خـديجـــة السـلامـــي: المخرجات اليمنيات قادمات
توقعت المنتجة والمخرجة اليمنية، خديجة السلامي، أن تشهد السنوات المقبلة ظهور جيل واعد من السينمائيات في اليمن ومنطقة الخليج عموماً، يقدمن أفلاماً تعبر عن الواقع والمجتمع وقضاياه. معتبرة ان «الوقت أصبح مناسبا لكسر حاجز الخوف الذي يمنع الفتيات في اليمن من التعبير عن مواهبهن وأفكارهن».
وأشارت السلامي في حوارها مع «الإمارات اليوم» إلى أن هناك الكثير من الفتيات اليمنيات لديهن طموح العمل في مجال السينما وصناعة الأفلام، لكن العادات والتقاليد تقف في وجه التعبير عن هذا الطموح. مضيفة «عندما تحدثت إلى هؤلاء الفتيات نصحتهن بالتغلب على ما يشعرن به من خوف وتردد، وأن يتجهن لدراسة السينما، كما فعلت فتيات أخريات تشجعن والتحقن بهذا المجال قبل سنوات، وأتوقع ان نرى قريباً أفلاماً يمنية بأيد نسائية، فالنساء قادمات بلا شك، ويقدمن إبداعاً مختلفاً، وكل ما يحتجن إليه هو التشجيع».
نجاح عالمي في عام 2007 منح الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك المخرجة اليمنية السينمائية، خديجة السلامي، وسام جوقة الشرف بمرتبة ضابط، وذلك تقديراً لأعمالها السينمائية والكتابية ذات الطابع الاجتماعي والإنساني، ولدورها في تعزيز العلاقات اليمنية الفرنسية. ويعتبر وسام جوقة الشرف من أعلى الأوسمة الوطنية في فرنسا والذي يتم منحه لشخصيات فرنسية أو أجنبية على نحو بروتوكولي. كما نجحت السلامي التي تعمل مستشارة إعلامية في السفارة اليمنية بباريس في لفت الأنظار إليها، عندما انقذت فتاة يمنية قاصراً من الإعدام بعد عرضها قضية الفتاة في فيلم تسجيلي بعنوان «أمينة»، وهو اسم الفتاة ذاتها التي كانت اتهمت بقتل زوجها. وحازت السلامي جوائز عالمية من خلال أفلامها السينمائية «اليمن ألف وجه ووجه»، «سقطرى.. الجزيرة الذهبية»، و«غريبة في موطنها»، و«أمينة». |
واعتبرت السلامي التي تعد أول مخرجة يمنية تقدم أفلاماً جريئة تعبر عن واقع المجتمع اليمني ووضع المرأة فيه، ان ظهورها وما اعتادت عليه في أفلامها من طرح القضايا الجريئة، كان عاملاً مشجعاً لليمنيات اللاتي يرغبن في العمل في مجال صناعة الأفلام. مضيفة «منذ البداية وانا اهتم بتقديم أعمال جريئة، وطرح قضايا حساسة، تعد من المسكوت عنه في المجتمع اليمني والمجتمعات العربية عموماً، ورغم المعارضة التي واجهتها في البداية، مازالت في الساحة، وأواصل العمل في الاتجاه نفسه من طرح ومناقشة القضايا الاجتماعية بجرأة، دون ان اتعرض لممارسات يمكن ان تقف في طريقي او تمنعني، وهو ما يمثل دافعاً مهماً للأجيال الجديدة من السينمائيات في اليمن».
خطوط حمراء
السلامي قالت إنها في بداية عملها كانت تتلقى الكثير من التحذيرات من المقربين، تخوّفها مما يمكن ان تجره عليها نوعية الأفلام التي تقدمها من متاعب، ومن ردود فعل سلبية من المجتمع اليمني، لكن على خلاف كل التوقعات والتحذيرات، وجدت تفاعلاً ايجابياً من المجتمع، «فالإنسان اليمني بسيط حساس، ويهمه ان يعالج مشكلاته ومناقشة قضاياه عبر مختلف الوسائل ومن بينها السينما، لكن السياسيين وهؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم مثقفين يخافون من الانسان غير المتعلم، ويبالغون في توقعاتهم السلبية نحوه»، مضيفة أنها ومن خلال تجربتها «وجدت ان الإنسان اليمني على كل المستويات التعليمية والاجتماعية لديه قدرة على تقبل الأفلام، والتفاعل معها، إلى جانب رغبته في التعرف إلى عيوبه وأخطائه وإصلاح ذاته، سواء كفرد او كمجتمع، بما يتضمنه من عادات وتقاليد، وإذا لم نستطع ان نغير سلبيات المجتمع من خلال الأفلام، يكفي ان ندفعهم لطرح اسئلة والتفكير فيما يحدث، وتحفيزهم للبحث عن حلول لأوضاع المجتمع».
وأكدت صاحبة أفلام «نساء اليمن» و«غريبة في موطنها» و«امينة»، أنه ليست لديها أيه خطوط حمراء في عملها، حتى لو وجدت محاذير في العمل فهي محدودة جدا، لذلك استطاعت ان تتعرض لقضايا مهمة. لافتة إلى انها تعرضت في احدث أفلامها لقضية حساسة في المجتمع وهي الفساد، لكنها تعرضت لضغوط كبيرة من جهات معنية بالموضوع، ونتيجة لذلك اضطرت للتوقف دون استكمال العمل. لكنها عادت وجمعت ما صورته وقامت بعرضه رغم ما تعرضت له من معارضة وضغوط. واستطردت «رغم كل الضغوط والصعوبات يجب ألا نتوقف، ويجب على المخرج ان يعمل دون ان يفكر في ما سيقع له من عقاب او مشكلات، وان ينفذ فقط ما يعبر عن رأيه وقناعاته، لأنه إذا بدأنا نخاف ونستمع لمن لا يرغبون في اظهار القضايا وبواطن الأمور، فلن نحقق شيئا، لذلك يجب ألا نتوقف رغم الصعوبات، وان نقتنع بأن الانسان الذي لديه مبدأ وهدف لابد ان ينجح».
حراك سياسي
من جانب آخر، عبرت خديجة السلامي عن سعادتها بفوز مواطنتها الناشطة السياسية توكل كرمان بجائزة نوبل. مشيرة ان هذا الإنجاز يصب بشكل مباشر في مصلحة المرأة اليمنية والعربية، حيث يلقي الضوء بقوة على ما تقوم به من دور إيجابي ورئيس في العمل السياسي في بلادها، ويساعد على تصحيح الصورة النمطية السائدة لدى العالم عن المرأة العربية بأنها امرأة خانعة ليس لها دور ولا أهمية في مجتمعها، وانها تعاني العنف والتهميش في استسلام.
عن الأوضاع السياسية في بلدها، أشارت السلامي إلى ان الإنسان اليمني يستحق ان يعيش حياة طبيعية، ويبحث عما ينقصه سواء من حرية او حياة جيدة، وان يحصل على ما يسعى إليه بعد كل هذا النضال والكفاح من أجل مستقبل أفضل. معبرة عن تفاؤلها بالمستقبل طالما لم تقع البلد في دوامة الحرب الأهلية.
المهرجانات
على الرغم من سعادتها بتعدد المهرجانات السينمائية العربية، تجد السلامي اننا مازلنا في البداية، «فهذه المهرجانات هي التي تتيح الفرصة أمام الأفلام القيمة للظهور وتعريف الجمهور بها، كما كشفت هذه الافلام ان العالم الغربي لديه تعطش للتعرف إلينا وإلى ما نقدمه من أعمال»، وترى المخرجة اليمنية أن «البحث عن شيء مختلف غير القصص المتشابهة التي تتناولها الأفلام الغربية، يساعد على الاهتمام بالمهرجانات الخليجية والعربية، والتركيز عليها، وفي النهاية يظل الفيلم الجيد ليتحدث عن نفسه».
وأضافت «من خلال هذه المهرجانات اكتشفنا بعضنا بعضاً صانعي أفلام. كما كشفت عن تعدد وتنوع أشكال الإبداع لدى الشباب من الدول الخليجية، وأيضا تساعد هذه المهرجانات على تربية الرغبة لديهم في البحث عن الهوية والعمل على تقديم صورة الانسان الخليجي او العربي من خلال افلامهم، لذا نرى افلاما كثيرة تعرض في مهرجانات السينما تركز على الاوضاع الاجتماعية ومشكلات الشباب، ورغم ان هذه الافلام ليست كلها جيدة، إلا انها في النهاية تمثل انجازاً كبيراً، عبر ما تعكسه من انفتاح مهم في طريقة التفكير وفي طريقة طرح القضايا، كما تتيح لنا مشاركة الابداع مع الآخرين، وتعريف الآخر بنا، وابرازنا بشراً لدينا رغبات وأحلام، ومشكلات وطموحات، وليست مجرد مجتمعات مغلقة او غنية بالبترول فقط».