أكد أن المسرح يواجه موتاً حتمياً إذ لم يتغير
هشام شكيب: المخرج ليس ديكتاتوراً
«المخرج ليس ديكتاتورا» هذه العبارة التي ركز عليها المخرج المسرحي الفرنسي من أصل مغربي هشام شكيب، إذ إن المخرج، بحسب شكيب، يسمح للممثلين بإعطاء مقترحاتهم وآرائهم وتبادل الأفكار معه لتحقيق الرؤية الاخراجية المناسبة للعمل المسرحي، إلا أن الرأي الأول والأخير هو للمخرج نفسه، كونه يتحمل المسؤولية الفنية، خصوصاً أن العمل الناجح ينسب إلى الممثل، والفشل في المسرحية غالبا ما يلصق بمخرجها.
وقال شكيب لـ«الإمارات اليوم» إن «نجاح العمل المسرحي مرتبط بمخرجه في المقام الأول، كونه يؤدي دوراً صعباً لأنه يتعامل مع الممثل والنص المكتوب ومحاولة تجسيده من الناحية الفنية، وهنا يجب على الممثل أن يعطي كل جهده من خلال تقمص الشخصية وتأدية الدور المطلوب بكل صدقية مع تجسيد المعيش الخيالي والواقعي للممثل واستدرار المخزون المشاعري، الأمر الذي يحفز الناحية الإبداعية لدى المخرج».
ولفت إلى أن «الاخراج احساس وتجاوب مع النص المكتوب، وفق رؤية يصل إليها مخرج العمل، بالتعاون والاستماع إلى المشاركين فيه، إذ إن هناك نصوصاً تكون قوية من الناحية الكتابية ومكتملة العناصر إلا أنها تفشل، ويكون وراء ذلك الفشل مخرج ضعيف لم يستطع الابداع والتفاعل مع ذلك النص، كما أن المخرج الجيد يمكنه بث الروح في النص الضعيف والخروج به إلى مستوى فني عال جداً».
نص إماراتي برؤية إخراجية جديدة يتمنى المخرج الفرنسي من أصل مغربي هشام شكيب، أن يشتغل على نص مسرحي إماراتي مع ممثلين إماراتيين ومغاربة، على أن يكون العرض باللغة العربية الفصحى بدلاً من العامية، وسيقوم بإظهار وتمثيل ذلك النص بشكل مختلف تماماً عما هو سائد، فقد اخرج شكيب نحو 50 عرضاً مسرحياً، وبصدد التحضير لتقديم جولة في المسرح تتضمن الجزائر وفرنسا. يذكر أن شكيب حاصل على شهادة دراسات عليا في فنون المسرح في اختصاص الإخراج من جامعة الفنون في تولوز بفرنسا. وقد شارك في العديد من الورش الخاصة بإدارة قاعات العروض وتوزيع الإنتاج بالمركز الدرامي الوطني بتولوز، إضافة إلى مشاركته فيالعديد من الورش الخاصة بتنظيم الإنتاج المسرحي، كما اخرج العديد من العروض المسرحية، منها نهاية اللعبة لصاموئيل بيكيت، و«الخادمات» لجان جينيه، و«الخادم الأخرس» لهارولد بنتر، إضافة إلى «أكلة لحوم البشر» لممدوح عدوان. |
المسرح والتغيير
حول مسألة التغيير في المسرح، خصوصاً مع «الربيع العربي» والثورات في دول عربية وما تشمله من تظاهرات واحتجاجات واعتصامات، أكد شكيب أن «المسرح سيواكب الاحداث التي تدور في واقعه، إذ إن الانفصال عن الواقع والتغريد خارج السرب من شأنه أن يميت المسرح، خصوصاً أن الاخير بإمكانه أن يقوم بدور كبير في تحريك الواقع عجز عنه الفعل السياسي، لاسيما أن المسرح حالة من حال المجتمع الذي يواكب التغيير، لذلك يجب على المسرح أن يلعب دوراً رئيساً في هذا الواقع».
وشدد على ضرورة ألا يستخدم المسرح أداة للخطابات السياسية، لافتا إلى أن «التغيير سيجتاح المسرح من جميع عناصره الفنية سواء النصوص المكتوبة أو الممثلين أو حتى الاخراج، الذي أتوقع أن يكون أكثر تطوراً ومعاصرة، كما أن الرؤية الاخراجية ستتغير، وفي المجمل سيكون المسرح أكثر جرأة في الطرح الفني مع الاعتماد وتوظيف التكنولوجيا والتقنيات الحديثة في الاعمال المسرحية».
«كفانا بكاءً، إذ يجب أن نعيش الحاضر وننظر بتفاؤل إلى المستقبل»، هذا ما طلبه شكيب من العاملين في المسرح، خصوصاً كتاب النصوص المسرحية. وقال إن «النصوص الجيدة قليلة، ونحن المخرجين نفتقد تلك النصوص المكتوبة بطريقة راقية، ومن شأنها استفزاز المخرج وتحريك وتحفيز ابداعاته الفنية الاخراجية».
ورشة إخراجية
يشرف المخرج هشام شكيب على ورشة الإخراج المسرحي، تحت عنوان «نص واحد بثلاثة مناهج اخراجية»، ضمن برامج إدارة المسرح التابعة لدائرة الثقافة والاعلام في الشارقة، ويشارك في الورشة 30 متدرباً تعرفوا إلى اساسيات الاخراج معتمدين على نص مسرحي واحد هو «أكلة لحوم البشر»، للشاعر السوري الراحل ممدوح عدوان، والعمل على اخراجه ضمن ثلاث مدارس اخراجية هي الاسلوب الواقعي، وطريقة ستانسلافسكي في الاخراج، و« الاسلوب الملحمي» أو طريقة برتولد بريخت، إضافة إلى «الاسلوب العبثي»، كما في تجارب صموئيل بكيت ويوجين يونسكو وهارولد بنتر .
واعتمد شكيب على جدول عمل للورشة التي تستمر لمدة 10 أيام، إذ قام بتقسيم المتدربين إلى اربع مجموعات، وحُدد لكل مجموعة مخرج مساعد، إذ لا يمكن أن يكون جميع المتدربين مخرجين في وقت واحد، فيما بقية المتدربين لعبوا أدواراً وجسدوا النص المقترح. وتناول شكيب دراسة كيفية بناء الدور المسرحي، وعرّف المتدربين إلى كيفية تشغيل الفضاء والزمن المسرحي، وخلق هندسة واضحة، وتدريب الممثل على مسألة البخل في الحركة، إذ لا توجد حركة على خشبة المسرح من دون سبب مبرر لها.
صعوبات
حول الصعوبات التي واجهها شكيب أثناء اشرافه على الورشة الإخراجية، قال إن «الحركة غير المبررة على خشبة المسرح كانت موجودة بكثرة عند المتدربين، إذ لم يقتصدوا في الحركة بما يتناسب مع العمل. كما أن هناك رؤى اخراجية قديمة مخزونة في عقولهم يجب كسرها، إذ يمكن للممثل الوقوف في اي مكان على خشبة المسرح ولكن بمبرر، فضلاً عن امكانية عدم مواجهة الممثل للجمهور، وضرورة التخلي عن فكرة النقطة الزرقاء وهي التي تمنع تلاقي عين الممثل مع أعين الجماهير، إنما النظر إلى الامام بطريقة يتفادى من خلالها ذلك التلاقي».
ويعتزم شكيب تقديم عرض مسرحي لنص «أكلة لحوم البشر» من أداء المجموعة المشاركة في الورشة، وذلك يوم السبت المقبل في معهد الشارقة للفنون المسرحية، على ألا تزيد مدة العرض على 25 دقيقة.
وتطرق شكيب خلال الورشة إلى الإنارة وكيفية توظيفها في الإخراج، مع ضرورة التخلي عن الأنماط التقليدية القديمة في استخدام الاضاءة، التي تعتمد على التمثيل اللوني للإضاءة لوصف الحالة، فمثلاً كان سائداً أن الاضاءة الحمراء تدل على العنف، والزرقاء على الحلم، وبخصوص ذلك قال شكيب إن «العمل المسرحي لا يبيع مكياجاً أو يعرضه على المسرح، وهذه كلها انماط قديمة، كما هي الحال في مسألة الديكورات التي لا يمكن وضعها على خشبة المسرح دون توظيف أو حاجة لها، كوننا لن نعرضها للبيع أثناء العرض».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news