أصيلة المعمري تتحــدى «حامل البيرق»
بعد أسبوع من القلق؛ عاد الشاعر الإماراتي راشد الرميثي، إلى المنافسة مرة أخرى بعد أن تأهل إلى المرحلة الثالثة من مسابقة «شاعر المليون»، بعد حصوله على أعلى نسبة من تصويت الجمهور مع الشاعر السعودي سيف مهنا السهلي بين شعراء الحلقة الماضية من برنامج «شاعر المليون». بينما شهدت حلقة البرنامج التي أذيعت، مساء أول من أمس، على الهواء مباشرة من مسرح شاطئ الراحة، تأهل الشاعر الكويتي ماجد لفى الديحاني.
وشهدت حلقة البرنامج التي تعد الأخيرة في المرحلة الثانية تحدياً غير مسبوق في البرنامج، أعلنته الشاعر العمانية أصيلة المعمري، وهي الصوت النسائي الوحيد في المسابقة حالياً، إذ استهلت ظهورها على المسرح بأبيات أعلنت فيها تحديها لحامل بيرق «شاعر المليون» في دورتها الأولى الشاعر القطري محمد بن فطيس المري، مؤكدة جدارتها بحمل البيرق والحفاظ عليه، وهي المرة الأولى في المسابقة والبرنامج التي تعلن فيها شاعرة مثل هذا التحدي. في حين دعا عضو لجنة تحكيم المسابقة د. غسان الحسن، بن فطيس للرد على هذا التحدي.
آليات الـ 12 في ختام الحلقة اوضح سلطان العميمي آليات المرحلة المقبلة الـ،12 لافتاً إلى انه المطلوب من شعراء المرحلة الثالثة تقديم قصيدة رئيسة حرة الوزن والقافية، على أن تراوح أبياتها بين 10 و،15 كما سيطلب من الشعراء مجاراة قصائد نبطية يختارونها بذواتهم، ومجاراتها وزناً وقافية وموضوعاً، على أن تُسلّم إلى اللجنة قبل بدء الحلقة، مع توضيح الشعراء سبب اختيار قصائد بعينها، إذ ارتأت اللجنة أنه بعد التخميس لابد من النظر إلى الإبداع الشعري الحقيقي لدى الشعراء، وإلى قدرتهم على المجاراة. |
طابع إنساني
في مشاركتها؛ قدمت أصيلة المعمري قصيدة ذات طابع إنساني، تحدثت فيها عن ذوي الإعاقة على لسان شقيقها الأكبر الذي يرى الأشياء تتحرك من حوله. وفي تعليقه؛ رأى عضو لجنة التحكيم سلطان العميمي، أن القصيدة إنسانية، ومكتوبة بحس عال، معتبراً أن موضوع القصيدة التقاطة شعرية مهمة وظفتها الشاعرة بنجاح في نص فيه مفردات تدل على الحركة الناتجة عن الجماد أو عما هو حي، إضافة إلى ما فيه من مفردات دالة على المكان، وفي النص صور شعرية مزدحمة.
أما حمد السعيد فأبدى إعجابه بموضوع النص الإنساني، وطريقة تناول الشاعرة له من خلال نبرة الحزن التي تجسد فيها روح شقيقها من وجهة نظرها. مشيراً إلى أن النص رسالة موجهة لكل المعاقين، خصوصاً في جزئه الأخير الذي لابد أنه يرفع من معنوياتهم.
وفي السياق الإنساني نفسه؛ قدم الشاعر السعودي علي بن نايف الغامدي، مرثية في والده الذي رحل قبل أيام. علق عليها الحسن بقوله: «هكذا يكون حزن الرجال، إذ لم تتراخ عزيمة الابن، إنما ظل شامخاً ومعتزاً بوالده، فذهب يبحث عما كرسه الوالد من أخلاق وقيم».
بينما لفت سلطان العميمي إلى أن القصيدة، بدءاً من مطلعها، فيها كم متدفق من الحزن يدل على الفاجعة، وعلى الغياب الواضح في المفردات التي تدل على قوة تأثير ذلك الغياب في ذات الشاعر، والذي انعكس حزناً على معظم الأبيات، ومع ذلك لم ينشغل الشاعر عن التصوير، إنما كان منتبهاً إلى ذلك، فكتب نصاً بمقدرة شعرية تدل على الموهبة الكبيرة، كما وفق في الانتقال من صورة جميلة إلى أخرى ومن فكرة إلى ثانية بشكل متسلسل.
خصوصية
غير بعيد عن الإطار الانساني؛ قدم الشاعر السعودي منصور فهيد، نصاً وجده حمد السعيد يليق بقائله، من حيث الذكاء في التقاط الموضوع، والتميز في الدخول إليه، ما ينم عن الشاعرية، أما الحبكة فكانت جميلة، حالها في ذلك حال الربط الذكي، والطرق، والصور، والبلاغة. كما رأى د. الحسن في النص جمالاً ينم عن الثقافة في العروض وبحور الشعر، لافتاً إلى ما في النص من صور شعرية كثيرة جاءت تحت مسمى التناظر في العبارات، حيث تقليب المعنى على أكثر من وجهة، وفي السياق نفسه وعلى موسيقى واحدة، لكنه لفت إلى بعض التعقيد اللفظي في النص الذي تصعب على السامع الإحاطة به.
أما الشاعر الكويتي ماجد لفى الديحاني، فقدم نصاً وطنياً احتفاء بالعيد الوطني للكويت. وتوقف سلطان العميمي في تعليقه عليه أمام حضور عناصر مهمة فيه؛ يغفل عنها الشعراء عادة في القصائد الوطنية، ومنها خصوصية الاسم، وخصوصية البيئة البحرية ودلالتها، إضافة إلى خصوصية الأعلام الذين حضرت أسماؤهم، فأضافت إلى القصيدة جمالية خاصة، وأعطتها تميزاً في البناء، وفي التصوير كذلك، وقد جاء كل ذلك بشكل سلس من خلال أساليب شعرية موفقة، ومحسنات لفظية أو معنوية. بينما أشار د. الحسن إلى ما تحفل به القصيدة من إشراقات كثيرة تدل على تجربة الشاعر واطلاعه.
«دي فاكتر»
تحت عنوان غير عربي؛ جاءت قصيدة الشاعر الكويتي حمود بن قمرا «دي فاكتر»، ومعناه الأمر الواقع، وهو العنوان الذي اعترض عليه د. الحسن، رافضاً استخدام عنوان لاتيني، خصوصاً أنه لم يضف شيئاً إلى القصيدة الجميلة أصلاً، ولم يؤثر في مجراها. معتبراً في ذلك التغريب شيئاً من المبالغة. ومن حيث بناء النص الذي جاء حوارياً؛ وقال الحسن إنه لم يلمس في النص نقاشاً يؤدي إلى الإقناع، وعلى الرغم من جمال الترميز في النص إلا أنه تاه، كما انفلتت الصور من المركز فذهبت إلى أطراف أخرى، غير أنه بفضل حرفة الشاعر ظلت الصور موجودة، وبسبب استشعار الوزن فقد بان التفصيل السجعي من خلال موسيقى داخلية جميلة.
بينما اعتبر سلطان العميمي القصيدة جميلة، وان أسلوب الحوار بها يشد السامع، فهو خروج عن المألوف، بدءاً من العنوان اللاتيني، كما أشار إلى أن في القصيدة رسالة واضحة، ومفاتيح تمكن المستمع من فتح ما فيها من أبواب مغلقة، وهو ما لفت إليه حمد السعيد أيضاً؛ مشيراً إلى أن الموضوع الذي غلفه حمود بالترميز هو أمر واقع ربما عاشه عديدون، معتبراً أن النص جميل جداً، خصوصاً أنه حداء كان ينتقل فيه حمود من فكرة إلى أخرى، أما الرمزية فقد رآها السعيد مبررة، والقافية محكمة أتقنها الشاعر بجدارة، في حين أن الحبكة التي لمسها في النص الواضح فإنها لا تنتج إلا عن شاعر حقيقي، دخل في المحظور لكنه لم يخطئ.
وحول مسابقة «شاعر المليون»؛ قدم الشاعر السعودي غازي المغيليث العتيبي قصيدة بعنوان «عايدة»، دعت سلطان العميمي إلى وصف الشاعر بأنه «مجرم شعر»، لأن إبداعه جاء متفرداً من البيت الأول للقصيدة وحتى آخر بيت فيها، لاسيما أنها تتميز بأسلوب الطرح، وبطابعها الفلسفي، وبتعدد الذوات فيها، حيث هناك الشاعر والإنسان والطفل والسياسي والفيلسوف، وقد جاء كل ذلك من خلال إبداع شعري، وصور جميلة تؤكد أن جزءاً كبيراً من الجمال يتمحور حول ذات الشاعر. مشيراً إلى أن القصيدة مملوءة بالوعي وبالشعر وبالثقافة العالية، وبتنوع الأساليب والصور الشعرية. وقال د. غسان الحسن، إن «القصيدة لا يستهان بها، ولا تقل أهمية عما قدمه العتيبي من قبل، وبالحديث عن القافية التي جاءت ياء أصلية أو ياء تدل على المتكلم، فإن المفاجئ حضور قافية مختلفة أقحمت فيها الياء، وهو أمر مسموح ومعروف، ولا يعتبر عيباً في الشعر النبطي».