الشاعر راشد الرميثي. من المصدر

الرميثي يحوّل « العملات » شعراً

على غير المتوقع؛ فاجأ الشاعر الإماراتي راشد أحمد الرميثي، جمهور «شاعر المليون»، أول من امس، بقصيدة اقتصادية، بعنوان «حرب العملات»، تحدث فيها عن الاقتصادين المحلي والعالمي، وعن العملات وجشع التجار، وعن حروب الأسعار والمنافسة؛ في سياق يدل على جو السخرية والاستنكار، وهو ما عكس تأثر الشاعر بمجال عمله (الشؤون الاقتصادية).

ووصف عضو لجنة تحكيم المسابقة حمد السعيد، النص بأنه «جميل جداً، وقد تناول الشاعر في القصيدة قضيتين هما: قيام طرف بنشر الأمراض، ثم طرحه الأدوية والتجارة في البشر»، ورأى سلطان العميمي أن «من الجميل اختيار موضوع كهذا، وإن كان جامداً بطبيعته، لأن الشاعر كتب عنه بوعي، وخفف من خلال أسلوبه من حدة الاقتصاد، وذلك بربطه ببعض الأحداث المحلية والعالمية، الأمر الذي جمّل القصيدة التي لم يخلُ موضوعها من الشعر».

تخميس

فقرة التخميس، تم اختيارها من قصيدة للشاعر الكويتي عبدالله الفرج، الذي سطر قصائد مهمة في منطقة الخليج العربي، إذ طلب حمد السعيد من الشعراء الستة التخميس على البيتين:

رعى الله إلهي زمان السرور وعصر الصّبا يوم عيشي رغيد

قضيت الهوى يوم أنا بالهوى عزيز ومثرٍ ورأي سديد

أثناء المدة الزمنية التي منحت للشعراء من أجل إتمام التخميس تم عرض تقرير مصور عن زيارة نجوم الحلقة إلى جزيرة السعديات، للتعرف إلى ما فيها من مرافق ثقافية، ومع انتهاء التقرير، وانتهاء الشعراء من التخميس أبدت لجنة التحكيم وجهة نظرها، إذ قالت إنهم أجادوا كلهم وتألقوا، كما أتقنوا في الوزن، حيث التقطوا الوزن بحذافيره، وجاءت معانيهم في محلها، والصور جميلة. وفي ختام الحلقة؛ أعلن أن الحلقة المقبلة وهي الأخيرة من المرحلة الثانية، ستجمع بين ستة شعراء آخرين، هم: أصيلة سعيد المعمري من عُمان، ومن الكويت حمود بن قمره المري، وماجد لفى الديحاني، ومن السعودية علي بن نايف الغامدي ومنصور فهيد العتيبي، وغازي العتيبي. يذكر أن مسابقة وبرنامج «شاعر المليون» تنتجه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، ويهدف إلى إعادة إحياء الاهتمام بالشعر النبطي وصون التراث، واجتذاب شريحة واسعة من متذوقي الشعر، خصوصاً فئة الشباب.

وشهدت الحلقة التي نقلت على الهواء مباشرة من مسرح شاطئ الراحة عبر فضائيتي «شاعر المليون»، و«أبوظبي»، تأهل الشاعر الكويتي بدر المحيني العنزي، بعد حصوله على بطاقة لجنة التحكيم، بينما تأهل السعوديان مشعل الدهيّم وصقار العوني، من شعراء الحلقة الماضية، بعد حصولهما على أعلى نسبة من تصويت الجمهور، بحسب ما أعلن مقدما البرنامج حسين العامري وحصة الفلاسي.

التطرق إلى موضوعات مغايرة عن تلك التي سيطرت على مسرح شاطئ الراحة في الحلقات الماضية، لم يقتصر على الرميثي فقط، إذ مال أكثر الشعراء المشاركين في الحلقة وهم: الكويتيون بدر المحيني العنزي، وخالد الهبيدة، وفالح بن علوان العجمي، والإماراتي راشد أحمد الرميثي، والسعودي سيف مهنّا السهلي، والعُماني فيصل الفارسي الجنيبي، إلى الخروج من أجواء السياسة و«الربيع العربي» التي كان لها حضور كبير في الحلقات السابقة، ولعل هذا ما دفع عضو لجنة التحكيم سلطان العميمي، لوصف الحلقة بالتنافسية والنارية من بدايتها.

الشاعر بدر المحيني العنزي قدم قصيدة غزلية، ناجى فيها محبوبته الفرعونية، أثناء الوداع في المطار، رأي العميمي أن القصيدة لا تعطي المستمع فرصة لالتقاط أنفاسه، إذ إن الترقب حاضر من بيت جميل إلى آخر أجمل. وعلق د. غسان الحسن قائلا: «القصيدة لن تحتمل ما سأعدد فيها من جمال»، وقال حمد السعيد: «أنت مدهش ومجنون شعر، والقصيدة جميلة جداً، وفيها أبيات كثيرة رائعة».

الغزل أيضاً كان اختيار الشاعر سيف مهنّا السهلي؛ فقدم قصيدة رأى فيها د. غسان الحسن جمالاً شعرياً متفوقاً جداً. واعتبرها على المستوى الشعري من أعجب قصائد الغزل، فأبياتها تنتمي إلى الخيال المركب، أي أنها رُكبت كلمة على كلمة، وكل كلمة تذهب إلى صورة، لأن لكل مفردة مدلولها المعجمي، ثم إن الصورة مكونة من جزئيات كثيرة، فكل كلمة تحتاج إلى تحليل وتفسير لما تخفي خلفها من خيال وجمال، ومن خلال تركيب صور عدة تكونت صورة لا يستطيع الإنسان الإحاطة بكل تفاصيلها، إنما بالجو العام المفعم بالشعرية.

بينما أثار الشاعر العماني فيصل الفارسي الجنيبي، إعجاب الجمهور بحس الفكاهة الذي يملكه، من خلال قصيدة بعنوان «الدفتر الأحمر»، ذهب فيها إلى المدرسة العمانية التغريبية، بحسب ما ذكر الحسن، لافتاً إلى ما فيها من ترميز كلي، «الرمز فيها يتسلل ويتسلسل بشكل موضوعي، كما تحمل رموزاً صغيرة وجزيئية، وكثيراً من الكنايات والصور الجميلة، وهو ما تتصف به المدرسة العمانية التغريبية».

السعيد أشار إلى تغيير الشاعر أسلوبه في تلك القصيدة الجميلة التي تحمل مجموعة أبيات لافتة. فيما قال سلطان العميمي: إن «الصور الشعرية والجو العام لموضوع القصيدة الغزلي أضفيا عليها عذوبة، وأظهراتماسكاً في النص، وبيّنا الجنيبي شاعراً مميزاً».

الشاعر خالد الهبيدة ألقى قصيدة بعنوان «حلم الحياة»، وهي من قصائد الحكمة، قال عنها العميمي: «إنها قصيدة جميلة من أول بيت إلى آخر بيت، ومستوى الشاعرية فيها واضح، إلى جانب الخبرة، الأمر الذي جعلها مميزة، على الرغم من أن موضوعها كان عادياً، فهي قصيدة لافتة للنظر، ومن نوع السهل الممتنع، فلا هي مغرقة في الخيال والغموض، ولا هي مباشرة، أما التصوير الشعري فجميل». ووصف السعيد الهبيدة بأنه وزير الشعر، لأنه قدم نصاً فيه تسلسلاً وترابطاً في الفكرة، بدءاً من المطلع وصولاً إلى ختامه الذي اعتبره السعيد بما فيه من ترابط جميل حرفة شاعر، وحبكة معلم، على الرغم من موضوع النص المستهلك الذي حمل استعارات عدة.

وقدم الشاعر فالح بن علوان العجمي، قصيدة مال فيها إلى استعراض قدراته التعبيرية والتصويرية والمعجمية. رأى العميمي أنها مكتوبة بخبرةٍ أكثر من أن تعتبر تجربة شخصية، إذ اعتمدت على لعبة اللغة، وعلى صياغات شعرية أكثر من اعتمادها على الفكرة، سخرها الشاعر لبث الأمل وزرع الثقة لدى الناس، أما على المستوى الفني فهي متقنة الصياغة والبناء، ومعظم أبياتها حفل بصور شعرية مميزة وجميلة. وأوضح الحسن أن القصائد التي تذهب نحو الحكمة تكون عادة مفككة ومباشرة، لأنها مجموعة خلاصات حياتية، وبالتالي لا رابط بينها، غير أن هذا ليس عيباً، أما قصيدة بن علوان فليس فيها تفكك، لأنه ذهب فيها إلى استجلاب خلاصات تجارب أخرى في الطيب والنجاح والأمل، وإلى التصوير الشعري وكأنها قصيدة ليس غرضها الحكمة، ثم إنه اشتغل على محورين، المباشرة والتصوير، ما يثبت أن الشاعر صاحب تجربة في تطويع الموضوعات لشاعريته.

الأكثر مشاركة