حصل على جائزتين في «لوس أنجلـوس».. و«سـرابه» ذاهب إلى «كان»

الظاهري: أفلام الشبـــــاب مغامرة إنتاجية

صورة

«النبش في الموروث الحضاري مسؤولية شبابية».. قناعة يؤكد المخرج الإماراتي منصور الظاهري التزامه بها مساراً إبداعياً، يحكم مشروعاته المستقبلية، على النحو الذي تبدّى في أعمال استهل بها مشواره الفني، وتمكن أخيرا من أن يحقق عبرها جائزتين عالميتين في مهرجان لوس أنجلوس الدولي للإبداعات المصورة، بحصول الأوبريت الغنائي «العالم يغني لزايد» على جائزتي لجنة التحكيم لأفضل عمل متكامل، وجائزة أفضل أزياء. لكن الظاهري يرى أن أفلام الشباب «مغامرة إنتاجية».

العمل الذي جاء بمثابة رد إبداعي على القصيدة الشهيرة «شيخ الغضاريف»، التي يدور محورها الإبداعي حول شخص المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تجاوز هذه المرة متلقيه المحلي، وتم عرضه خلال المهرجان الدولي، الذي شاركت فيه أعمال تراثية من مختف دول العالم، ليحمل خصوصية الثقافة الإماراتية بموروثها الشعري النبطي، من خلال قصيدة «لبيه ياشيخ الغضاريف»، وأيضاً الفلكلوري سواء المتمثل في الأزياء أو الموسيقى، على نطاق عالمي هذه المرة، بعد أن تمت ترجمة كلمات القصيدة التي غنتها المطربة اليمنية الشابة بلقيس أحمد فتحي إلى الإنجليزية.

«عيال الصقور»

يمتلك المخرج منصور الظاهري وجهة نظر فنية شديدة الخصوصية، تجاه أفلام ما اصطلح على تسميته «ثورات الربيع العربي»، ما دفعه إلى إنتاج فيلم إماراتي يمثل وصالاً وفياً بين الماضي والحاضر والمستقبل الإماراتي، بعنوان «عيال الصقور ما تبور»، مستثمراً تعبير المثل الشعبي المحلي.

وأضاف الظاهري: «حبانا الله بقيادة سياسية حكيمة، نحن أبناء مخلصين لها، فهم صقور وطن أحالوا صحراءه إلى واحات غناء، وأسسوا لنهضة عمرانية وحضارية واقتصادية يشهد لها العالم، ونحن أبناء هؤلاء الصقور، وعلينا استكمال مسيرة الآباء المؤسسين، لنبقى في حال من البناء الحضاري الدائم». الظاهري الذي فاز بفيلمه القصير، الذي لا تتجاوز مدته 30 دقيقة، في مهرجان للأفلام الوثائقية والقصيرة بالولايات المتحدة الأميركية، بعد أن شارك به أيضاً في مهرجان الخليج السينمائي، في نسخته الأخيرة، يرى أن المخرجين الإماراتيين يمتلكون إرثاً ثقافياً غير قابل للنفاد، ويتيح لهم أفكارا ورؤى صالحة دائماً لإبداع سينمائي متجدد». المشاركة في المهرجانات الدولية ليست هدفاً مجرداً لدى الظاهري، الذي يمتلك مشروعاً ورؤية في هذا الخصوص، جعلته يحرص على ترشيح أعماله في 16 مهرجاناً دوليا، مضيفاً: «قوُبل عرض أوبريت (العالم يغني لزايد)، بإعجاب شديد في لوس أنجلوس، وحرص الجمهور على متابعة ترجمة القصيدة النبطية (لبيه يا شباب الغضاريف)، المرتبطة بقصيدة المغفور له الشيخ زايد (شيخ الغضاريف)، باهتمام وإعجاب بالغين».

حضور الثقافة الإماراتية، في المحافل الدولية، لن يتوقف عند الجائزتين الأوليين له في هذا المجال حسب تأكيده، مضيفاً «هناك 16 مهرجاناً دولياً، أسعى أن أشارك فيها، من خلال هذا الأوبريت، كي يتحول عنوانه (العالم يغني لزايد) إلى حقيقة وواقع معيش».

فيلم جديد

منصور الذي كشف عن انشغاله بفيلم جديد بعنوان «سراب دوت نت»، يسعى للمشاركة به في النسخة المقبلة من مهرجان «كان» السينمائي الدولي، بالإضافة إلى مهرجاني دبي وأبوظبي، أكد أن أهم المشكلات التي تواجه السينمائيين الإماراتيين الشباب، هي غياب المظلة الداعمة لهم، سواء مادياً أو تقنياً، مضيفاً: «الإنتاج بالنسبة لنا لايزال مغامرة كبرى، ومخاطرة قد تكون نتيجتها تحمل أعباء مادية كبيرة، لا يمكن أن يغطي تكاليفها عرض العمل».

ورغم تأكيده فكرة أن مهرجاني دبي وأبوظبي السينمائيين مهدا لحراك سينمائي محلي، اجتذب الكثير من الشباب لدخول سياق الإبداع السينمائي، إلا أنه أكد أن «معظم السينمائيين الإماراتيين الشباب يعانون غياب مؤسسات تقدم خدمات مهمة لهم»، وقال «يبقى المخرج الشاب هو المسؤول الأول عن تطوير أدواته، وتدبير ميزانيات تبقى بمثابة مهمة مستحيلة لشاب لايزال بمستهل مشواره السينمائي، في ظل غياب الدعم الرسمي».

وبعيداً عن الهاجس الأساسي، الذي يمثل محوراً أصيلاً لإبداعه، في ما يتعلق بارتبـاط أعـمال عـدة لـه بالموروث الثقافي والحضاري للدولة، أشار الظاهري إلى أن «سراب نت» يعالج قضية معاصرة، يعانيها الكثير من المجتمعات العربية عموماً، مضيفاً «يدور الفيلم حول قضايا الجرائم الإلكترونية، واستغلال البعض من ذوي النفوس الضعيفة بعض الممارسات السلبية، من أجل الإيقاع بفتيات في شباك ممارسات غير مشروعة، ومرفوضة قيمياً ودينياً داخل غرف الدردشة الإلكترونية».

مزاوجة

المزاوجة بين المواهب المحلية والخبرات العالمية، خيار أصيل لدى الظاهري، الذي يلجأ في أعماله إلى مؤسسات عالمية في الخيارات الفنية، في الوقت الذي يستعين فيه بكوادر مواطنة، في ما يتعلق بالممثلين، إذ تشارك في «سراب دوت نت» مجموعة من الممثلين الشباب، منهم سعيد عاشور، وسلامة المزروعي، وعبيد الزعابي، وبدور سالم وعبدالله أبوهاجوس، فيما يشارك الظاهري، الذي يتولى الإخراج، في السيناريو الكاتب سعيد الزعابي.

وحول أوبريت «العالم يغني لزايد»، أشار الظاهري إلى أن العمل تم استيحاؤه بالأساس من قصيدة الشيخ زايد الشهيرة، المعنونة بـ«شيخ الغضاريف»، والتي يستنهض فيها عزائم شباب الوطن، لتأتي الإجابة باسم شباب الوطــن في قصيــدة «لبيه يا شيخ الغضاريف»، والتي قمنا كجهة منتجة باختبارات دقيقة، على أساس مقاييس أوبرالية أشرت إلى أن الأصلح من بين المتقدمين لغنائها، المطربة الشابة بلقيس، ليردد من خلفها مجموعة تمثل أزياءها مختلف ثقافات العالم، على نحو يتوازى مع التنوع الثقافي، الذي يتآلف ويتعايش بسلام على دار زايد الخير.

وأوضح الظاهري أن العمل، الذي دار بخلفية مستندة إلى واحدة من أقدم القلاع الإماراتية وهي قلعة الجاهلي، تضمن مشاركة نحو 50 فنياً من أميركا وفرنسا وجنوب إفريقيا، بالإضافة إلى المجاميع الفنية، وهو ما يؤكد أن المزاوجة بين الخبرات الأجنبية، والطاقات والمواهب والإبداعات المواطنة، من شأنها أن تفرز نتاجاً قادراً على المنافسة العالمية، رغم أن المحتوى يبدو بالنسبة للبعض مغرقاً في المحلية.

وأضاف الظاهري: «الملحن اليمني المعروف أحمد فتحي، كان بمثابة أيقونة مهمة، في وصول «العـالم يغني لزايد» إلى العالمية، بعد أن قـام بتـخريج مـوالفة موسيـقية بين اللـحن الكلاسيكي والأوبرالي، قبل أن تتم الاستعانة بواحد من الاستوديوهات الأميركية، الحاصلة على جوائز عالمية متعدة في هذا المجال».

تويتر