المسرحية نالت استحسان نقاد رغم ثغرات فنية

«درس خصوصي».. رســــائل إلى الأهل و« التربية »

المسرحية عرضت ضمن مهرجان الإمارات لمسرح الطفل. من المصدر

سطع نجم الطفل سعيد عبدالله بن لندن في شخصية «عبود»، محور العمل الرئيس، التي تدور حولها أحداث ومشاهد مسرحية «درس خصوصي» للمؤلف والمخرج عبدالله بن لندن، إذ رغم مصادفة تمثيله في العمل، إلا أنه أثبت جدارته ونال إعجاب الجميع، في المسرحية التي رغم بعض الهفوات إلا أنها تمكنت ببساطتها وعفوية الممثلين أن تحظى باهتمام وتفاعل الجمهور. «درس خصوصي» التي عرضت في قصر الثقافة في الشارقة، أول من أمس، ضمن برنامج مهرجان الإمارات لمسرح الطفل الذي يستمر حتى الخميس المقبل، حملت مضامين ورسائل عميقة أبعد من النص المكتوب، يستطيع من خلالها المشاهد الواعي أن يستشف معانيها ويستخلص المغزى الحقيقي من العمل الفني، إذ ان المسرحية ليست موجهة للأطفال فقط إنما للكبار، وتحديداً أولياء الأمور والمسؤولين والمشرفين على العملية التعليمية وفي وزارة التربية والتعليم، من خلال مراجعة الطرق والأساليب المستخدمة في تعليم الطلاب والتعامل معهم، لاسيما بوجود الطالب المشاغب مثل شخصية «عبود» في المسرحية.

ممثل في آخر لحظة

قال المؤلف والمخرج عبدالله بن لندن، إن «الملاحظات والثغرات التي رافقت العرض الأول من المسرحية سيتم أخذها في الحسبان لتحسين العروض المقبلة»، مشيراً إلى أن «ظروف التدريب وعمل البروفات كانت سيئة نوعاً ما، إذ كان الفريق يتدرب في مسرح صغير يختلف تماماً عن مسرح قصر الثقافة الذي لو اتيحت لنا فرصة التدريب على خشبته لتداركنا معظم الأخطاء». ولفت إلى ان «الممثل الطفل الذي يفترض أن يقدم دور عبود في المسرحية، اعتذر عن المشاركة قبل العرض بـ10 أيام، بسبب الامتحانات وظروف خاصة به، رغم أننا وفرنا له أربعة معلمين لمتابعة دروسه وتحضيره للامتحانات، وحرصنا على ألا تفوته حصص مدرسية، إلا أن الموقف كان أكبر من الطفل ومنا، لذلك وفي غضون أيام تم استبدال الممثل الأساسي بعبود الذي قدم المسرحية وهو ابني، الذي فوجئت بالقدرات التي يمتلكها في التمثيل وكان خير ممثل». ودعا بن لندن الفنانين والمسرحيين والنقاد والمهتمين بالمسرح، وتحديداً مسرح الطفل، إلى التعاون وتقديم الملاحظات اللازمة دون الحرج أو القلق من العلاقة بين الزملاء، ولذلك لغرض الارتقاء بالحركة الفنية المسرحية في الدولة، وتقديم الأعمال الجيدة التي تليق بمسرح الطفل.

 وتدور أحداث المسرحية في مكان واحد هو منزل عبود، الطفل المشاغب والطالب الشقي، الذي يرفض الدراسة ويفضل اللعب طوال الوقت، إضافة إلى أنه يستهين بمعلميه ولا يحترم والديه ويناكف شقيقته الطفلة «عذره»، التي تعتبر نقيضه في الشخصية، فهي تمثل الابنة البارة بوالديها، والتي تحترم معلماتها، كما أنها طالبة نجيبة تحب الدراسة وتسير نحو التميز العملي.

ويأتي المشهد الأول في المسرحية ويظهر الطفل «عبود» المشاغب نصياً فقط، إذ لم تظهر عليه السمات الحركية للشخصية المشاكسة، وهذا ما اعتبره كثير من المختصين والمتابعين ثغرة فنية تحسب ضد المخرج عبدالله بن لندن، الذي وعد بالعمل عليها لمحاولة تفاديها في العروض التالية، فالأب في المسرحية، وهو الفنان عبدالله بوعابد، يصرخ ويضرب عبود ويعامله بقسوة ليركز في دراسته ويتوقف عن اثارة التمشكلا، ودائماً ما كان يوبخه ويفضل عليه ابنته «ميثاء»، كونها متفوقة في دراستها، إلا أن عبود لا يتأثر كثيراً بهذه الأمور، كونه لا يكترث أصلاً لوالده أو والدته الممثلة زينب عبدالله التي تعامله بلين ورفق زائدين، خصوصاً أن عبود لا يستحق كل هذا الدلال.

شخصية المعلم

بتصاعد الأحداث يظهر الممثل عبدالله الجفالي في شخصية المعلم المهزوم، تلك الشخصية التي انتقدها الفنان خالد البناي في ندوة التحليل الفني التي عقبت عرض المسرحية، وقال إن «هناك عيباً وحيداً في هذه المسرحية، ويظهر ذلك في شخصية المعلم، لا أتكلم عن الممثل إنما الشخصية نفسها التي كان يفترض أن تقدم شخصية معلم أثقل في الحجم والقيمة، إذ إن ما شاهدناه هو معلم يمكن وصفه بـ(الهزء)، خصوصاً أنه يتعرض للإهانة والتعنيف من قبل طفل».

كما اعترض كثير من المتابعين لمسرح الطفل على طريقة تقديم المعلم، وتجلى ذلك في مشهد المدرس وهو يقبل يد عبود بعد أن ذاق منه الأمرين وتعذب على يديه، ولم ينته المشهد عند تقبيل اليد إلا أن عبود رفع قدمه كذلك ليقبلها المعلم، الأمر الذي اعتبروه اهانة واضحة واستخفافا بقيمة المعلم، كما أنه قد يشكل خطورة إذ ما انعكست شخصية عبود على الأطفال المشاهدين للمسرحية.

وبعد استخدام كل الأساليب التي يعرفها الأب من تعنيف وعقاب، والأم من طيبة ودلال، والمعلم الذي هو في الأساس جارهم من استخفاف ومحاولات تدريس فاشلة، يظهر الممثل في دور خال عبود الذي يجسده الممثل «فؤاد القحطاني» العائد من الخارج، بعد سنوات قضاها في الدراسة خارج الدولة، ليتمكن من تعليم وتهذيب أسلوب وطريقة تعامل عبود مع الآخرين، بدءا بوالديه وشقيقته وانتهاءً بمعلميه واهتمامه بدراسته، على طريقة التربية قبل التعليم وأسلوب التعليم الحضاري الجديد القائم على الاهتمام والتركيز بالجوانب الحسية والحركية لدى الطالب واشراكه في العملية التعليمية، والتحفيز والتشجيع، والنزول إلى مستوى الطفل، وتقديم المعلومات الصحيحة والنصائح المفيدة.

ثغرات عمل

رأى نقاد في الندوة التي تبعت العمل أن هناك ثغرات بسيطة في العمل لو تم تلافيها لأصبح العمل جيداً من جميع أركانه، سواء من جهة النص أو طريقة الأداء أو الشخصيات أو حتى الديكور الذي لم يسلم كذلك من انتقاد المختصين والمتابعين، ومن اهم الثغرات في الجانب الحركي للشخصيات هدر واستنزاف القوى الجسدية للممثلين الذين يفترض ألا يتحركوا على المسرح بقدر ما كان يفترض أن تظهر الشخصية الرئيسة التي تمتاز بالمشاكسة وكثرة الحركة، كما أن الشقاوة عند الطفل عبود كانت موجودة في النص الذي ألقاه الممثلون ولم يؤدها أو تظهر واضحة في الشخصية، بل على العكس ظهر عبود بشخصية الطفل الحبوب الرزين العاقل، ولم يلمس التدرج في الشقاوة للوصول إلى مرحلة التهذيب.

كما علق كثيرون على جوانب فنية متعلقة بالديكور والإضاءة، منها أن الإضاءة على خشبة المسرح خافتة طوال المسرحية، الأمر الذي لم يحدد وقتاً معيناً للأحداث إنما أوحى للجميع بأن زمن المشاهد هو المساء، أما من ناحية الديكور فقد كان بسيطاً ويخدم الأحداث والمشاهد، غير أن وجود درج على يمين المسرح لم يكن له داع، وإن استخدمه الممثلون مرتين أو ثلاثا، إلا أن الاستغناء عنه أفضل، أما الموسيقى المصاحبة للعمل التي استخدمت في الفواصل والنقلات الزمنية في المشاهد فكانت صاخبة وغير متناسقة مع الخط الدرامي للمسرحية، فيما اعتبرها آخرون لا تصلح، كونها موسيقى غير مستوحاة من البيئة.

وحول شخصيات المسرحية، أكد متخصصون ضرورة التركيز والعمل على شخصية المعلم التي لم يكن هناك جهد حقيقي عليها، كما يجب التخفيف من حدة الاهانات المنصبة على المعلم واضفاء قدر من الاحترام على شخصيته حتى لا يفقد هيبته، إضافة إلى ذلك طلبوا خفض درجة الحماس لدى الممثلين الذين ينفلعون، ما يجعلهم يخرجون على المسرح قبل إضاءته، فيما علق آخرون على تسريع الإيقاع اللفظي لشخصية الأم في المسرحية التي كانت بطيئة نوعاً ما، بعكس الايقاع المستخدم من قبل الشخصيات الأخرى.

تويتر