تقوم على تفعيل الجلسات التراثية وتطويرها

«الفُرجـة الشعبيـة».. مسرح لكل الناس

الفنان غنام غنام في مونودراما «عائد إلى حيفا». تصوير: أسامة أبوغانم

قال الفنان المسرحي غنام غنام، خلال جلسة ملتقى الإثنين المسرحي في معهد الشارقة المسرحي، إن «ما يعرف بـ(الفرجة) المسرحية يمكن أن تتحقق وتسجل أعلى نسبة فرجة على الإطلاق في المسرح الخليجي، وتحديداً الإماراتي، إذ تم استحداث مسرح (الجلسة)، والاشتغال عليه، والتركيز على تطويره».

ولفت إلى أن «من مقومات نجاح فكرة مسرح الجلسة، أن الجلسات الشعبية غير معروفة سوى في منطقة الخليج، وهي مرتبطة بالتراث والموروث الشعبي في المنطقة، إذ إن مسرح الجلسة قائم على تفعيل دور الجلسات الشعبية، بما تحمله من تفاصيل انسانية ولقطات متناقضة وشخصيات كوميدية يستعين بها المسرحي في تقديم تلك الفرجة الشعبية، ليكون المسرح لكل الناس».

وتابع غنام أن «الفرجة الدائرية ارتبطت بالمسرح المغربي، وحققت من خلاله قاعدة جماهيرية وانتشارا واسعا، لذلك نتوقع إذا ما وجد مسرح الجلسة سيرتبط بدول الخليج، وسيحقق ذلك الانتشار وتلك البصمة التي سترافق المسرحيين الذين اشتغلوا على استحداث مسرح الفرجة. وتتميز الفرجة الدائرية بأنها تضم 36 نقطة وموقعا يشتغل عليه الممثلون، لتأدية الادوار التي تستمر دون توقع إن كان الضوء مسلطاً على ممثل دون الآخر».

كسر القوانين

أكد غنام أن ما يميز مسرح الفرجة أنه لا يخضع للقوانين الموجودة في المسرح الكلاسيكي والتقليدي، منها الخدش في الفرجة المسرحية، والذي لا يعني خدش الاعراف والتقاليد العامة، إنما التجرد من القواعد الكلاسيكية في المسرح وكسر الحاجز الرابع في الطرح المسرحي، على اعتبار أن الفرجة هي الاشتغال على الدائرة وليس الأضلاع، كما هو حال المسرح التقليدي».

ومن أمثلة الخدش في الفرجة المسرحية، تأدية الادوار وظهر الممثل للجمهور، على اعتبار أن التمثيل يكون على شكل دائري، ومن الطبيعي أن يبقي الممثل ظهره للجمهور في جوانب عدة من المسرح، كما هناك الانتقالات السريعة بين المشاهد في المسرحية التي يمكن أن تضم عدداً كبيراً من المشاهد المترابطة وذات التنقلات السريعة التي لا تحدث شرخاً في العرض المقدم أو تسقط أحد ركائزه، ما قد يسبب تشتت المتفرج.

وارتبط مسرح الفرجة بالتراث الشعبي والذي يغري المسرحي للاشتغال والتعمق في مكنوناته، وتناول شخوصها بشيء من الهزل والسخرية التي تصل في أحيان كثيرة إلى مرحلة الفلتان، بحسب غنام، الذي جسد شخصية عنتر في مسرحية «عنتر زمان والنمر» بشيء من الاستهزاء والاستخفاف والفلتان المقصود، وأبرز جانب شخصية عنتر الذي ادعى الشجاعة ولم يمارسها أصلاً، خصوصاً أنه باع العبيد من أجل حب امرأة بيضاء، وعوضاً عن القتال كان يكتب رسائل في حب عبلة. ولفت غنام إلى أن «مشوار العمل في المسرح من خلال تجربتي الشخصية في مسرح الفرجة لم يكن مفروشاً بالورود، بل كان مملوءا بالصعاب والأشواك والشقاء، فقد حلت الفرقة المسرحية التي كنت أديرها ومنعت من السفر والعمل لمدة 11 عاماً، إلا أن العمل في المسرح لن يدرك لذته إلا من اشتغله، فالمسرح صوفي يخلص لمن يخلص له».

النص ثانياً

إلى ذلك، قال الباحث المسرحي المغربي الدكتور حسن يوسفي، إن «ما يميز الكتابات المسرحية الجديدة هو تحول السياق الجمالي العام الذي يؤطر التجربة المسرحية برمتها، لاسيما في ضوء تأثير عاملين أساسيين في إبداعية المسرح وانتاجيته، هما بروز ابداعية المخرج وترسيخ سلطة ما يعرف بـ(صناعة الفرجة)، واستعمال التكنولوجيات الحديثة في الابداع المسرحي».

وأكد يوسفي أن «هذا السياق الجديد وما أفرزه من تقويض لسلطة المؤلف، خلخل الأسس التي تقوم عليها الجربة المسرحية، إذ بات واضحاً أن التعاطي مع هذه التجربة ضمن دائرة المفاهيم والتصورات التقليدية، التي تجعل من المسرح (أدباً درامياً) أو (كتابة نصية)، من شأنها إفراز ما يعرف بالأعمال الخالدة».

وتابع أن «الثقافة المسرحية الجديدة بدأت ترسخ منظوراً مختلفاً إزاء المسرح، ويعتبر بمثابة فضاء لـ(صناعة الفرجة) أولاً، ما يجعل قضية (النص) قضية نسبية يمكن التعاطي معها من الناحية الابداعية بنوع من المرونة والانفتاح لدرجة تصل إلى اللامبالاة أحياناً، ما دام أن النص لم يعد المكون الأساسي الذي تنهض عليه الفرجة المسرحية».

التغييرات والمسرح

اعتبر الفنان المسرحي عمر غباش أن «كتّاب ومخرجي المسرح لم يتمكنوا حتى الآن من مسايرة ومجاراة التغيرات التي حصلت في العالم العربي من أجل التحرر وايجاد مساحات من الحرية، من خلال استخدام وسائل الاعلام الجديد على اعتبار أن الاعلام القديم كان مغلقاً في وجوه من وقفوا ببابه، لذلك يمكننا أن نجزم بأننا لسنا أمام اتجاهات جديدة في الكتابة المسرحية العربية في الوقت الراهن، إلا أن الفترة المقبلة يمكن أن تحدث تغييراً، ولكن لا يمكن استشراف وقت حدوث ذلك التغيـير».

وأكد غباش أن «المسرح مرتبط بالتغيرات التاريخية الكبرى، ويتأثر بالاختلالات التي تمر بها المجتمعات جراء هذه التغيرات وتصدع الأنظمة وبروز أو تشكل أنظمة جديدة، فالمسرح يقوم باستعراض نماذج من المجتمع تسهم في ايجاد هذه الاختلالات بغض النظر عن الأسلوب الذي يتم فيه هذا الاستعراض سواء كان تراجيدياً أو كوميدياً».

وتابع أنه «مع تسارع الأحداث التي تجري في الساحة العربية لا يمكننا انكار أن هذه الاحداث تؤثر في حاضر الأمة كافة، والمسرح العربي جزء من الكل، كما أنها بالتأكيد ستؤثر في مستقبلها، ولابد هنا أن ننظر بالعين الفاحصة إلى تفاعل المسرح العربي مع تلك الاحداث». لافتاً إلى أنه «رغم كل التحولات والأحداث إلا أن التغيير مازال يعاني عدم مبالاة وصدمة في وجود محاولات يمكن وصفها بالخجولة، كما نجد أن هناك استمراراً لعدم الاهتمام بالمسرح والمسرحيين من قبل الجهات المسؤولة عن الثقافة، إضافة إلى ضعف الأطر القانونية التي يعمل من خلالها المسرحيون، فمثلاً تعاني النقابات والاتحادات والجمعيات المسرحية اشكاليات كثيرة تعوق عملها، وبالتالي الامر ينعكس على عمل الفنان المسرحي نفسه».

تويتر