«ظلال السعف» معرضه الجديد ينظمه «آرت سبيــــــــــــــــــــــــــــــــس» في دبي
يوسف أحمد: الحروفية فــــي لوحاتي خطوط قمرية
الفنان التشكيلي القطري، يوسف أحمد، لا يتخلى عن عناصر بيئته العربية في اعماله الفنية، إذ إنه منشغل في التعبير عن بيئته بمفردات تلك البيئة نفسها. كما لا يتوقف عن البحث التشكيلي للوصول الى صيغ جمالية جديدة على صعيد التقنية والتعبير، اذ توصل الى استخدام ورق مصنوع من سعف النخيل الذي ينتشر كثيراً في الدول الخليجية، وتعد النخلة رمزاً عربياً، ولها مكانة خاصة في التراث والحياة المعاصرة. وكذلك تعد الحروفية العربية احد عناصر انشغاله الجمالي، اذ ادخل الحرف ضمن النسيج الداخلي للوحته، بعيداً عن مفهوم التزيين الذي قد يقع فيه فنانون. وبالإضافة الى ذلك تعد ثلاثية البحر والصحراء والسماء من مميزات مفردات الفنان التشكيلية، الذي أكد ان القمر قرين أعماله. وقال إن «الحروفية العربية في اعمالي بمثابة خطوط قمرية»، إذ تأثر كثيراً في طفولته بالقصص التي رواها الناس قديماً عن العلاقة بين اهل الصحراء والقمر، كونه دليلاً أرضياً في عتمة تخلو من تضاريس، وتقترب من المتاهة.
خيميائي قال الفنان الرائد يوسف احمد ان طفولته في حي الجسرة بالدوحة، كانت في مكان رحب «يعانق الأفق بالبحر وتمتد ساحاته الرملية في البعد، تتخللها السبخات والمشارب والبرك التي تنتشر حولها الأزهار البرية لتضفي على بساطة المكان موسيقى سكون الصحراء اللامتناهية». وأضاف في موقعه الإلكتروني ان «حي الجسرة، حيث نشأت، كان مجموعة من البيوت الطينية القديمة المتجاورة والمتلاصق بعضها البعض، وأبوابها مفتوحة على الجوار من دون حواجز أو أسوار، حيث تبدو بيوت الحي كاملة، كأنها بيت واحد لعائلة كبيرة». لقب الفنان بالخيميائي في عالم الفن، فهو الذي يبحث دوماً على ابتكار مواد جديدة ليطبقها في اسلوبه الفريد في الرسم، مثل الورق الصقيل. كما يعد يوسف وهو واحداً من رواد تطوير أشكال الفن العربي، وخبيراً في المزج بين الحرفيتين الحديثة والقديمة بجذوريهما المترسخة في تراثه، وبين تطبيق هاتين الحرفيتين في أشكال فنية معاصرة. |
وفي معرضه «ظلال السعف»، الذي افتتحه الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، أوزير التعليم العالي والبحث العلمي، الأربعاء الماضي، في غاليري «آرت سبيس» في مركز دبي المالي العالمي، ويضم 18 لوحة. والفنان الذي يوصف بأنه «خيميائي» في عالم الفن، يواصل انشغالاته في البيئة المحلية، معبراً عن الصفاء الداخلي الذي توحي به الصحراء، والتأمل في ظلال النخيل او امام زرقة البحر.
الفنان القطري يوسف أحمد الذي حاز جوائز عربية ودولية، من بينها جائزة المنتدى الثقافي اللبناني في باريس، قال لـ«الإمارات اليوم» بعد افتتاح معرضه «أستظل تحت سعف نخيل بلادي، أراقب القمر، اشم رائحة البحر والصحراء، ويمر في خيالي منظر الإبل، هذا الهدوء العميق يجعلني أرسم». وأضاف الفنان الذي أقام أول معرض له على مدخل بيت عائلته عام ،1963 إن «ثورات (الربيع العربي) جعلتني استظل تحت نخلتي وأراقب وأنبهر وأحزن وأفرح»، مؤكداً تمسكه بهويته الفنية والثقافية العربية، إذ إن لوحاته مستمدة من بيئته التي تعد مركز انشغالاته التشكيلية «هذا ما أصر عليه، فموضوع البيئة القطرية خصوصاً، والخليجية بشكل عام، هي التي اسهمت في تحقيقي كل هذا النجاح»، مشيراً الى محافظته على «ادخال الخط العربي ضمن أعماله للتأكيد على هويته وتمسكه بها».
عناوين
من ضمن أعمال الفنان، وهو أحد رواد التشكيل في قطر، الذي يشارك للمرة السادسة على التوالي في «آرت دبي» بلوحات حملت عناوين عاطفيةأ ضمن نسيج اعماله الفنية، وكتبها وفق انواع الخط العربي، فلوحات «قلبي» و«في فؤادي»، و«لحنانك»، تمس الوجدان من مجرد قراءتها وتزيد من عاطفة المشاهدة، فهي تعبر عن عواطفه، كما انها دعوة للبوح وتحريض على التعبير، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالأحاسيس. وقال يوسف احمد «أنا ابن بيئة عاشقة، تكتب الشعر وتشدو بالأغاني، لديها اخلاق الفرسان، التي اخرجت اسطورة فارس الأحلام، لذلك فإن كل هذا الإرث الجمالي الذي يشكل مكونات شخصيتي الثقافية لا بد أن يظهر عبر لوحاتي». وهذا ما كان ظاهراً على وجوه جمهور المعرض الذي انجذب الى التعبير في اللوحات وأسمائها، التي كانت بوصلة أولى الى التأمل وقراءة ما تفيض به الألوان والأشكال والمساحات التعبيرية.
يوسف احمد الذي كسرت لوحته «أرابيسك» حاجز التوقع في مزاد سوذبي في لندن، وبيعت بسعر 36.7 الف دولار، له حكاية مع القمر علاقة عشق، فهو منجذب الى ذلك المضيء في أعالي السماء. وعن تلك العلاقة، قال الفنان «عندما أخط لوحاتي بأساليب الخط العربي المتنوعة، أذكر القمر، وأحاول أن يكون الخط شبيهاً به»، مبيناً ان «القمر دائماً نراه قريباً مع انه علمياً بعيد جداً عنا». وأضاف «للقمر مدلولات لها علاقة بحياة الشرق وأهل الصحراء خصوصاً، فكان يدلهم على الطريق وينير لهم الظلام». وأكد ان «كل القصص المرتبطة بالقمر والبر والبحر، التي سمعتها في طفولتي، أثرت في طريقتي في التعاطي مع لوحاتي».
وأضاف الفنان الذي ولد في حي الجسرة في الدوحة عام 1955 «أجتهد في بث المدلولات التي لها علاقة بالقضايا المحيطة المستمدة من بيئتنا»، وهذا الجانب أحد المميزات في تجربة الفنان الذي لم يتخل عن عناصر بيئته، لذلك حقق نجاحات كبيرة، في معارضه سواء داخل الدول العربية او خارجها، اذ تعرض اعماله في مختلف المناطق حول العالم وفي معارض عالمية، مشيراً بذلك الى ان العالمية تبدأ من البيئة المحلية، فالفنان ابن بيئته بالدرجة الأولى، علاوة على تفاعله مع محيطه العالمي، مؤكداً تمسكه بموضوع بيئته العربية في تجربته التشكيلية.
سعف
منذ أربع سنوات، انشغل الفنان يوسف احمد الذي يقتني اعمالاً له متحف «متروبوليتان» و«المتحف البريطاني»، بصناعة خاماته بيديه، خصوصاً الورق مع ألوان الأكريليك والصمغ العربي. وقال «كنت في السابق أذهب الى الصين وماليزيا بحثاً عن انواع معينة من الورق، وكثيراً ما استخدمته في أعمالي». لكنه أثناء وقوفه ذات مرة أمام نخلة في حديقة منزله، قال لنفسه «الورق الذي أحلم به ويخدم غايتي موجود هنا في وطني وفي منزلي»، مضيفاً «منذ تلك اللحظة أصبح لرسمي حكاية مع سعف النخيل، فكل أعمالي أستخدم فيها السعف، مؤكداً «لدي رسالة الى العالم بأنني أعتز ببيئتي وهويتي»، مشيراً الى أن «ظلال السعف» عنوان معرضه «هو حالتي التي سببها (الربيع العربي)، حيث أستظل بذلك السعف وأفكر».
من جهة أخرى، يمثل الفنان يوسف احمد هذا العام المشاركة الخامسة لغاليري «آرت سبيس» في معرض «فن دبي» السنوي، الذي يقام في الفترة من 21 أإلى 24 من شهر مارس الجاري.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news