«زهايمر» تنتزع جائزة «سلطان» في «المسرح العربي»

انتزعت المسرحية التونسية «زهايمر» جائزة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، بعد أن صنفتها لجنة تحكيم الدورة الرابعة لمهرجان المسرح العربي، الذي اختتمت عروضه مساء أول من أمس في العاصمة الأردنية عمان، كأفضل عمل مشارك ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان، وبذلك يكون العمل الذي أخرجته مريم بنت سالم هو الذي يفتتح دورة أيام الشارقة المسرحية المقبلة في شهر مارس المقبل، إضافة إلى حصول فرقة العمل على القيمة المادية للجائزة وقدرها 100 ألف درهم إماراتي.

شرف المنافسة

قال رئيس مسرح الشارقة الوطني، الذي أنتج «حرب النعل» أحمد الجسمي، إن الوفد الإماراتي لم يأت إلى عمان من أجل شرف المشاركة، بل شرف المنافسة، والحصول على جائزة لم تكن بعيدة فنياً عن العمل، وفق آراء نقاد ومتابعين، ولسان حال صالة العرض، مؤكداً أن الهدف كان مرتبطاً بالحصول على الجائزة، وإهدائها إلى الدولة، بمناسبة عودة صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى إلى أرضها سالماً معافى.

الجسمي، الذي بارك لأسرة «زهايمر» الفوز بالجائزة، استبعد أن تكون اللجنة المنظمة قد حيّدت أو استبعدت «حرب النعل» من المنافسة، بسبب كون مبادرة إطلاق الجائزة إماراتية بالأساس، فضلاً عن عدم إمكانية معاودة عرضها ضمن مهرجان أيام الشارقة المسرحية، حسب ما هو مطلوب من العمل الفائز، مضيفاً : «لجنة التحكيم على درجة عالية من الاحترافية، ومن المؤكد أنها مارست عملها وفق قواعد واضحة لا تنصرف عن المضـــمون الفني للأعمال المشاركة».

4 ساعات راحة

لم تنته فعاليات الاحتفال الختامي سوى قرب الثانية بعد منتصف الليل، ما يعني أن الوفد الإماراتي الذي عليه التجمع في بهو الفندق عند السابعة صباحاً، من أجل التحرك إلى مطار عمان الدولي، لن يحصل سوى على 4 ساعات راحة، قبل العودة إلى مطار الشارقة، رغم ذلك فإن بعض الفنانين فضلوا استثمار تلك الساعات بلقاءات أخيرة مع زملائهم من وفود أخرى.

جدول المهرجان المزدحم غالباً بمشاهدة ثلاثة أعمال مسرحية يومياً، إضافة إلى الندوات الفكرية، وورشة عمل مصاحبة عن السينوغرافيا، جعل ايام المهرجان الستة مزدحمة بالفعاليات، وهو جر معظم الفنانين المشاركين المرتبطين بدوامات رسمية إلى أحاديث عن معاناة العودة إلى الدوام مباشرة، وهو حديث أيضاً قادهم إلى مطلبهم القديم بتفريغ الفنانين جزئياً، حينما يرتبط الأمر على الأقل بمهام معينة، خصوصاً المشاركة في عمل ما باسم الدولة.

وجاء الفوز التونسي بعد منافسة قوية وفق آراء نقدية مع العرض الإماراتي«حرب النعل»، والأردني «عشيات حلم»، فيما أبدت لجنة التحكيم بعض الملاحظات الفنية التي أشادت في سياقها بعدد من الأعمال، في مقدمتها مسرحية «حرب النعل» التي شاركت باسم الإمارات في المسابقة الرسمية، منوهة خصوصا بقوة حضور بطلها الفنان أحمد الجسمي على المسرح، فضلاً عن خصوصية نص مؤلفها إسماعيل عبدالله، وقدرته على استيعاب طاقة فكرية حمله إياها، إضافة إلى دقة توظيف السينوغرافيا لخدمة العرض من قبل المخرج محمد العامري.

وكشفت الفنانة القديرة سميحة أيوب عن هوية المسرحية الفائزة على نحو يشبه المشهد المسرحي، بعدما تم استدعاؤها لتفتح مظروفاً في حقيبتها بداخله قرار لجنة التحكيم، التي لا تنتمي إليها، لكنها تظاهرت بأنها نسيت ربما موضع الورقة بالتحديد، مبررة ذلك بالربط بين تقدمها في السن وإشكالية النسيان التي تطاردها، لتعلن بعدها أن المسرحية الفائزة هي«زهايمر»، لكن بعد أن استنتج الحضور بأنفسهم القرار، من خلال مقدمتها الطريفة.

ووجدت اللجنة المنظمة للبطولة نفسها في موقف لا تحسد عليه، رغم دلالته الإيجابية على نجاح المهرجان في اجتذاب جمهوره والمهتمين بالمسرح، عندما امتلأت قاعة المركز الثقافي الملكي التي استضافت حفل إعلان الجوائز عن آخرها، ولم تعد تحوي مكاناً لموطئ قدم، واضطر المئات إلى البقاء خارج القاعة، على أمل بأن يصل إليهم نبأ اسم المسرحية الفائزة، لكن الحدث الختامي طال بشكل كبير، بعد أن أصرت اللجنة المنظمة على تكريم جميع المسرحيات الـ14 المشاركة في المهرجان، إضافة إلى تكريم الكثير من الشخصيات التي اعتبرتها قدمت دعماً استثنائياً للمهرجان.

ولم ترصد «الإمارات اليوم» مظاهر تزمر من الوفود المشاركة من قرار لجنة التحكيم، على خلاف الكثير من المنافسات العربية التي يبقى فيها قرار الفوز معلقاُ بآراء لجنة تحكيمية، وجاء القرار متوافقاً مع توقعات عدة، على الرغم من أن آراء مهمة كانت تجعل المنافسة بين أعمال ثلاثة، هي«عشيات حلم» الأردني، و«حرب النعل» الإماراتي، إضافة إلى «زهايمر» التونسي، على مسافة متقاربة من الجائزة، وهو المسلك الذي يعني أن الربيع العربي ربما هب بنسماته أيضاً ليمحو بعض السلبيات المتعلقة بحساسية المنافسات العربية.

احتفالية طربية كانت تنتظر الوفود لدى وصولهم فندق «رويال» الذي يقيمون فيه، جاء بمثابة جلسة ختامية مطولة ودع فيها المشاركون في المهرجان بعضهم بعضاً، متسامرين على أنغام بانوراما من الأعمال الطربية العربية والأردنية، في الوقت الذي حظي فيه الوفد الليبي بدعم معنوي خاص من سائر الوفود، سواء في هذا الاحتفال الختامي، أو لدى تسلم مخرج العرض الليبي «خراريف»، شهادة تقدير، أسوة بسائر الوفود المشاركة.

وأشادت لجنة التحكيم بالعرض المغربي «الهواوي قايد النسا»، مشيرة إلى أنه جاء بمثابة عمل جماعي متماسك، توافقت فيه الحركة مع الأداء، وجاء ثرياً بالإسقاطات على الواقع السياسي، فيما رأت أن بعض أهم جماليات العمل الفائز «زهايمر»، هو بساطة السينوغرافيا التي جاءت دقيقة ومختزلة وفق دلالات لا تخرج عن صميم العمل.

وأثنت اللجنة على انسجام العرض الأردني «عشيات حلم» سواء في الأداء النثري أو الشعري للممثلين، ورأت أن أفضل اللوحات في المسرحية القطرية «مجاريح»، تتعلق بـالتراث الموسيقي والغنائي والرقصات الفلكلورية التي جاء غنياً بها، وفي ما يتعلق بالعرض السوداني «احتراق»، رأت أن بطلة العمل هدى مأمون قد تفوقت على ذاتها في أداء تمثيلي استثنائي احترافي، مشيدة ايضاً بفكرة ابتكار صندوق يظل بمثابة حاو للأحداث على اتساعها.

ودعا الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، في كلمته، بمناسبة اختتام الدورة الرابعة للمهرجان، الجمهور، والمسرحيين، وجميع المهتمين بالمسرح، إلى أن يظلوا أكثر التصاقاً به، ملحاً على عبارة رددها أكثر من مرة في ثنايا كلمته: «لا تذهبوا بعيداً عن المسرح»، فيما تم تكريم مدير دائرة الثقافة والفنون عبدالله العويس، وإسماعيل عبدالله، في الحدث الختامي، الذي أسدل ستاره، على وعد من قبل اللجنة الدائمة للهيئة العربية للمسرح، التي تتولى تنظيم المهرجان سنوياً، بدورة خامسة تتطلع إلى مزيد من النجاحات لفن الخشبة ومبدعيه وجمهوره.

الأكثر مشاركة