الدخيل رفض الاتهامات التي وجهت إليه بأن هدفه كان مادياً. أرشيفية

جــدل حــول كتـــــب الدخيل « الفارغــــة »

لا يخلو عالم الكتب والثقافة من المفارقات الطريفة، ومن أبرز هذه الطرائف وصول كتاب «فارغ» لمرتبة متقدمة على قائمة الكتب الأفضل مبيعاً ليتفوق حتى على كتب مشهورة عالمياً من بينها الجزء الأخير من رواية «هاري بوتر» ورواية «شيفرة دافنشي»، بعد ان تصدر كتاب البروفيسور شريدان سيموف «في ماذا يفكر الرجل بخلاف الجنس» مبيعات الكتاب في بريطانيا والولايات المتحدة الاميركية، ويباع الكتاب في بريطانياً بـ 4.7 جنيه إسترليني. ولكن يبدو أنه ما قد ينجح في الغرب قد لا يجد النجاح نفسه في الشرق، بل يتحول إلى مصدر للجدل والخلاف والاختلاف كما حدث مع الكاتب السعودي تركي الدخيل الذي كرر تجربة البروفيسور سيموف في كتابه الجديد «كيف تربح المال بأقل مجهود»، والذي أثار جدلاً واسعاً على موقعي «فيس بوك» و«تويتر» بعد ان اختلف القراء والجمهور حوله، جهة مؤيدة للفكرة وتجدها مبتكرة ومعبرة، وجهة ترفض الفكرة وترى انها نوع من الاستخفاف بالقارئ لا يليق بكاتب مثل الدخيل الذي يتمتع بمكانة مميزة لدى جمهور عريض في العالم العربي.

وكان الدخيل قد أصدر أخيراً كتاباً بعنوان «كيف تربح المال بأقل مجهود»، يتألف من 200 صفحة بيضاء تماماً، ما عدا الصفحة الأخيرة التي كتب فيها «أرجو أن تكون الفكرة وصلت بوضوح. يمكن أن يكون الكتاب مناسبا كإهداء وباستطاعتك أن تستخدمه لكتابة مذكراتك أو يومياتك، على أننا لا نشترط أن تكون الملاحظات مندرجة تحت عنوان الكتاب». أما الغلاف الخارجي الخلفي للكتاب فجاء فيه «بعيداً عن استخدام المال في مصارفه الإيجابية او السلبية، فإن هذا شأن آخر لا يتعرض له هذا الكتاب، بل يتعرض إلى الفرص التي يمكن للمرء ان يقتنصها ضمن الشوارد، ليخلف منها مكاسب مادية يمكن ان تحقق له مآربه، وتسهم في تحقيق الطموحات والآمال. هذا الكتاب هو خلاصة لآلاف الصفحات، ومئات الكتب، والعديد من التقارير والتجارب لأباطرة المال والأعمال، الذين حققوا ثرواتهم، وكانت لهم صولات وجولات في عوالم الثروة والمال».

جدل

الشكل العادي للكتاب؛ وهذه الكلمات التي تشير إلى تضمنه خلاصة أفكار وتجارب أباطرة الأعمال، إلى جانب جاذبية عنوان الكتاب، فمن لا يسعى للتعرف إلى أسهل الطرق لربح المال بأقل مجهود، كلها عوامل جذبت القراء لشراء الكتاب الذي يباع بما قيمته 20 ريالاً سعودياً، دون ان يخطر ببال أحدهم أن ما سيشتريه في النهاية صفحات بيضاء خاوية، ما اعتبره البعض نوعاً من الخداع، خصوصاً ان الكتاب يباع مغلفاً بغلاف من البلاستيك الشفاف، ولا يمكن فضه للاطلاع على محتواه قبل شرائه، بحسب ما أوضح غالبية المعلقين على الموقع الالكتروني «تويتر»، متسائلين كيف يمكن لكاتب معروف مثل تركي الدخيل ان يقوم بهذه المغامرة التي قد تفقده جزءاً من ثقة القراء به، ولم يشفع لدى أصحاب هذا الرأي اعلان الدخيل التبرع بجميع عوائد المؤلف ودار النشر لنادي الصم والبكم للفتيات بجدة. بينما رأى البعض ان الفكرة طريفة، وان الصفحات البيضاء الفارغة هي أبلغ رد على الباحثين عن الثروة دون مجهود.

لكن الجدل حول كتاب تركي الدخيل لم يقتصر على تعليقات المشاركين في «تويتر» و«فيس بوك» فقط، بل امتد إلى مقالات كتاب آخرين من بينهم الكاتب السعودي عبده خال الذي كتب مقالا حول الكتاب جاء فيه «حقيقة لم تصلني الفكرة بوضوح كوني أثق بأن الصديق تركي ليس بمحتال حتى يلجأ إلى مثل هذا السلوك، ولو أنه أراد إرسال رسالة اجتماعية بكوننا مجتمعا ساذجا يسهل خداعه بأساليب بسيطة، إلا أن هذه الرسالة سيكون ضررها عميقا على مصداقية الدخيل، فهو إعلامي ويعرف معنى أن تشتعل بك نار المنتقدين، وهو اشتعال ليس له علاقة بالأفكار بل بنزاهتك».

ظاهرة صحية

من جانبه رفض الدخيل اتهامات البعض بسعيه للحصول على ربح مادي من هذه الكتب، مؤكداً ان سوق الكتب في العالم العربي ليست نشاطا مربحا من الناحية المادية، وان هامش الربح في غالبية الاحيان لا يغطي ولو جزءا صغيرا من كلفة الطباعة، معتبراً ان الجدل حول الكتاب ظاهرة صحية، وان من حق كل شخص أن يتقبل الفكرة او يرفضها.

وكشف الكاتب والاعلامي السعودي في تصريحات صحافية أن «كيف تربح المال بأقل مجهود»، ليس الكتاب الوحيد الفارغ الذي صدر له، ولكن هناك ثلاثة كتب أخرى «فارغة» هي «كيف يفكر القذافي» و«دليل الرجل الى فهم المرأة» و«دليل المرأة الى فهم الرجل»، وتم طرح هذه المجموعة اخيراً في معرض الدوحة للكتاب، وخلال المعرض كانت هذه الكتب تُعرض، بحسب ما أشار إليه، بطريقة يعرف منها القارئ ان صفحاتها بيضاء، وكان يتاح له تقليب الكتاب، فإذا ما اقتنع بالفكرة اشتراه، وإن لم يقتنع تركه.

وأوضح الدخيل ان الكتب الأربعة «المغامرة» تطرح تساؤلات ليست لها إجابة، وفقاً لتصوراتنا، وهذا هو ما قصد توضيحه في النهاية، رافضاً الاحكام السريعة التي يصدرها البعض دون فهم واضح ومتأن للأمور.

وفي تعليقه على الهجوم الشرس الذي شنه عليه البعض، قال الدخيل في مقال نشر له أخيراً «يسألني البعض عن الذين يهاجمونني، فأجيب إنني لستُ جديداً على مثل هذا الهجوم، جلدي صار خشناً، لا يؤثر به الشتم أو الكلام، حين يكون لدى الإنسان ما ينجزه وما يهتم به لا يعنيه ما يقوله الخصوم عنه. أشفق فقط على الوقت المبذول للهجوم، وأظن أنه كان يمكن أن يستثمر في أشياء نافعة، كما نرى ذلك لدى الشباب الإيجابيين، الذين يبحثون ويدرسون ويكتبون ويقرأون، وإن نقدوا ينتقدون بأدب وبأسلوب يعبر عن ثقافتهم العالية. أفكارنا ليست حلولاً، وأفكار الآخرين ليست حلولاً، لكن الاجتهاد خير فضيلة».

الأكثر مشاركة