«طورغوت».. صراع بين العثمانيين والحلف الصليبي
تلقي مسرحية «طورغوت»، التي كتب نصها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وأهداه إلى شعب تونس، الضوء على شخصية طورغوت، وهو رجل من الأتراك العثمانيين، وهبه الله لخدمة الإسلام والمسلمين بشجاعته وبسالته التي امتاز بها، في محاربة الاإسبان الذين استولوا على مناطق في شمال إفريقيا لنحو 42 عاماً، من دون مقاومة من أمرائها، وتحديداً حكام تونس في عام 1510 ميلادية.
وتسترجع المسرحية التي عرضت في ختام مهرجان أيام الشارقة المسرحية قصة كفاح طورغوت بعد وقوعه في الأسر على يد الأعداء من الإسبان، وما عاناه في أسره، لحين تم تخليصه من قبل القائد العثماني فخرالدين بربروس، مقابل مبلغ مالي، ليبدأ فصل جديد من نسق تتسارع فيه الأحداث، وتنقلب الوضعيات، ليتداول كلا القطبين، العثماني والصليبي، مواقع النصر والهزيمة، ومشاعر النشوة والانتصار والانكسار.
وتستعرض «طورغوت» جملة الوقائع التاريخية المجسدة للصراع القائم في القرن الـ16 بين الإمبراطورية العثمانية المسلمة من جهة، والحلف المقدس الصليبي من جهة اخرى، وتقف عند المفارقات المحيطة بهذا الصراع، سواء المتعلق بطورغوت والأميرال بربروس، او تلك الشخصيات المرتبطة بحلفاء القائد الشاب جيانتين دوريا وعمه العجوز أندريا دوريا، ومن بينهم الكورسيكيون والمالطيون، إضافة إلى الفرنجة المكونين للحلف المقدس الذي اجتمع للقضاء على طورغوت.
ويؤكد طورغوت الشخصية الرئيسة في المسرحية أن لا أحد أكبر مقدرة، إذ تقر المسرحية بسطوة القدر، وتفعل ذلك من باب الواقعية، ليس أكثر، أي إنها لا تنفي مسؤولية الإنسان عما يتلقاه من مصير، فتجدها تمجد الفعل الإنساني البناء وتشجب نقيضه الهدام، من دون اعتماد أسلوب الوعظ والإرشاد، بل تترك للمتفرج مهمة استخراج هذه المعاني من خلال العلاقة بين القرارات والأفعال الصادرة عن أطراف الصراع.
يبدأ المشهد التعريفي بشخصية طورغوت عندما يصل أسطوله إلى ميناء جيراللاتو المحصن على ساحل جزيرة كورسيكا، وذلك لتتزود بالمؤون، إذ اعتاد طورغوت التوقف أثناء ابحاره لملاحقة وتعقب القراصنة والأساطيل الأوروبية، وعلى الرغم من أن سكان الميناء نصارى إلا ان طورغوت لم يؤذهم، بل على العكس يحسن معاملتهم.
وقع طورغوت في الأسر وحبس لثلاث سنوات في جنوة، إلا أن الأميرال العثماني، خيرالدين بربروس، أثناء ابحاره في طريقه إلى جنوة يقرر التوقف لتخليص طورغوت من براثن الأعداء الذين كانوا يهابون الأتراك العثمانيين في تلك الفترة، مقابل مبلغ مالي، وعند خلاصه يمنح الأميرال بربروس طورغوت سفينتين هدية له، إضافة إلى 19 قائداً سيكونون تحت امرته بسفنهم وبكامل طاقمهم.
بعدها تتوالى الأحداث، ويلاحق طورغوت الحلف المقدس، وينزل إلى جزيرة جربة التونسية بعد أن حرر عدداً من مناطقها، لتتم السيطرة على الجزيرة التي تصبح تحت سيطرة العثمانيين، وبلغ عدد القتلى من السفن الصليبية التي استولى عليها طورغوت نحو 18 ألفاً. وفي المشهد الأخير يحمل العثمانيون نعش طورغوت الذي استشهد في عام 1565 في حرب حصار مالطة ليتقرر دفنه في طرابلس.