيب غلوم، في تصريحات لـ«الإمارات اليوم» حول المهرجان الذي سيستمر حتى 28 من الشهر الجاري بأن «هناك بالفعل تحديات كثيرة تواجه مسرح الطفل عموماً في الإمارات، وليس المهرجان فقط كمظلة استيعابية لنتاجه، لذلك فإن قرار اختزال عروض المهرجان يمكن أن يكون رسالة تحذيرية في هذا الصدد، وقراراً لا رجعة فيه»، مشيراً إلى أن اللجنة العليا المنظمة للحدث قامت ببعض الإجراءات لتلافي أكبر قدر ممكن من الاثر السلبي لتلك الإشكالات، ومنها ضعف موازنات معظم الفرق، عن طريق تخصيص الفرق ذات الأعمال الجيدة بالدعم.

وتابع غلوم أن «المهرجان الذي سينطلق الخميس لن يتضمن سوى العروض الجادة التي تمكنت من استقطاب ترشيحات أعضاء لجنة المشاهدة لقبولها ، وهي خمسة عروض، مقابل أربعة عروض أخرى تم استبعادها. وربما يفسر متابعون أن إلغاء السماح بقبول عروض ضعيفة خارج المسابقة الرسمية هو قرار تعسفي، لكنه في الحقيقة قرار جاء لحماية الجمهور المفترض للمهرجان، وهم الأطفال، من تلقي عروض غير مكتملة، أو مجازة فنياً، والأهم أنها رسالة تحذيرية للمبدعين الذين يتطلعون وجود أعمالهم في تلك المنصة، بأن مزيداً من التجويد يجب أن يطال أعمالهم».

تمييز

أضاف مدير المهرجان أن «البعض ينادي بعدم رفض أعمال سعى مبدعوها إلى الوجود في مظلة مهرجانية، حتى وإن كان ذلك لأهداف تشجيعية فقط، وهذا ربما يكون مقبولاً في ما يتعلق بنتاج يتلقفه جمهور واع يستطيع أن يعي هذا التجاوز، ويفرق تماما بين أعمال تدخل ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان، وأخرى قد لا تكون مكتملة فنياً أو فكرياً تظل خارجها، وليس إلى مسرح موجه لأطفال لن يكون لديهم تمييز بين النوعين».

واعتبر أن المنتمين إلى مسرح الطفل إبداعياً هم أول المستفيدين من هذا الاتجاه، إذ سينصب الدعم على أعمال محدودة، لكنها الأجود على الساحة، دون أن يتشتت ما بين أعمال جيدة وأخرى رديئة، وهو ما سيجعل سقف الإجادة هدفاً دائماً لكل أطراف العملية الإبداعية.

وبرر غلوم اختيار عرض «شكراً ماما»، من تأليف وإخراج مرعي الحليان، ليكون عرض الافتتاح، رغم أنه سبق عرضه من قبل، ما سيفقده ألق الاستكشاف النقدي والإعلامي والجماهيري، بأن هناك «خصوصية تتعلق بالعروض المسرحية في الإمارات، وهي تنوع جمهورها وتعدده بتعدد الخشبات في كل انتقال جديد لأسرة العمل بين إمارات الدولة المختلفة، ما يعني أن المسرحية ستكون على موعد مع جمهور جديد، هو في جوهره الجمهور الذي اعتاد أن يستمتع بعروضه بشكل سنوي، فضلاً عن أن هذا العمل تحديداً يحمل خصوصية فنية لا تلغي بالضرورة مميزات سائر العروض التي تُعد الأجدر بالفعل بمصافحة مذاق وعقل المشاهد، لتنسج معه جدلية ومشهدية جمالية وفكرية وفنية».

وقال غلوم إن «مهرجان الإمارات لمسرح الطفل أصبح تظاهرة مسرحية يستمتع بحضور عروضه الأطفال، في جو من الفرح مفعم بالتسلية والفائدة، وهذا ما تحرص عليه الجهات الداعمة للمهرجان، من خلال رعايتها وتركيزها على النشء الجديد، من أجل خلق جيل متسلح بالعلم والفائدة ومتذوق للمسرح، ليكون عماد مستقبل الإنسان في إمارات الخير والعطاء، إذ أصبح المهرجان حالة مسرحية نموذجية من حيث مستوى التنظيم والعروض، ومستوى إقبال الجمهور على قاعات العروض، الذين هم في تزايد مستمر في كل دورة عن الدورة التي سبقتها منذ انطلاقة المهرجان في دورته الأولى في العام».

تواصل

من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة جمعية المسرحيين، رئيس المهرجان، اسماعيل عبدالله، إن «النجاح الذي تحقق في مهرجان الإمارات لمسرح الطفل على المستويين التنظيمي والفني، ووصوله إلى الدورة السابعة، دليل على تواصله الأمثل مع الجمهور الغفير الذي ملأ جنبات قاعاته، وكذلك هو دليل على ثقة القائمين على المسرح في الإمارات بهذا المهرجان الذي نتمنى له الدوام والاستمرار في إمارات الخير والعطاء، ساعين وبالتعاون مع شركائنا الرئيسيين في رعاية هذا المهرجان، إلى الوصول بمهرجان الإمارات لمسرح الطفل إلى المستوى المرموق الذي نطمح إليه جميعا».

وتشارك في دورة هذا العام من المهرجان الذي سيقام على قاعة قصر الثقافة بالشارقة، خمس فرق مسرحية تتنافس على جوائز المهرجان، هي مسرحية «شكرا ماما»، لمسرح رأس الخيمة الوطني، تليها بالتعاقب المسرحيات «آي باد» لمسرح أم القيوين الوطني، و«درس خصوصي» لجمعية حتا للثقافة والفنون والتراث، و«سبيس زون» لمسرح بني ياس، و«رحلة المعرفة» لجميعة دبا للثقافة والفنون والمسرح. وستعرض على هامش المهرجان مسرحية «مارو» لفرقة المسرح العربي في سادس ليالي المهرجان. فيما يكرم المهرجان في هذه الدورة الشخصية المسرحية العربية، الفنان الكويتي القدير داوود حسين، كما يكرم المهرجان الشخصية المسرحية المحلّية وهو الفنان القدير محمد سعيد السلطي.

الأكثر مشاركة