أصدرته دار «كلمات» ويتيح لفاقدي البصر الإحساس بـــــالألوان

«كتاب الألوان الأسود» يلوّن عالم المكفوفين

صورة

أصبح الآن بمقدور المكفوفين أن يستشعروا الألوان، من خلال ابتكار كتاب يحقق لهم التفاعل مع الألوان والإحساس بها والتعبير عنها، مع قراءة قصة بطريقة «برايل»، تتحدث عن الألوان ومنحها صفات تتعلق بالرائحة والملمس والطعم والشكل أيضا، لتقريب صورة اللون من إدراك الطفل الكفيف. وجاء «كتاب الألوان الأسود» ليعوض المكفوفين فقدان حاسة البصر لديهم بكتاب «أسود»، لكنه يضيء لهم عالم من الألوان.

مؤثرات بصرية وتقنية

تؤكد دار «كلمات» للنشر والتوزيع أهمية توفير الكتب العربية للأطفال، وبموضوعات تلامس واقع الطفل. وفي «كتاب الألوان الأسود» توسع شريحة الأطفال المستهدفة بالقراءة، لتشمل المكفوفين، حتى يتمكنوا من التزود بالمعرفة مثل أقرانهم المبصرين.

وتعمل الدار على تقليص الهوة التي تشكلت عبر السنوات بين الطفل والكتاب العربي، إذ تلامس كتب الدار مشاعر الأطفال بمحتواها، خصوصاً أنها تتميز بجـودة الكتاب ودقة اللغة العربية البسيطة ورسوم جذابة ومؤثرات بصرية وتقنية جديدة، من خلال استخدام الأقراص المدمجة وتطبيقات أجهزة «آي باد» التي تسهم بدورها في تعزيز حب القراءة عند الأطفال من جميع الفئات العمريــة.

الكتاب الفريد من نوعه، فهو باكورة إصدارات دار «كلمات» للنشر والتوزيع في الشارقة، للمكفوفين، ومترجم عن اللغة الاسبانية، وقد فاز بجائزة «آفاق جديدة»، في معرض بولونيا لكتاب الأطفال عام ،2007 ويعد مصدر إلهام لكثير من المكفوفين الذين أثر فقدانهم البصر في جعلهم حبيسين في عالم «معتم» يخلو من الألوان، لذلك جاء الكتاب ليعيد تلوين حياة المكفوفين.

«الكتاب الأسود» من تأليف منينا كوتن وروزانا فاريا وترجمة فاطمة شرف الدين، يتيح للطفل الكفيف التفاعل مع الألوان من خلال قراءة نص مكتوب بطريقة «برايل» يرويه طفل كفيف اسمه ابراهيم، هو بطل القصة، الذي لديه أسلوبه الخاص في التعبير عن الألوان من خلال الاعتماد على التشبيه والوصف والاستشعار بمذاق اللون ورائحته وصوته والاحساس به في حالة الألم او البهجة.

وينقل ببراعة مشاعر فاقدي البصر إلى القراء المبصرين، ويشرح كيف يتواصل ذوو الإعاقة البصرية مع العالم الخارجي والألوان، إذً يربط اللون الأصفر بطعم الخردل، في اشارة إلى حاسة التذوق، وبريش الصوص الصغير الناعم الملمس، كما يعبر عن اللون الأحمر بحموضة الفراولة، وحلاوة البطيخ، والألم الذي يخرج من الركبة المجروحة، فيما يجسد اللون البني بصوت خشخشة تحت قدميه أثناء سيره فوق أوراق الأشجار اليابسة، أو تلك الرائحة المميزة المنبعثة من لوح الشوكولاتة اللذيذة.

حاسة اللون

يعرف ابراهيم اللون الأزرق بأنه لون السماء الصافية التي يشعر بدفئها في يوم مشمس، لكن حين تتشكل الغيوم، ويبدأ هطول المطر، تتحول السماء بيضاء اللون، أما اذا بزغت الشمس من بين الغيوم فتظهر كل الألوان لتصنع قوس قزح الذي قد لا يراه الكفيف، ولكن يكفي أن يشعر به ويلمس ويسمع ذلك القوس الملون في الأفق.

أما اللون الأخضر بحسب ابراهيم، فهو تلك الرائحة المنعشة المنبعثة من العشب المقطع، أو الطعم الحامض الذي تتركه البوظة على لسان الطفل.

فيما يؤكد ابراهيم أن المياه تكون دون صفات لونية في غياب الشمس، فهي صافية وشفافة دون لون ولا رائحة أو طعم. ويصف بطل القصة اللون الأسود بأنه ملك الألوان، ويشبهه بنعومة شعر أمه الحريري حين يتدلى على وجهه وهو في حضنها.

3000 نسخة

أطلقت دار «كلمات» مبادرة تتمثل بمنح جمعيات المكفوفين أعدادا من الاصدارات الجديدة من كتبها، من بينها «كتاب الألوان الأسود»، اذ يمكن تحويل الكتب الأخرى إلى طريقة «برايل» ما يوفر فرصة للأطفال المكفوفين لقراءتها. وتعكف «كلمات» على اعداد ونشر كتاب جديد بعنوان «أحب عالمي» يتحدث عن تفاعل ولد أصم مع عالمه الخارجي.

وقال مدير تطوير الأعمال في الدار، تامر سعيد إن «(كتاب الألوان الأسود) نشر بلغات عدة غير الاسبانية والعربية، ويتميز بمضمونه وإخراجه، وصفحاته سوداء لامعة، والنص مكتوب باللون الأبيض، مع خاصية الخطوط البارزة للأشكال المرسومة والتي تجسد صفات الألوان». وأضاف ان «دار (كلمات) طبعت نحو 3000 نسخة من الكتاب، إذ يمكن استخدامه أداة تعليمية مساعدة للتعرف إلى الالوان من خلال طعمها ورائحتها وصوتها وملمسها والمشاعر التي تبعثها في النفس، وليس لتعزيز أهمية حاسة البصر فقط، إنما جميع الحواس الأخرى مثل الشم والسمع واللمس والتذوق».

وتطرح «كلمات» خلال العام الجاري نحو 50 إصدارا جديدا، تتناول موضوعات انسانية واجتماعية وثقافية تخص الطفل العربي، منها المشكلات الاجتماعية التي يواجهها الطفل في الأسرة، وقضية الطلاق والأيتام. وتتوافر تلك الكتب عبر المتجر الالكتروني في موقع الدار على الإنترنت، وبأسعار تشجيعية».

تويتر