«شكسبير ليس حلمنا» ربيع عربي على مسرح الشارقة

الممثل يريد إسقاط المخـــرج

صورة

في ربيع عربي مقتبس من مشاهد شوارع عواصم وميادين مدن عربية، شهدت أخيراً، أحداثاً غير مسبوقة في عالمنا العربي، عبر ثورات واحتجاجات وتظاهرات واعتصامات أطاحت بزعماء عرب، تجاهلوا أصوات التغيير التي نادت بها شعوب مضطهدة لسنوات، إذ تمكنت فرقة المسرح العربي في الشارقة من الإطاحة بأحد نصوص أعمال شكسبير، التي اعتادوا وسئموا أداءها وتجسيدها في جولاتهم المسرحية، فانقلبوا على مخرج العمل وطالبوا بالتغيير.

فرصة للعمل المسرحي

أوضح مدير إدارة المسرح في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، أحمد بورحيمة، أن «فرقة المسرح العربي في الشارقة جاءت بهدف اكتشاف المواهب العربية، التي لم تجد فرصتها مع الفرق الأهلية، إذ يتم احتواء الممثلين والمنتسبين للفرقة وصقل مواهبهم، وإشراك أعمالهم المسرحية كضيوف في المهرجانات، منها مهرجان الإمارات لمسرح الطفل في دورته السابعة، التي استضافت مسرحية (مارو)، والتي لاقت إعجاب الأطفال والكبار الذين رجحوا فوزها لو دخلت ضمن العروض المشاركة والمنافسة على جوائز المهرجان». ولفت إلى أن «إدارة المسرح تقدم ورشاً ودورات في تخصصات متنوعة، بهدف تحسين أداء الممثلين وتطوير مستويات الإخراج وتأليف النصوص، منها ورشة قراءة الطاولة وتقاليد ومعارف التطبيق على النص المسرحي، وتقنيات التأليف المسرحي، وأساسيات النقد المسرحي، وورشة المنهج السيميولوجي، وقراءة العرض المسرحي، وورشة التأليف والارتجال وإدارة المسرح، إضافة إلى تنظيم ملتقى الشارقة للمسرح العربي، والمعسكر المسرحي الأول، وملتقى الشارقة لكتاب المسرح العربي الشباب».

«شكسبير ليس حلمنا» هو عنوان المسرحية التي تؤدي مشاهدها وبروفاتها الأولية فرقة المسرح العربي، بقيادة المخرج الرشيد أحمد عيسى، وتعكس المسرحية صورة من مشاهد الربيع العربي، ومحاولات الإطاحة بالأنظمة الدكتاتورية التي لا تبالي كثيراً بشعوبها في سياق مسرحي مثير. وتدور أحداث المسرحية حول فرقة تتدرب على أحد أعمال ونصوص شكسبير، لعرضها بصورة متواصلة، رغم أن الفرقة لا يروق لها تكرار أعمال شكسبير التي يؤدونها في كل موسم، لذلك قرر المشاركون في المسرحية إعلان الثورة على مخرج المسرحية ورفعوا شعار «شكسبير ليس حلمنا».

وقال المخرج المسرحي الرشيد أحمد عيسى، لـ«الإمارات اليوم» إن «الواقع العربي والثورات لم تحدثا تغييراً في السياسية فقط، إنما تأثيرها امتد وأثر في جميع المجالات الاجتماعية، بما فيها المسرح، الذي يجب أن يواكب التغيير ويستوعبه، من خلال الذهاب إلى الجمهور وتسليط الضوء على اهتمامات المجتمع ومشكلاته، والظروف التي يمر بها الشارع العربي». وأضاف عيسى «لابد من الاهتمام بمسرح المقهورين ومسرح النكتة السياسية، على اعتبار أن المسرح الفقير جوهره الأساسي الممثل، الذي تربطه علاقة إنسانية بالمتفرج، إذ لابد من المسرح أن يتغير، من خلال إشراك المتفرج ليكون فاعلاً في العمل المسرحي وليس متأثراً فقط، لذلك يجب التركيز على الفكرة الشعبية المستوحاة من المجتمع والممثل، كونه يأتي أولاً ودائماً وأخيراً».

مشاهد ثورية

أوضح عيسى أن «مسرحية (شكسبير ليس حلمنا)، هي عمل مسرحي ينتمي إلى مسرح المقهورين، تجسدت فكرته من حلم فرقة مسرحية تسعى للظهور في العالم الفني وإثبات وجودها وتأثيرها في المتفرجين، تقدم تلك الفرقة، وعلى مدى 20 عاماً، عرضاً واحداً لأحد أعمال شكسبير، التي فضل من خلالها المخرج عدم المغامرة والأمان لضمان استمرارية وشعبية الفرقة، خصوصاً أن أعمال شكسبير تبقى خالدة».

وتابع أن «مخرج العمل المسرحي لم يعر اهتماماً لما تعانيه الفرقة من ضجر وضيق، جراء تكرار الأدوار التي يؤدونها على مدى السنوات، خصوصاً أن الأخير كان يعامل الفرقة بشيء من القسوة والقمع، وإن صح التعبير، بدكتاتورية طاغية، أثرت كثيراً في أداء الممثلين، الذين قرروا يوماً الامتناع عن مواصلة أداء المسرحية، في مشهد لا يخلو من الانتفاضة والتصدي لقمع المخرج».

واقتبس عيسى أحداث المسرحية من الشارع العربي وميادين التحرير التي انتفضت فيها الشعوب على زعمائها، بعد حكم امتد لسنوات، لم يلتفتوا خلالها إلى تلبية احتياجات شعوبهم، أو تحسين مستويات معيشتهم، أو قاموا بإصلاحات من شأنها إخماد تلك الثورات، بل على العكس بادلوا طلباتهم المشروعة بالقتل والاعتداء والنكران التام.

وأكد عيسى أن «المسرح جزء من المجتمع لا ينفصل عنه، وإن كان لسنوات ماضية، غائباً عما يدور في الشارع، لاسيما أن المسرحيين بالوطن العربي لم يقدموا شيئاً، إذ إننا نتحدث وننظر أكثر مما نفعل، خصوصاً أن الواقع العربي يحتاج أن يغير نظرية العرض المسرحي، التي لاتزال مسجونة في المسرح (الأرسطي)، على اعتبار أن المسرح الحالي لا يستوعب هذا التغيير الواقعـي الذي يجتاح العالم، والذي لا مفر منه أصلاً».

تفجير مواهب

قال عضو فرقة المسرح العربي في الشارقة، الفنان رامي مجدي، إن «الفرقة تأسست لتوظيف الطاقات العربية الشابة، وتفجير المواهب الفنية، فمن خلال الدعم الذي تلقاه الفرقة من دائرة الثقافة والإعلام نسعى إلى تقديم مستوى جيد للعروض والأداء المسرحي، والارتقاء بالفن المسرحي في الإمارات».

ولفت إلى أن «فريق المسرح العربي يستعد حاليا لتقديم مسرحيتين مكتوبتين بأسلوب جيد ومتطور يتناسب مع التغيير الذي ينادي به المسرحيون، من حيث فكرة العمل وطريقة الإخراج، إلا أن التركيز في الوقت الحالي سيكون منصباً على مسرحية (شكسبير ليس حلمنا)، التي اقتبست أحداثها من ثورات الربيع العربي».

وأكد مجدي أن «الفن، وتحديداً المسرح، (لا يأكّل عيش)، في ظل غياب التحفيز، وانعدام الأجور، والاعتماد على الرغبة الذاتية في المواصلة لدى الممثل نفسه، وعدم أشهار الفرقة، وغيابها عن المشاركات في المهرجات التي قد تخفف من الصعوبات التي تواجه الممثل وفريق العمل».

تويتر