مبارك العقيلي.. وعي تجاوز زمنه
كشف المدير التنفيذي لشؤون الثقافة والفنون في وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، بلال البدور، أن الشاعر مبارك بن محمد العقيلي، هو أول من كتب نصا قصصيا، حيث كتب العقيلي نصاً في عام 1936 تقريباً، انقسم إلى قسمين الاول يحكي مشاهدته لشخص معمم وآخر فقير، متخيلا الحوار الذي دار بينهما، والثاني يدور حول رحلة على متن سفينة، وما تضمنته من مواقف وحوارات بين المؤلف والمسافرين. مشيرا إلى أن المعلومات المتعقلة بهذا الموضوع لم يتم نشرها حتى الآن. كما أعلن عن قرب افتتاح بيت «العقيلي» في منطقة الراس في ديرة، ليكون مزارا سياحيا وثقافيا.
وأوضح البدور أن الشاعر العقيلي كان واسع الاطلاع، ولديه دراية بالعلوم المختلفة، مثل المنطق والرياضيات، ووظف تلك العلوم في قصائده، وكان على اطلاع دائم على الصحف والمجلات التي كانت تأتي إلى المنطقة العربية في ذاك الوقت. كما كان مجلسه محط رحالة طلبة العلم والشعراء والأدباء، وكان محاورا جيدا لأهل الملل والنحل.
الكتاب ديوان العقيلي «غاية المرام لأهل الغرام» لمبارك بن محمد العقيلي (1882-1954)، الذي جمعه وحققه الباحث بلال البدور، يضم 30 نصاً، وراجعه الدكتور حسام سعيد النعيمي. ويقع الكتاب الصادر عن منشورات وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع - الإمارات العربية، في 244 صفحة من القطع المتوسط. وقد صدرت للبدور كتب عدة، منها «كفاية الغريم عن المدامة والنديم» (ديوان مبارك العقيلي) ،1995 و«الهزار الشادي»، حمد بن خليفة أبوشهاب ، الملامح الفنية والشخصية في شعره (دراسة) عن المجمع الثقافي بأبوظبي .2003 وحصل البدور على جائزة مهرجان جواثي الثقافي بالاحساء بالمملكة العربية السعودية عام ،2010 وعلى جائزة الشخصية الثقافية لعام 2005 بمعرض الشارقة الدولي للكتاب، كما شغل مناصب عدة، منها نائب رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم، ورئيس جمعية حماية اللغة العربية.
|
وأشار البدور في المحاضرة التي نظمها اتحاد كتاب وادباء الإمارات، أول من أمس، بمناسبة صدور كتابه الجديد «ديوان العقيلي غاية المرام لأهل الغرام» «ديوان مبارك العقيلي»، إلى أن العقيلي كان يكتب الشعر التقليدي، وهو الاسلوب الذي قد يكون تجاوزه بعض الشعراء في الدول المجاورة، لكن كانت الأفكار التي تتضمنها أبيات العقيلي تفوق الوعي السائد في المنطقة في تلك الفترة.
وأرجع البدور التفاوت في مستوى التجارب الشعرية لدى شعراء المنطقة في الفترة التي عاش فيها العقيلي «1882-1954»، إلى عدم وجود نقد أدبي او وسائل تواصل بين الشعراء، ما جعل من التجربة الشعرية لدى كثير منهم لا تتساوى مع اقرانهم في العالم العربي. وقال البدور «أعتقد أن المطلع على شعر العقيلي يلمس أنه كان يمتلك رؤية ومكانة تفوق مجتمعه، إلى جانب تفاعله مع مختلف القضايا الكبرى في المنطقة، مثل قضية فلسطين التي كتب عنها قصائد عدة، كما كتب قصيدة في وعد بلفور، داعيا فيها لنجدة الوطن الذي يعاني الاسى والتمزق». وأضاف أن من يرى قصائد العقيلي يستشعر انه يعيش بيننا حاليا، حيث تستحث قصائده الهمم للقيام والعمل، وترفض الهرولة نحو الثقافة الغربية على حساب ثقافتنا الاصيلة ولغتنا العربية، كما في قصيدته «فلسطين تستغيث» التي يقول فيها:
يا آل عدنان هبوا من سباتكم
دمي يطل ويأوي البوم أوكاري
وذكر البدور ان الشاعر مبارك العقيلي كتب نصا بعنوان «خطاب إلى عصبة الأمم المتحدة» في عام ،1938 يمكن ان يعد أول مسرحية شعرية في المنطقة. معتبرا انه عند ترتيب الشعراء في المنطقة قد يأتي العقيلي في المقدمة، يليه سالم بن علي العويس لما لهما من أسبقية في الزمن والكم.
وفي استعراضه لجوانب من حياة العقيلي؛ أوضح البدور ان الشاعر ينتمي إلى قبيلة بني خالد، وقد انتقل والده من نجد إلى الاحساء، حيث تزوج وانجب مبارك، ثم غادر الوالد حتى وصل في ترحاله إلى سلطنة عمان، وهناك توفي. بينما كان رفض سيطرة النفوذ التركي على الاحساء سببا في ارتحال الشاعر مبارك العقيلي، بعد ان تعرض للحبس بسبب مناوأته للأتراك. وفي ترحاله، توقف العقيلي في سلطنة عمان، حيث وجد هناك الحظوة لدى الإمام فيصل بن تركي، سلطان عمان آنذاك، ثم انتقل إلى الإمارات خلال حكم الشيخ مكتوم بن حشر، كما عاش في دبي خلال عهد الشيخ بطي بن سهيل من 1906-.1912 وكان لشيوخ دبي مكانة كبيرة لدى الشاعر وفي قصائده، وقد عاش لفترة طويلة في الإمارات وتوفي ودفن فيها. موضحا ان العقيلي كتب قصائد المديح «لكنها كانت تفوح برائحة العشق، ولا تجد فيها رائحة الطبقية، فلم يكن يضع نفسه في مكانة أدنى من مكانة الممدوح». واشار إلى انه عقب وفاة الأمام تركي والشيخ حشر بن مكتوم والشيخ بطي بن سهيل، زهد مبارك العقيلي في الدنيا، واعتزل الناس، ولم يعد يهتم بمظهره.