مؤلفات وأزمات

جدل حول كتاب سبق عصره

أثار كتاب «امرأتنا في الشريعة والمجتمع» وقت صدوره في ثلاثينات القرن الماضي جدلاً واسعاً، فبينما اعتبر البعض مؤلف الكتاب التونسي الطاهر الحداد (1899-1935) سابقاً لعصره، وأحد الحقوقيين المطالبين بإنصاف المرأة، رأى آخرون أن الحداد «الشيطان الرجيم»، واتهموه بالإلحاد، والرغبة في إشاعة الفاحشة، وطالبوا بتجريده من شهادته العلمية، ومنعه من الزواج. الكتاب الذي أعادت إصداره مجلة «الدوحة الثقافية» مع مقدمة للباحثة المصرية منى أبوزيد، ظهرت طبعته الأولى عام ،1930 وعدّه البعض ثورة اجتماعية في مجال حقوق المرأة. وقال الطاهر الحداد: «الإسلام فرض الواجبات والمسؤوليات على الرجل والمرأة معاً وإنهما في هذا الأمر سواء، بل إن الإسلام كان يريد أن ينير أذهانهن بالعلم والمعرفة حتى يتهيأن للحقوق التي اكتسبنها بالإسلام، ومنها حق اختيار الزوج وحق التملك الشخصي، وأهلية التصرف في أموالها بيعاً وشراء وتجارة»، حسب تقرير لـ«رويترز» عن الكتاب أخيرا. وذكرت منى أبوزيد أن الكتاب «وجد مؤيدين، لكن صوت المعارضين كان أعلى، حتى إنه (مؤلفه الطاهر الحداد) قضى السنوات الخمس الأخيرة قبل وفاته في عزلة وانطواء، بعد أن طعن في وطنيته بدعوى أن كتابه هو لخدمة الأهداف الاستعمارية، وطعن في دينه واتهم بالإلحاد، وظل الحداد بقية حياته منبوذاً إلا من قلة من الأصدقاء حتى وفاته، بسبب كتابه الذي دعا فيه إلى تحرير المرأة التونسية». وممن شنوا حملة على كتاب «امرأتنا في الشريعة والمجتمع» محمد الصالح بن مراد، إذ انتقده بكتاب «الحداد على امرأة الحداد»، «اتهم فيه الحداد بأنه الشيطان الرجيم، وأن مقصد الحداد من كتابه إشاعة الفاحشة ليهدم الدين الإسلامي، لا الدفاع عن المرأة». ومن بين الذين هاجموا الكتاب أيضا عمر بن إبراهيم البري المدني في كتابه «سيف الحق على من لا يرى الحق»، مشيراً إلى أن الطاهر الحداد «أصبح فرداً من شيعة طه حسين وسلامة موسى وأضرابهما من رؤساء الملحدين المستنيرين بدعوة التجديد والإصلاح».

تويتر