بعد أغنيتيه « يا حيف » و« قربنا »
سميح شقير: الجــولان صار بعد الثورة أقرب
من محل إقامته في باريس، جاء صوته حراً وعالياً، كما هو دائماً، مفتتحاً كلامه بمطلع أغنيته الأخيرة، التي أطلقها هذا الشهر «قربنا يا الحرية»، مؤذناً باقتراب انتصار الثورة السورية، وبدا الفنان السوري سميح شقير في حواره مع «الإمارات اليوم»، عبر الهاتف، متفائلاً أكثر من أي يوم مضى بانتصار شعبه، بل وتحرير أرض الجولان المحتل أيضاً، قائلاً «أراني أمشي في الجولان المحرر بيد الثوار السوريين»، مؤكداً «لست حالما، بل كنت كذلك وأصبحت الآن ألمس الواقع وأشمه»، مشيرا الى أن أغنية «يا حيف»، التي أطلقها في الأيام الاولى من اشتعال الثورة، كانت بسبب «اشتعال الدم في عروقنا غضبا من هذه الاستهانة بدماء السوريين، واتهام المتظاهرين السلميين بأنهم مخربون».
«يا حيف»
هم الأمل وصف الفنان سميح شقير، صاحب أغنية «زهر الرمان»، النتاج الفني الجديد للشباب والشابات في خضم هذه الثورات بأنه نتاج الحريات، وقال «سمعنا الكثير عن الحالات الابداعية، وشاهدنا الكثير أيضاً، وقد زاد يقيننا بأن الإبداع والحرية توأمان»، وأضاف «امتلأت الساحات برقصات التحدي المبتكرة، ورددت الحناجر الأهازيج والأغاني التي أبدعها متظاهرون شباب، طاعت لهم الكلمات فصنعوا منها ذخيرة الحناجر الهاتفة التي كان حتى الرصاص يخشاها، وكانت اهزوجة القاشوش مثالاً صارخاً على التحدي وعلى تحويل الهتاف الى زلزال يرعب القاتلين». وأكد شقير صدمته من موقف بعض المثقفين والفنانين السوريين المنحازين للنظام، مضيفاً «بعد هذه المشاهد المروعة من القتل والدم، آن لهم أن يقفوا مع الشارع الذي كان يوما من الأيام هو السبب في نجاحهم». |
شقير الذي قصد باريس قبل بداية الثورة السورية، قال عن أغنية «يا حيف» وظروفها، إن «الايام الـ10 التي فصلت بين المجزرة التي ارتكبت بحق المدنيين في درعا، وبين صدور الاغنية، كانت أياماً مملوءة بالرعب والصدمة، وتسربت خلالها معلومات حول تفاصيل ما حدث، وعن التعذيب الذي تعرض له الأطفال المعتقلون على خلفية كتاباتهم على الحيطان شعارات عن إسقاط النظام». وأضاف «في هذا الوقت العصيب كان لابد من صرخة رافضة لما يجري من قتل فكانت (يا حيف) الصرخة التي تردد صداها في الجبال والوديان، في الأرياف والمدن، والتي كان النظام يعاقب من يحملها أو يسمعها بالسجن والإيذاء». وعن سرعة إنجاز الأغنية، قال صاحب أغنية «رجع الخي» «هذا ليس جديداً عليّ، فلطالما كتبتُ أغاني بسرعة لتواكب أحداثاً حارة ، مثل (حصار بيروت)، و(جنين)، و(لي صديق)، أو عن الثورة التونسية (بتلبقلك الفرحة)، وعن الثورة المصرية (مصر يما)، كما أن أغنية (يا حيف) كانت نتيجة للإنصات بقوة لأوجاع شعبي وتوقه للحرية»، مشيرا الى أن «الأدوات كانت بسيطة، تشتمل على «لاب توب» يحوي برنامجاً للتسجيل وميكروفونين وعازفين (عيسى مراد ويوسف زايد)، وكثير من الإرادة وفي منزل وليس في استوديو، وبعد التسجيل رفعناها على الـ(يوتيوب)، وذهبنا لننام وفي ساعات الصباح الاولى، كانت المفاجأة عند الاستيقاظ أن أعداداً هائلة قد استمعت إليها وليزيد العدد بعد ذلك بقليل ويتخطى المليون، كانت مفاجأة سعيدة بالتأكيد».
أحلامنا حقيقة
أغنية شقير الثانية التي أطلق عليها اسم «قربنا» يملأها الأمل، ويؤكد شقير «الأمل موجود وهو مستمد من هذا الوقوف الاسطوري للمتظاهرين بوجه آلة القتل الجهنمية، أمل يتجدد في ملامح المنتفضين الذين تخطوا حاجز الخوف فألهمونا بالامل وجعلوا من أحلامنا حقيقة»، مشيرا الى أنه في أغنية «قربنا» استخدم أبرز الهتافات في الثورة السورية، منها «الشعب السوري ما بينذل» إلى «سورية بدها حرية»، حتى أن شقير في أحد مقاطع الأغنية وجه تحية الى رسام الكاريكاتير علي فرزات، الذي كسر شبيحة النظام أصابعه، وإلى مغني مدينة حماة إبراهيم قاشوش الذي اقتلع شبيحة النظام حنجرته «شو عملتو بايدين الرسام وبالأطفال وبحنجرة المغني»، وأضاف «أسعى الى الوصول الى فن يحكي عن ما يشغل روحي وقلبي وعقلي»، مؤكدا «لا قيود على عقولنا بعد الآن، فالحرية أقرب من الجفن الى العين».
وعن مشهد الثورة السورية والعربية بشكل عام، وخروج الشارع للمطالبة بالحرية، قال المغني السوري «توقعاتنا كانت قد بدأت تتراجع في بداية التسعينات بعد الثمانينات العاصفة بالامل، الى ان دخلنا الألفية الثالثة بكثير من اليأس والإحباط، وبعد أن غابت شمس الشعوب عادت لتشرق من جديد، صحيح أنني لم أتخل عن أمل التغيير وبقي حياً في أغنياتي إلا ان هذا الربيع الثوري عاد ليكسو اشجار أحلامنا العارية بأوراقه الخضراء، ليعطينا حياة ولنمضي خفافاً منتشين بفرح نراه يطل كقمر فوق عمر من الانتظار والتضحيات»، واعتبر شقير أن «الجولان بات أقرب، لأننا اليوم لا نسعى للحرية والكرامة فحسب؛ بل أيضا لنستعيد الإرادة».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news