«الحقيقة الغائبة»كتاب يغيّب صاحبه
في مثل هذا الشهر، قبل 20 عاماً، دفع المفكر المصري فرج فودة، حياته ثمناً لآرائه، خصوصاً ما ورد منها في كتاب «الحقيقة الغائبة»، إذ يرى باحثون أن هذا الكتاب كان السبب المباشر في الهجوم على فودة، واغتياله على أيدي متشددين.
أثار فرج فودة (1945 ــ 1992) بكتابه «الحقيقة الغائبة»، الذي منع من دخول بعض الدول العربية، جدلاً كبيراً، وشنت حملة كبيرة عليه، وصلت إلى اتهام فرج فودة بالردة، بل وخرجت فتاوى تهدر دم الرجل، وتبيح قتله، وهو ما تم بعد صدور الكتاب بأعوام قليلة. يناقش المفكر الراحل في كتابه حجج دعاة الدولة الدينية، منتقداً بشدة المتاجرة بالشعارات الإسلامية، من أجل اغتنام سلطة، أو الفوز بمقعد في انتخابات، مع تأكيد فرج فودة الدائم على أن انتقاده لهؤلاء لا يتطرق إلى «قيم الإسلام النبيلة والعظيمة». كما ذكر في مقدمة «الحقيقة الغائبة».
ومما قاله فودة في استهلال كتابه «هذا حديث تاريخ وسياسة، وليس حديث دين وإيمان وعقيدة، وحديث مسلمين، لا حديث إسلام، وهو قبل ذلك حديث قارئ يعيش القرن العشرين، وينتمي إليه، عن أحداث بعضها يعود إلى الوراء 13 قرناً أو يزيد، ومن هنا يبدو الحديث صعباً على من يعيشون وينتمون لواقع ما قبل 13 قرناً، ويقيمون من خلال معايشتهم، وتبنيهم لذلك الواقع أحداث حاضر القرن العشرين، وهو في النهاية حديث قد يخطئ عن غير قصد، وقد يصيب عن عمد، وقد يؤرق عن تعمد، وقد يفتح باباً أغلقناه كثيراً وهو حقائق التاريخ، وقد يحيي عضواً أهملناه كثيراً وهو العقل، وقد يستعمل أداة تجاهلناها كثيراً وهي المنطق».