«الملتقى الفكري»: يطالب بموسوعة لجهود الممثلين العرب

من فعاليات الملتقى. الإمارات اليوم

 

أوصى مشاركون في الملتقى الفكري المصاحب لمهرجان أيام الشارقة المسرحية، والذي اختتمت أعماله أول من أمس، بإنشاء مجمع أكاديمي عربي للبحث المسرحي، على أن يتولى وضع وتبني استراتيجية للتوثيق والدراسة، تضع في أولوياتها إنجاز موسوعة تحليلية لجهود الممثلين العرب وذاكرتهم الفنية، وتسجيل شهاداتهم حول مساراتهم المهنية.

وحثت التوصيات مؤسسات التكوين المسرحي على تشجيع التجارب التمثيلية الجادة، الهادفة إلى اختبار وتجربة مناهج جديدة في التكوين ترمي إلى تطوير قابليات وكفاءات الممثل العربي بما يضمن إسهامه الفعال في تجدد المسرح المعاصر، إضافة إلى تشجيع الأبحاث والدراسات التي تصب في جسد المسرح العربي على المستوى الأنثروبولوجي والسوسيولوجي والسيميائي.

وشدد المشاركون على أهمية التأكد من دروس الارتجال وتقنيات الإبداع والخيال في تكوين الممثل، سواء في التعليم النظامي الأكاديمي أو في الورش والمحترفات المفتوحة، ووضع منظومات للتكوين المستمر الذي يضمن تجدد الخبرة وإنعاش كفاءات الممثل، إضافة إلى ضرورة الحفاظ على تنوع التجارب والأساليب التكوينية وأساليب الإبداع، بما يفيد الممثل في تعامله مع مختلف المدارس المسرحية والاتجاهات الفنية الفاعلة.

إلى ذلك، ناقشت جلسات الملتقى الذي حمل عنوان تاريخ الممثل في المسرح العربي، فكرة نحو منظور جديد لموقع الممثل في المسرح العربي، وأكد الباحث المسرحي المغربي د.عزالدين بونيت، أن «الوقت الذي كان فيه التمثيل والممثل يعتبران الحلبة الرئيسة للتطور المسرحي منذ نهاية القرن الـ،19 كتتويج للمسار التحديثي، ظل الاهتمام بالتمثيل والممثل هامشيا إلى أبعد الحدود في الخطاب التنظيري والنقدي حول المسرح العربي، إذ انشغل ذلك الخطاب بنسج سحابة من الأفكار ضد الممارسة المسرحية القائمة، وضد الاعتراف بشرعية تلك الممارسة، مشيراً إلى أن الملتقى جاء ليسلط الضوء على مدى تعقيد مفهوم الممثل ومدلول نشأة التمثيل، منذ الإغريق إلى العصر الحديث، مع الوقوف على أهم الإسهامات النظرية والتطبيقية المتعلقة بهذا الموضوع في ما أنتجه التفكير المسرحي العربي.

من جانبه، قال الباحث المسرحي السوداني عادل حربي في ورقة عمل قدمت في الجلسة الختامية للملتقى بعنوان الممثل «ذات» والممثل «أداة»، إن «الممثل يكتشف لغة جسدية وأنماطاً سلوكية بديلة وحديثة من أجل بث أيقونات وفقاً لتقاليد ثقافية موروثة أو إشارات أو رموز تدخل في إطار النظام الدلالي الكلي لتجربة فن الممثل، وعلى أساس ذلك أظهر الجسد في المسرح المعاصر مفاهيم وأفكاراً وتقنيات، منها مفهوم التعبير الجسدي، ومزج مفاهيم الجسد مع تصورات العلوم التقنية المعاصرة والتكنولوجيا، وتحفيز العالم الداخلي للممثل وجعله يلتقي بالجسد لتفجير طاقاته وإيماءاته وإشاراته».

وأضاف أن «إدخال الجسد في مصطلحات وتجارب جديدة أظهر لغات جديدة للجسد مثل بلاستيكية الحركة وشعرية الحركة ومعمارية الحركة، المتجسدة في فعل الممثل واصطلاح الشعر الفضائي، كما أن البحث عن صيغ جديدة تجريبية لها علاقة بالحركة وعلومها وارتباطها بكل نشاطات الإنسان وتجاربه الانفعالية والفكرية والثقافية».

وأكد حربي أن «جدلية الحوار لفن الممثل العربي خضعت للعلاقة التوافقية بين ذاته وأدائه وبين جدلية النشاط الإنساني وبين جمالية الفن، فالممثل العربي واجه تحديات ومواجهات أهمها بين ذاته وأدائه، محققاً صوراً مألوفة وغير مألوفة وقيماً وفجوات وتساؤلات وحوارات، إذ ان الجدلية لن تتوقف، ولن تهدأ، مادام الممثل العربي يسعى إلى تنمية قدراته الأدائية والذاتية، والتي لا يمكن أن تتم دون ربطها بتكوين مجتمعه وثقافته وحضارته».

وتابع أن «ذاتية الممثل المبدع لا تتحرك من فراغ بل تحدها عوامل تسهم في توجيه مقدراته الإبداعية ومن أهم هذه العوامل معجزة الكون الذي يحيط بالفنان، بما في ذلك الكون من عوالم فيزيقية وأخرى ميتافيزيقية، والبيئة الحضارية التي يولد فيها الفنان ويعيش زماناً فيها ومكاناً وتقاليد وموروثات، إضافة إلى المخزون الكامن في ثقافة الفنان واللاوعي الكامن فيه».

تويتر